24 ساعة-متابعة
يستعد الوسط الثقافي المغربي لاستقبال عمل جديد يحمل بين دفتيه ذاكرة جمعية وشهادة إنسانية فريدة، حيث سيشهد رواق المكتب الوطني بالرباط، يوم الجمعة 4 أبريل الجاري، حفل توقيع كتاب “ميموزا – سيرة ناج من القرن العشرين” للشاعر والكاتب الحقوقي صلاح الوديع.
وتصدر هذه المذكرات عن المركز الثقافي للكتاب في 600 صفحة، وهي ليست مجرد سيرة ذاتية عادية، بل هي وثيقة تاريخية وأدبية تسجل بأسلوب شعري أخاذ تجربة جيل عايش فترة “سنوات الرصاص”.
وقال الوديع عن دوافعه للكتابة: “أكتب عَمَّا عشته – ربَّما – حتَّى لا تمحوه الأيَّام. أكتب لأنَّ الحياة ذاتَها – بما هي حياة – معجزةٌ تستحقُّ أن تُروى. أكتب لأنَّ لكلِّ تجربة فرادةً وقيمةً في حدِّ ذاتها، باعتبارها معيشاً إنسانيَّاً مُتفرِّداً يستحقُّ أن يُحكى”
ويوثق الكتاب مسارا ثلاثي الأبعاد: سيرة المعتقل السياسي المنحدر من عائلة مناضلة، ومسيرة الشاعر الحساس، وانخراط الكاتب لاحقا في هيئة الإنصاف والمصالحة.
وهذا الثلاثي يمنح العمل عمقا استثنائيا، حيث تتداخل الذاكرة الفردية مع التاريخ الوطني.
في مقطع مؤثر من الكتاب، يروي الوديع: “كان لي يقين طفل بأن الأرض انشقَّتْ عن ميموزا لأجلي، ثمَّ تنازلتُ عنها بمحض إرادتي، للآخرين، فانتشرتْ في الأرض إلى اليوم. ميموزا الَّتي لا تشبهها شجيرة لا في الأرض ولا في السَّماء”
والجدير بالذكر، أن هذا العمل لا يقتصر على سرد الأحداث، بل يقدم رؤية تأملية نادرة لعلاقة الفرد بالتاريخ، حيث يكشف الكاتب عن لحظات مصيرية مثل لقائه مع القاضي الذي حكم عليه: “أذكر جيِّداً يومَ وجدْتُ نفسَي وجهاً لوجه مع القاضي، القاضي الظَّالم الَّذي ترأَّسَ المحاكمة الَّتي أرسلَتْ عشرات الشَّباب اليافعين إلى غياهبِ السُّجون قرونا من الزَّمن”
ويختتم الوديع مذكراته برمزية عميقة، حيث يحتفظ في مكتبه براية المغرب التي أخذها من قاعة المحكمة: “هذه الراية هي كلُّ ما أخذتُه خلسةً من الدَّولة، وستبقى لأحفادي”
ويجمع هذا العمل بين الشعرية والسرد التوثيقي، يمثل إضافة نوعية للأدب السجني المغربي، ويكشف عن قدرة الأدب على تحويل المعاناة إلى جمالية، والماضي إلى درس للحاضر والمستقبل.
وسيكون حفل التوقيع فرصة للقاء مباشر مع الكاتب واستكشاف هذه الرحلة الإنسانية الاستثنائية التي تستحق القراءة والتأمل.