24 ساعة-عبد الرحيم زياد
حلّ وزير الشؤون الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، اليوم السبت 12 أبريل 2025، بجمهورية إثيوبيا. في إطار جولة دبلوماسية شملت تونس ومن المتوقع أن تشمل دولًا إفريقية أخرى. تأتي هذه الزيارات في سياق توجس الجزائر من تغيرات مرتقبة في مواقف عواصم إفريقية مؤثرة، كانت تقليديًا تدعم أطروحة جبهة البوليساريو في نزاع الصحراء المفتعل. وذلك على خلفية الدعم الدولي المتزايد للسيادة المغربية على الصحراء. خاصة بعد تأكيد الولايات المتحدة الأمريكية موقفها الداعم للمقترح المغربي.
إثيوبيا: تحول محتمل في المواقف
تُعد إثيوبيا من الدول التي حافظت على علاقات مع البوليساريو. لكنها في السنوات الأخيرة أظهرت مواقف أكثر توازنًا، حيث رفضت السياسات الجزائرية المدعومة من جنوب إفريقيا. والتي حاولت تحويل الاتحاد الإفريقي إلى منصة لمهاجمة الوحدة الترابية للمغرب.
كما دعمت أديس أبابا عودة المغرب إلى المنظمة الإفريقية في 2017، وعملت على تعزيز علاقاتها مع الرباط، مما يجعلها مرشحة للانضمام إلى الدينامية الدولية الداعمة لحل نزاع الصحراء في إطار السيادة المغربية.
ويزداد هذا الاحتمال أهمية بسبب موقع إثيوبيا المؤثر في القرن الإفريقي. واحتضانها لمقر الاتحاد الإفريقي، مما يمنحها دورًا محوريًا في تشكيل المواقف القارية.
تأثير الدعم الأمريكي
يُعتبر تأكيد الولايات المتحدة دعمها لسيادة المغرب على الصحراء، كما أُعلن في لقاء بين وزير الخارجية الأمريكي وناصر بوريطة في 8 أبريل 2025، محطة مفصلية في هذا النزاع المفتعل. هذا الموقف، الذي يعزز الاعتراف الأمريكي التاريخي عام 2020، يدعم مقترح الحكم الذاتي كحل سياسي واقعي. وهو ما يتماشى مع قرارات مجلس الأمن الدولي.
هذا الدعم يُتوقع أن يدفع الملف نحو مرحلة جديدة تتركز على ترسيخ المبادرة المغربية كمرجعية وحيدة للحل، مما يضع ضغوطًا على الدول الإفريقية التي كانت تدعم البوليساريو لمراجعة مواقفها والانخراط في هذه الدينامية الدولية.
تحولات إفريقية متوقعة
يرى مراقبون أن الدول الإفريقية الداعمة تقليديًا للبوليساريو قد تبدأ في إعادة تقييم مواقفها. مدفوعة بوعي متزايد بضرورة تبني حلول واقعية تضمن الاستقرار والتنمية الإقليمية. هذا التحول يتزامن مع تقارب سياسي واقتصادي مع المغرب، الذي بات شريكا موثوقا وفاعلا في القارة الافريقية. على سبيل المثال، إثيوبيا نفسها طورت علاقات وثيقة مع المغرب في السنوات الأخيرة، مما يعزز احتمالية انضمامها إلى الدول الداعمة للمقترح المغربي.
قلق الجزائر من تراجع نفوذها
خلال زيارته الأخيرة إلى تونس، عبر أحمد عطاف عن قلق الجزائر من “الأوضاع المحيطة بها”. واصفًا إياها بأنها “لا تبشر ولا يرتاح لها بال”. هذه التصريحات تؤكد على أنها تعكس انزعاج الجزائر من التحولات الإقليمية المتسارعة. بما في ذلك تدهور علاقاتها مع دول الساحل وفشل سياساتها في ملف الصحراء. كما يؤكد إقرارًا ضمنيًا بتراجع نفوذها المغاربي والإفريقي، في ظل النجاحات الدبلوماسية المغربية المتتالية. التي حظيت بدعم قوى دولية كبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا. إلى جانب عدد متزايد من الدول الإفريقية.
سياق الجولة الدبلوماسية
تأتي جولة عطاف الإفريقية في إطار محاولة الجزائر لمواجهة النفوذ المغربي المتزايد وتعويض خسائرها الدبلوماسية في قضية الصحراء. فقد سبق لعطاف أن قام بجولات مماثلة إلى دول مثل بوروندي، أوغندا، وأنغولا. حاملًا رسائل من الرئيس عبد المجيد تبون، في محاولة لتعزيز التعاون الثنائي مع هذه الدول مع إقحام قضية الصحراء في المحادثات. وهو ما يؤكد استمرار الجزائر في استخدام هذا الملف كأداة دبلوماسية رغم تراجع تأثيرها.