إعداد-زينب لوطفي
الرياضيون المغاربة ليسوا مجرد أبطال في ميادينهم، بل هم رموز للعزيمة والإرادة التي تعكس قيم الانضباط، الصبر، والعمل الجاد.
في رمضان، حيث تتعزز الروح الإنسانية والتضامن، نلتقي مع هؤلاء الأبطال الذين استطاعوا أن يصبحوا قدوة للأجيال الجديدة، محققين إنجازات عظيمة على المستويين الوطني والدولي.
كل حلقة من هذه السلسلة ستأخذنا في رحلة عبر مسيرة أحد الرياضيين المغاربة، نستعرض خلالها أبرز محطات حياته المهنية والشخصية، وكيف تحدى الصعاب ليصل إلى القمة.
إن قصصهم تحمل في طياتها دروسًا في القوة الداخلية والتفاني في العمل، مما يجعلها مصدر إلهام لكل متابع.
انضموا إلينا في هذه الرحلة الرمضانية المميزة عبر جريدة “24 ساعة” الإلكترونية، وتعرفوا على أبطال المغرب الذين رفعوا اسم بلدهم عاليًا في مختلف المحافل الرياضية.
الحلقة السابعة عشرة
في ذاكرة كرة القدم المغربية، يظل اسم جواد الزايري حاضرا بقوة، كواحد من أكثر اللاعبين مهارة وإمتاعا فوق المستطيل الأخضر، جناح مغربي أبهر الجماهير بفنياته المذهلة، وسحر عشاق المستديرة بأسلوب لعبه البارع.
وُلد جواد الزايري في أحد دواوير مدينة تازة، لكنه لم يعش فيها طويلا، حيث انتقل رفقة عائلته إلى فرنسا وهو في سن مبكرة لا تتجاوز السنتين، هناك، نشأ وسط أحياء مدينة ماكون الفرنسية، حيث بدأ في مداعبة الكرة، قبل أن تأخذه موهبته إلى عالم الاحتراف.
في سن السابعة عشرة، التحق بنادي غويونيون الفرنسي، الممارس في الدرجة الثانية، ليكون ذلك أولى خطواته نحو النجومية.
في عام 2001، لفت الزايري أنظار نادي سوشو، الذي سارع إلى ضمه بناء على توصية مدربه جين فيرنانديز، حيث قدم مع الفريق مستويات رائعة بفضل مهاراته العالية في المراوغة وصناعة الأهداف، ورغم أن التجربة مع سوشو كانت ناجحة، إلا أن مسيرته بعد ذلك اتسمت بالتنقل بين عدة أندية في أوروبا وآسيا.
في يناير 2006، خاض تجربة في الدوري السعودي مع اتحاد جدة، لكنها لم تدم طويلا بسبب الإصابة، ليعود بعدها إلى أوروبا، متنقلا بين بوافيشتا البرتغالي ونانت الفرنسي، قبل أن يحط الرحال في اليونان، حيث لعب لنادي أستيراس تريبوليس، ثم انتقل إلى أولمبياكوس عام 2009، ليحقق معه لقب الدوري اليوناني وكأس اليونان، وهو أحد أفضل إنجازاته الجماعية في مشواره.
بعد مغادرته أولمبياكوس عام 2011، لعب لفريق باس جيانينا، ثم انتقل إلى أنورثوسيس فاماغوستا القبرصي، قبل أن يخوض آخر تجاربه مع زكينتوس اليوناني عام 2017، ليعلن اعتزاله كرة القدم في نفس السنة.
حمل جواد الزايري قميص المنتخب المغربي لأول مرة في 2 دجنبر 2000، في مباراة ضد الغابون، تحت قيادة المدرب الوطني سعيد الخيدر، ورغم خسارة المنتخب يومها، إلا أن الزايري قدم أداء رائعا، أكد من خلاله أنه موهبة قادمة بقوة.
مع قدوم بادو الزاكي لتدريب “أسود الأطلس”، أصبح الزايري لاعبا اساسيا في تشكيلة المنتخب، وساهم بشكل كبير في وصول المغرب إلى نهائي كأس أمم إفريقيا 2004، للمرة الثانية في تاريخه بعد التتويج الوحيد عام 1976، في تلك البطولة، قدم الزايري مستوى استثنائيا، وكان أحد أبرز نجومها، خاصة بمراوغاته الساحرة وتمريراته الحاسمة، لكن الحلم المغربي اصطدم بالواقع في النهائي، حيث خسر “الأسود” أمام تونس 2-1.
خلال مسيرته الدولية، خاض الزايري 34 مباراة مع المنتخب المغربي، وسجل 6 أهداف، كان أبرزها هدفه الثالث في مرمى المنتخب الجزائري خلال كأس أمم إفريقيا 2004، وهو هدف لا يزال عالقا في ذاكرة الجماهير المغربية.
برحيله عن الملاعب ترك جواد الزايري بصمة لا تمحى في تاريخ كرة القدم المغربية، كنجم مهاري استثنائي أمتع الجماهير وألهم أجيالا من عشاق المستديرة، ورغم أن مسيرته شهدت الكثير من التنقلات، إلا أن لحظاته الذهبية مع المنتخب الوطني، خاصة في كأس أمم إفريقيا 2004، ستظل محفورة في ذاكرة المغاربة.