في الوقت الذي تبادر فيه الدولة المغربية، مشكورة باتخاذ مجموعة من الإجراءات الاحترازية، وتعميم حملات التوعية والتحسيس بخطر انتشار فيروس كورونا المستجد، نفاجأ للاسف الشديد، بإصرار البعض من الناس سامحهم الله على نشر صور وبث فيديوهات تشيع عدم الإحساس بالأمن، تظهر أن أصحابها من منعدمي الإحساس بالمسؤولية الوطنية والتي تقتضيها طبيعة المرحلة التي تمر منها بلادنا، هم في واد، وتوجيهات الدولة في واد آخر.
للاسف، أن تطور استعمال التكنولوجيا الرقمية اليوم، وتوفر حوالي 47 بالمائة من المغاربة على حسابات في مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، ووجود 23 مليون اشتراك في الانترنت، يجعل من انتشار مثل هاته الفيديوهات المخالفة للقانون، والتي تثير الرعب والتهويل أمرا خطيرا ينبغي التصدي له بكل حزم، وهو الأمر الذي بادرت مديرية الأمن الوطني، بكل وطنية صادقة، لمكافحته عبر فرق مكافحة الجرائم الالكترونية التابعة لها، والمكونة من خيرة عمداء وضباط شرطة، هم خلايا نحل و فريق متكامل من المحققين، وضعوا أنفسهم رهن إشارة الوطن للحفاظ على أمنه وسلامة مواطنيه، يتأكدون من الأخبار الغير الصحيحة التي تنتشر كالنار في الهشيم، حفاظا على أمن الفضاء الافتراضي داخل مجتمعنا المغربي في مثل هاته الظروف العصيبة.
فبغرض التصدي للشائعات والأخبار الرقمية الزائفة، أحدثت المديرية العامة للأمن الوطني مشكورة لجنة لليقظة والرصد، من أجل التحقق من مضامين الشائعات الخبيثة، التي تتضمنها بعض الفيديوهات المضللة للناس، ومن تم العمل على توعية المواطنين، لكي يتصدوا بكل حزم للأخبار الكاذبة وعدم تصديق مضامينها التي تثير الرعب والفتنة، فقد بادرت الفرق الأمنية المتخصصة بالتحري، لمعرفة مصدرها وتحليلها تقنيا ثم الكشف عن هوية ناشريها لإعمال القانون.
هنا لا بد لنا أن نشيد بالإجراءات القانونية التي تم تفعيلها ضد بعض المستهترين بسلامة وأمن البلاد، ونحيي عاليا يقظة رجال ونساء الأمن، والسلطات المحلية مشكورين، وعموم المواطنين الذين واجهوا مثل هذه الممارسات المشينة.
كما استبشرنا خيرا اليوم الخميس، بالاجراء الحكومي الداعم لجهود وعمل نساء ورجال أمننا الوطني، حيث تمت المصادقة على مشروع قانون رقم 22.20 يتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح والشبكات المماثلة، قدمه السيد وزير العدل.
وقد جاء إعداد مشروع هذا القانون في سياق التدابير القانونية والمؤسساتية التي تقوم بها المملكة المغربية، لمكافحة الأنماط المستجدة من الجريمة الإلكترونية وتقوية آليات مكافحتها دون المساس بحرية التواصل الرقمي باعتباره صورة من صور ممارسة حرية التعبير المكفولة دستوريا.
وهو بذلك يستهدف سد الفراغ التشريعي الذي تعاني منه المنظومة القانونية الوطنية لردع كافة السلوكات المرتكبة عبر شبكات التواصل الاجتماعي والشبكات المماثلة، من قبيل نشر الأخبار الزائفة وبعض السلوكات الاجرامية الماسة بشرف واعتبار الأشخاص أو القاصرين، خاصة في مثل الظرفية الحالية التي يعرفها العالم، وتعيشها بلادنا، والمرتبطة بتفشي فيروس كورونا “كوفيد 19”.
ويتضمن المشروع الجديد،عددا من المستجدات والمقتضيات الجديدة، تتمثل أساسا في ما يلي :
التنصيص على ضمان حرية التواصل الرقمي عبر شبكات التواصل الاجتماعي و شبكات البث المفتوح و باقي الشبكات المماثلة، شريطة عدم المساس بالمصالح المحمية قانونا. والإحاطة بمختلف صور الجرائم المرتكبة عبر شبكات التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح والشبكات المماثلة، لاسيما تلك التي تمس بالأمن العام والنظام العام الاقتصادي، ونشر الاخبار الزائفة والسلوكات الماسة بالشرف والاعتبار الشخصي للأفراد، وكذا بعض الجرائم التي تستهدف القاصرين.
التنصيص على الالتزامات الواقعة على عاتق مزودي خدمات شبكات التواصل الاجتماعي، ووضع مسطرة فعالة وشفافة للتصدي للمحتويات الإلكترونية غير المشروعة.
ومن جديد هذا القانون ايضا، إقرار جزاءات إدارية في مواجهة مزودي خدمات شبكات التواصل المخلين بالالتزامات الواقعة على عاتقهم. لايسعنا إلا ان نصفق لمثل هاته التدابير، ونحيي عاليا تفاني نساء ورجال الأمن، ورجال الدرك والقوات المساعدة ووعناصر السلطة المحلية والقوات المسلحة الملكية، ونساء ورجال الصحة وعموم المسؤولين في بلادنا، ونسأل من العلي القدير ان يحفظ ملكنا الهمام صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله. وحفظ الله بلادنا وشعبنا من كل مكروه او سوء. آمين.
عبد الرزاق الزرايدي بن بليوط
رئيس مجموعة رؤى فيزيون الإستراتيجية