حوراء استيتو ـ الرباط
كشفت جمعية “أمازيغ صنهاجة الريف”، عن معطيات وأرقام مثيرة بعد التقرير التقرير الأخير الذي أصدرته زارة الخارجية الأمريكية حول المخدرات، والذي اعتبر أن المغرب هو أول دول منتجة ومصدرة للحشيش في العالم، وأول مزود لهذا المنتوج لأوربا، كما أن التقرير أشار إلى إنتاج القنب الهندي في الموسم الزراعي 2015-2016 بلغ 700000 طن، بقيمة تقدر بـ23 مليار دولار، أي ما يعادل 23 في المائة من الناتج الداخلي الخام للمملكة، كما أكد التقرير على ان أن المغرب لم يتمكن سوى من تقليص حجم الإنتاج بـ60 طنا فقط ما بين سنوات 2010 و 2016.
وفي ردها على هذه المعطيات، أوضحت الجمعية، أن “عائدات مزارعي الكيف البسطاء، الذين يبلغ عددهم 100000 أسرة، تصل إلى 5 مليار درهم فقط، أي بمتوسط دخل سنوي لا يتجاوز 50000 درهم للأسرة الواحدة. مما يؤكد على أن المستفيد الأول من هذه الزراعة هم تجار المخدرات وشبكات التهريب الدولية”.
وأشارت الجمعية في بيان توصلت به جريدة “24ساعة”، إلى “المنطقة تعيش أزمة اقتصادية خانقة في ظل غياب مشاريع تنموية تعود بالنفع على المنطقة، إذ تفتقر للبنية التحتية الأساسية من طرق ومستشفيات و مؤسسات تعليمية و خدماتية دون الحديث عن البنية التحتية الثقافية و الرياضية التي تكاد تكون منعدمة، الشيء الذي ساهم هجرة عدد هام من السكان في اتجاه مدن طنجة، تطوان، فاس… بحثا عن العمل ولإنسداد الأفق بالمنطقة”.
كما أكد البيان على أن “المنطقة لم تحظى بنصيبها من التنمية، وتعيش تهميشا ممنهجا على كافة المستويات لأسباب سياسية واقتصادية، فالدولة تغاضت عن انتشار الكيف بهذا الجزء الغربي لإقليم الحسيمة بعد أحداث 58/59 من أجل كسب ود الساكنة كمرحلة أولى، والتحكم فيهم فيما بعد كآلية لخلق توازن للقوى داخل الاقليم الذي يتسم جزءه الشرقي بالمواجهة مع النظام منذ الاستقلال كمرحلة ثانية. كما ان الدولة خلقت اقتصادا بديلا بالمنطقة مبني على زراعة الكيف وتجارة الحشيش للتملص من مسؤولياتها اتجاه الساكنة التي كثيرا ما تلجأ الى معاول ابنائها لفتح المسالك والطرق في غياب تام لتدخل الدولة بأعالي جبال الريف”.
وشدد البيان على أن “المنطقة تشهد غيابا تاما للاستثمارات العمومية، حيث يتم رصد جل الميزانية الموجهة لاقليم الحسيمة لمحور مشروع مدينة الحسيمة الكبرى فيما يبقى نصيب منطقة صنهاجة هزيلا وضعيفا بالمقارنة مع حجم الاستثمارات المرصودة، وإن كنا نسجل بأن أغلبية هذه الاستثمارات غير منتجة وهي موجهة للهيكلة المجالية فقط”، مضيفا أن “بعض مراكز المنطقة تشهد انتشارا مفضوحا لعصابات تقوم بترويج الكوكايين في واضحة النهار دون خوف من أي متابعة”.
وفي نفس السياق، ذكر البيان “أن الانتخابات الأخيرة شهدت مشاركة وجوه معروفة بتجارة المخدرات في المنطقة، شاركت في الانتخابات أو ساهمت في الحملات الانتخابية لبعض المرشحين الشيء الذي يفسر دور الكيف و أباطرة المخدرات في صناعة الخريطة السياسية للمنطقة التي غالبا ما تفرز منتخبين لهم علاقة مباشرة او غير مباشرة بتجارة المخدرات تكون عاجزة عن الترافع على المنطقة وتؤثر سلبا على دور وعمل الجماعات في التنمية المجالية للمنطقة”، مؤكدا على أن “المنطقة تشهد تدميرا ممنهجا لارثها العمراني و لمواردها الطبيعية من مياه جوفية وغابات ا لأرز و أمام مرأى السلطات المحلية وبتشجيع من بعض المنتخبين”.
وقالت الجمعية ذاتها، “إن مزارعي الكيف مهددون بالمتابعات بسبب الشكايات الكيدية المجهولة المنتشرة في المنطقة، والتي يستغلها بعض المنتخبين وتجار المخدرات لتصفية حساباتهم الضيقة معهم، وأن المنطقة تشهد توسعا للمساحات المزروعة بالكيف على حساب القطاع الغابوي، وليس هناك أي تدخل للدولة من أجل الحد من هذه الظاهرة على أرض الواقع”، كما أن “المنطقة تشهد اجتياحا للبذور الهجينة التي حلت محل زريعة الكيف التقليدية، حيث طفت على الساحة تجارة مربحة قائمة على بيع هذه البذور التي تصل ل 12 درهم للحبة الواحدة، بالرغم من آثارها السلبية على البيئة وعلى الصحة العقلية للمدخنين”.
وكشف البيان أن “المنطقة تعرف حصارا امنيا خانقا زاد من الأزمة و الركود الاقتصادي الذي تعرفه المنطقة، ورغم توفرها على مؤهلات سياحية و طبيعية من شأنها الدفع بعجلة تنمية المنطقة الا أن الدولة و المنتخبين لا يعيرونها ادنى اهتمام”.
وفي هذا الصدد، طالبت جمعية “أمازيغ صنهاجة الريف”، بـ”فتح تحقيق في عمليات تبييض أموال تجارة المخدرات التي تشهدها مدن الشمال، والتي أدت إلى غلاء المعيشة والعقار، وبروز نخبة اقتصادية جديدة بنت ثروتها على اقتصاد الحشيش، وكذا فتح تحقيق في مآل المساعدات المالية التي خصصتها الدولة و الإتحاد الأوربي من أجل تنمية مناطق زراعة الكيف عن طريق وكالة تنمية أقاليم الشمال، التي أنشأت خصيصا لهذا الغرض، حيث يلاحظ أن جل مشاريعها موجهة للمدن الكبرى والمناطق التي لا تزرع الكيف”.
كما طالبت الجمعية بـ”وضع حد لظاهرة ترويج المخدرات القوية (الكوكايين) التي بدأت تتنامى في مراكز معروفة بالمنطقة دون حسيب أو رقيب، وإعفاء المنتخبين المشتبه في تورطهم بعلاقات مباشرة أو غير مباشرة بتجارة المخدرات من مهامهم الحالية داخل الجماعات الترابية، ومنعهم من دخول غمار الانتخابات مجددا، وكذا مراقبة الحملات الانتخابية في المنطقة التي يمول بعضها بأموال المخدرات وإعفاء البرلمانيين الذين ثبت تورطهم في استعمال مال المخدرات في حملاتهم، إضافة إلى فتح تحقيق معمق مع رجال المياه والغابات بالمنطقة والوقوف على أسباب تستر بعضهم على التدمير الممنهج الذي تتعرض له الموارد الطبيعية من مياه جوفية وغابات للأرز أمام مرأى السلطات المحلية وبتشجيع من بعض المنتخبين. إضافة إلى إرسال لجنة تفتيش للوقوف على الخروقات التي تشوب صفقات قطع أشجار الأرز التي تستفيد منها جهة معروفة بالمنطقة”.
وطالبت الجمعية أيضا في ذات الرد بـ”تحديد عدد السجناء المتابعين في قضايا تجارة المخدرات من جهة، وزراعة الكيف من جهة اخرى، مع الاشارة إلى عدد المبحوث عنهم في هذه القضايا. إضافة إلى إيقاف العمل بالشكايات الكيدية المجهولة في مناطق زراعة الكيف من أجل قطع الطريق على المنتخبين وتجار المخدرات الذي يستغلون هذه الورقة لابتزاز المزارعين البسطاء، وتوضيح الجهات الواقفة وراء إغراق المنطقة ببذور هجينة خطيرة على البيئة وصحة الإنسان، وتحديد كيفية دخولها للمغرب دون مراقبة”.
وقدمت الجمعية المذكورة العديد من التوصيات من أجل النهوض بأوضاع الساكنة المتضررة، أهمها:”ضبط وتنظيم زراعة الكيف وتوظيفه كثروة محلية واستغلال عائداته من أجل تنمية المنطقة، إضافة إلى إنشاء وكالة وطنية مكلفة بملف الكيف تسمى: “وكالة تنمية مناطق زراعة الكيف”.
ومن بين المطالب أيضا ،” جبر الضرر الجماعي لساكنة المنطقة عن طريق تخصيص ميزانية سنوية لتنمية بلاد الكيفن وإلغاء العمل بالشكايات المجهولة في مناطق زراعة الكيفن وكذا تعديل ظهير 1974 و إلغاء البند الخاص بمعاقبة مزارعي الكيف، وإيجاد حل عادل و منصف لمشكل تحديد الملك الغابوي و تمكين الفلاحين من أوراق ثبوت ملكية أراضيهمن إضافة إلى إصدار عفو شامل عن مزارعي الكيف المتابعين بتهم زبر الغابة أو زراعة الكيف، مع تمتيع مزارعي الكيف بحقوق المواطنة الكاملة وفق ما نص عليه دستور 2011، فضلا عن تغيير المقاربة الأمنية التي تتبناها الدولة بالمنطقة بمقاربة تنموية شمولية تستهدف المواطن البسيط بالدرجة الأولى”.
وعلى المتوى الإجتماعي، طالبت الهيئة ذاتها بـ”إحداث عمالة إقليم “صنهاجة” مستقلة عن إقليم الحسيمة، كآلية تنموية للمنطقة المعروفة بزراعة الكيف بتراب هذا الأخير، وتأهيل البنية التحتية و الاستقبالية لتاركيست حاضرة صنهاجة وباقي المنطقة، و إخراج المدينة الجديدة بإساكن للوجودن إضافة إلى تأهيل وتثمين شواطئ طوريس، كلايريس، سبعة البيبان، تاغزوت وجعلها مناطق جذب سياحية، وكذا خلق نواة جامعية بالمنطقة و مدرسة وطنية غابوية للمهندسين، فضلا عن تأهيل وتنويع الشبكة الطرقية بالمنطقة وفتح مسالك جديدة تفك الغزلة عن قرى المنطقة، مع خلق منتزه وطني بتدغين وتيزي فري، والكف عن سياسة إفراغ المنطقة من نخبها وذلك بتعيينهم في تراب إقليمهم أو جهتهم من أجل المساهمة في تنمية المنطقة، عوض إرسالهم للعمل بمدن بعيدة في إطار مسلسل التهجير القسري”.