الرباط-عماد المجدوبي
بعد سنوات من التكتم والابتعاد عن الأضواء، عاد أنس الصفريوي، رئيس مجموعة “الضحى” العقارية، ليتصدر واجهة المشهد الاقتصادي المغربي، معلنًا عن نفسه كأغنى رجل في المملكة.
عودة المليادير إلى الواجهة، أتى بعد مرحلة صعبة، كان آخرها، وفق مجلة ”جون أفريك”، إعلان صحيفة “ذا صن” البريطانية في 20 أبريل الماضي عن رغبة الصفريوي في شراء نادي “شيفيلد وينزداي” الإنجليزي، سرعان ما انتشر كالنار في الهشيم وأثار غضب الملياردير المغربي المعروف بتحفظه، والذي سارع لنفي الخبر عبر مقربين منه.
لا شك أن الصفريوي يمتلك الإمكانيات الكافية لتحقيق مثل هذه الصفقات، فثروته المقدرة بـ1.6 مليار دولار أعادته بقوة إلى تصنيف “فوربس” الشهير، حيث يتصدر قائمة أغنى الشخصيات في المغرب، متساوياً مع عثمان بنجلون، الرئيس المدير العام لـ”بنك إفريقيا” (BOA)، ومتقدماً على عزيز أخنوش، رئيس الحكومة المغربية الحالي.
ثروة الصفريوي لم تعد محصورة في العقارات فحسب، بل تمتد لتشمل الإسمنت والصناعة الدوائية وغيرها، فبعد سنوات من التراجع، “الضحى عادت لتصبح ماكينة نقدية كما كانت”. ويؤكد خبير مطلع على عائلة الصفريوي، للمجلة الناطقة الفرنسية، مضيفًا أن غياب المؤتمرات الصحفية للمجموعة منذ عشر سنوات جعل هذا التحول يمر دون ضجيج.
في سنة 2024، أظهرت المجموعة صحة مالية قوية: رقم أعمال بلغ 2.6 مليار درهم (246 مليون يورو، بزيادة 22%)، وارتفاع صافي الأرباح بنسبة 61% (إلى 304 ملايين درهم)، مع نحو 100 مشروع قيد التنفيذ، منها 25 في غرب إفريقيا.
وقد بلغت المبيعات المسبقة للمجموعة 10697 وحدة في 2024، بزيادة 15% عن 2023، مساهمة فروع غرب إفريقيا بـ 21% من هذه المبيعات، ما يؤمن رقم أعمال يقارب 900 مليون يورو.
تتجاوز أنشطة الصفريوي شركة “الضحى” المدرجة في بورصة الدار البيضاء، فهو حاضر بقوة في صناعة الإسمنت عبر “إسمنت الأطلس” (Cimat) في المغرب، و”إسمنت إفريقيا” (Cimaf) في غرب إفريقيا، و”Vracs de l’Estuaire” في فرنسا.
كما دخلت مجموعته العائلية القابضة “أومنيوم الصناعات والترويج” (OIP) مؤخرًا صناعة الأدوية بالاستحواذ على مختبر “أفريك فار” المغربي، الذي تأسس سنة 1965 ويديره ابنه مالك الصفريوي، ويحقق رقم أعمال يزيد عن 500 مليون درهم.
يؤكد مصدر مقرب من المجموعة لـ ”جون أفريك”، أن “هذا قطاع واعد للغاية يدر سنوياً أكثر من 15 مليار درهم من رقم الأعمال”، مشيرًا إلى أن الصفريوي يسعى أيضًا للاستثمار في القطاع الزراعي، مما يؤكد أن “أعمال الصفريوي في تطور كامل”.
بدأ الصفريوي مسيرته في استغلال منجم غاسول مع والده ثم أسس “الضحى” في 1988 وحقق ثروة سريعة بفضل برامج الإسكان الاجتماعي، ثم طرح مجموعته في البورصة سنة 2006 واشترى الفرع المغربي لـ”فادسا” الإسبانية في 2007، انطلق الصفريوي لغزو السوق الأفريقية جنوب الصحراء في 2012.
لكن الصفريوي، ورغم معرفته برموز السلطة، ارتكب خطأ فادحًا كلفه سنوات من التكتم، ففي المغرب وبقية القارة، ادعى الصفريوي دعم الملك محمد السادس لمشاريعه. وأدى هذا خطأ الجسيم إلى استدعائه في يوليوز سنة 2015 من قبل وزارة الداخلية، التي كانت برئاسة محمد حصاد آنذاك، والتي أمرته بوقف استغلال اسم الملك لصالح أعماله.
كان الصفريوي قد شعر بالفعل بأن الرياح تتجه ضده قبل ذلك بعام، عندما استُبعد من قائمة المدعوين لحفل زفاف الأمير مولاي رشيد، شقيق محمد السادس. كما كتبت صحيفة “360” حينها، “كان يعتقد، بهذه الحيلة، أنه يستطيع التأثير على بعض القرارات أو تسريع الإجراءات. ومع ذلك، كان المطلعون يعلمون أن الصفريوي، منذ فترة، لم يعد يحظى بالرضا في القصر الملكي. واستدعاؤه من قبل وزير الداخلية يشبه تحذيراً يبدو وكأنه نقطة اللاعودة”.
ودفع هذا الموقف الرسمي الصفريوي للابتعاد عن الأضواء وتبني سياسة إعلامية أكثر تحفظًا، مما أثر على حضوره العلني لسنوات.