24 ساعة – متابعة
استنكرت الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة – ترانسبرانسي المغرب – ما وصفته بالاستخفاف الخطير بأمن المعطيات الشخصية للمواطنين، معتبرة أن ما وقع من تسريبات على نطاق واسع يشكل تهديدا مباشرا للسلم العائلي والاجتماعي، ومساسا خطيرا بالأمن الوطني، خاصة في ظل غياب تواصل مسؤول من طرف المؤسسات المعنية.
وأكدت الجمعية، في بيان لها أن التسريبات السيبرانية التي طالت مؤسسات حكومية من بينها وزارة التشغيل والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، كشفت عن ضعف بالغ في تأمين قواعد البيانات والمعطيات الحساسة، بما يتعارض مع الدستور المغربي الذي يضمن حماية الحياة الخاصة، ومع أحكام القانون رقم 08-09 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي.
وأعربت الجمعية عن إدانتها لطريقة تعامل الجهات المعنية مع الأزمة، إذ لم تبادر إلى تقديم الاعتذار أو طمأنة المتضررين من المواطنين والمؤمَّنين والشركات، بل لجأت إلى لغة التهديد والوعيد، في وقت غاب فيه أي توضيح رسمي من الوزارات الوصية.
وفي هذا الإطار، دعت ترانسبرانسي المغرب إلى الكشف الفوري عن الاستراتيجية الوطنية الخاصة بالأمن المعلوماتي، وتوضيح دور الهيئات الرقابية المعنية، وعلى رأسها اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، والمديرية العامة لأمن نظم المعلومات.
كما طالبت بإعداد تقارير دورية حول أنشطة هذه الهيئات، وكشف أسماء الجهات التي تستفيد من عقود الاستشارات والتدقيق وبيع البرمجيات والأجهزة الأمنية، مشددة على ضرورة التحقق من وجود تضارب مصالح في هذه العمليات.
وحسب المصدر ذاته، دعت الجمعية إلى، فتح تحقيق قضائي عاجل تحت إشراف النيابة العامة لكشف المسؤوليات، وتشكيل لجنة برلمانية لتقصي الحقائق، وكذلك تحديد الفجوة المسموح بها بين أعلى وأدنى الأجور في القطاعين العام والخاص، انسجاماً مع المعايير الدولية للحكامة الجيدة، إضافة إلى الإعلان عن نتائج طلب العروض رقم 15/2021 المتعلق بدعم الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في مجال حماية المعطيات.
وفيما يخص قضية دعم استيراد اللحوم، عبرت ترانسبرانسي المغرب عن قلقها من تضارب المصالح وسوء تدبير الموارد المالية، خاصة بعد فشل الحكومة في تحقيق الهدف المعلن، والمتمثل في خفض أسعار اللحوم وأثمان أضحية العيد، رغم تخصيص مبلغ ضخم قدره 13.3 مليار درهم.
وأكدت الجمعية، بناء على معطيات وتصريحات حكومية وصحفية، أن العملية شابتها اختلالات كبيرة، من أبرزها استفادة بعض الفاعلين من تسريب معلومات قبل صدور المرسوم المنظم للدعم، وهو ما يشكل جريمة “التداول من الداخل” أو “استغلال المعلومات السرية لتحقيق مصالح شخصية”.
وطالبت الجمعية في ذات البيان، بالكشف عن شروط الاستفادة من هذا الدعم، ومدى احترام المعايير القانونية من قبل المستفيدين والمسؤولين عن تنفيذ هذه العملية، داعية إلى استرجاع المبالغ المالية التي لم تحقق أهدافها، وترتيب الجزاءات القانونية المناسبة.
كما عبرت عن استغرابها من رفض فرق الأغلبية داخل البرلمان تشكيل لجنة لتقصي الحقائق، معتبرة ذلك تهربا من الرقابة المؤسساتية.
وفي قضية ثالثة لا تقل أهمية، عبرت الجمعية عن قلقها العميق إزاء ما وصفته بتجاوزات خطيرة تمثلت في هدم مساكن المواطنين بعدد من المدن المغربية، خاصة في الرباط (دوار العسكر) والدار البيضاء (المدينة العتيقة)، حيث جرى ترحيل الأسر المتضررة في ظروف صعبة، تزامنا مع السنة الدراسية وقرب شهر رمضان، وبدون تعويض عادل أو احترام للمساطر القانونية.
وسجلت الجمعية عمليات ترهيب مورست على سكان حي المحيط بالرباط، لحثهم على بيع منازلهم بأثمان جزافية لصالح جهات لم يتم الكشف عنها، كما تم الضغط على المكترين لإخلاء مساكنهم تحت ذريعة “تفعيل تصميم تهيئة المدينة”، مشيرة إلى أن هذه السلوكيات لم تمارس في مناطق تعود ملكيتها لشخصيات نافذة أو شركات كبرى، وهو ما يطرح تساؤلات حقيقية حول مبدأ المساواة أمام القانون.
واعتبرت الجمعية أن ما يجري يكرس منطق الكيل بمكيالين في تطبيق القانون، حيث يتم احترام مساطر نزع الملكية في بعض الحالات، وتجاهلها تماما في حالات أخرى، داعية السلطات العمومية إلى كشف الأسباب الحقيقية وراء هذه التناقضات، وضمان احترام القانون ومبادئ العدالة في جميع العمليات المرتبطة بإعادة التهيئة أو توسيع المدن.
وخلصت هذه الأخيرة في بيانها إلى دعوة الحكومة إلى نشر نتائج التحقيقات المرتبطة بهذه القضايا الثلاث بشفافية تامة، معتبرة أن احترام الحق في المعلومة والمساءلة المؤسساتية هو السبيل الوحيد لاستعادة ثقة المواطنين وتعزيز أسس دولة القانون.