الرباط-عماد مجدوبي
بعد أن فشل في عقده في أجله القانوني منذ أزيد من سنة, أصبح حزب الاستقلال مجبرا على عقد مؤتمره شهر أبريل المقبل, وهو الموعد الذي حددته وزارة الداخلية كشرط لعدم حرمانه من التمويل العمومي.
حزب علال الفاسي وأحمد بلافريج أصبح في وضع لا يحسد عليه, فالفرقاء المتنازعين داخله وجدوا أنفسهم مكبلين بقانون الاحزاب السياسية ليجدوا مخرجا للمنعرج الذي أدخلوا تنظيمهم السياسي فيه بسبب طموحات شخصية لقيادات تسعى للهيمنة على أجهزته, وهو ما تسبب في بلوكاج شل اجهزة الحزب رغم محاولات رأب الصدع .
ويتخوف الاستقلاليون من تكرار سيناريو حميد شباط الذي صعد الى كرسي الأمانة العامة وتسبب في شل حكومة بنكيران ومغادرة سفينتها بسبب رفضه التعديل الحكومي والحاق مستوزرين موالين بها, وهو ذات السيناريو الذي يطمح اليه تيار حمدي ولد الرشيد ومعه المهم ميارة زعيو الاتحاد العام للشغالين بالمغرب الجناح النقابي للميزان, و أيضا عبد الصمد قيوح المتحكمين في الحزب والجنوب عموما, لكن طول الأزمة وانذار وزارة الداخلية سيفرض على الاخوة المتصارعين التنازل عن مطالب كل فريق والتفكير في صيغة توافقية والتمتع بنكران الذات ووضع الطموحات الشخصية والعائلية والمناطقية جانبا واستحضار المصلحة العليا لتنظيم له رصيد تاريخي في مغرب الأمس واليوم.
مؤتمر الحزب المقبل يفترض أن يرفع شعار عودة الحياة الى التنظيم بدون غالب ولا مغلوب, فاستمرار الصراع قد يؤدي الى الانشقاق, وبالتالي اضعاف مكانة الحزب في المشهد السياسي والحزبي , بل قد يعصف بأغلبية التحالف الحكومي, مع ما يترتب عن ذلك من أزمة حكومية غير مسبوقة.
ويبدو أن الاستقلاليات والاستقلاليين وجدوا أخيرا الوصفة المغيبة وهي لا خاسر ولارابح التي تعني تأجيل الصراعات والخلافات بينهم الى حين. وهو ما سيدفع قيادة الحزب مرغمة الى التوافق على صيغة جماعية ترضي كل الاطراف بتشكيل قيادة جماعية على غرار الأصالة والمعاصرة تتشكل من أقطاب التيارات داخل الحزب, دون استبعاد امكانية ارضاء بعض القادة أوالمطالبة بتعديل جزئي في الحكومة أو اقتراح مكافأة البعض منهم كسفراء كما جرت العادة في العقود السابقة.
كما ينتظر أن يتم تجاوز الخلاف بين بركة وولد الرشيد الذي يصر على تقليص عدد أعضاء المجلس الوطني إلى 500 عضو بدل 1200، وسحب العضوية بالصفة في المجلس من أعضاء مجلسي النواب والمستشارين والمفتشين.
ذلك ما سيتأكد بعد انعقاد اللجنة التنفيذية للحزب في القادم من الأيام والتي ينتظر أن تحسم في موعد عقد مؤتمره المؤجل وترتيباته في أفق حسم المجلس الوطني في التعديلات التي ستقترح على المؤتمر المنتظر.
وفي انتظار ذلك, فان الاستقلاليين مطالبين بايجاد حل سريع , وانهاء حالة الاحتقان الذي جعله يشتغل منذ أزيد من سنتين خارج القانون، وهو وضع غير مقبول بالنسبة لحزب يساهم في تدبير الشأن العام وأحد أقطاب التحالف الحكومي”، خاصة ان المادة 49 من القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية تنص صراحة على أنه “يتعين على كل حزب سياسي أن يعقد مؤتمره الوطني على الأقل مرة كل أربع سنوات، وفي حالة عدم عقده خلال هذه المدة يفقد حقه في الاستفادة من التمويل العمومي، ويسترجع هذا الحق ابتداء من تاريخ تسوية وضعيته”.
ان استمرار هذا الوضع يضع الحزب في حرج كبير أمام أعضائه، خاصة أنه ظل يقدم نفسه كأحد الأحزاب الوطنية المدافعة عن الديمقراطية, ولذلك فان المؤتمر المقبل هو المحك الحقيقي للديمقراطية الداخلية الحزبية, ولهذا ينتظر ان يبدع بدوره ويبتكر الحل لضمان استمراريته.