مع انطلاق السنة الجديدة، يجد المغرب نفسه أمام مشهد سياسي واقتصادي واجتماعي تتزايد فيه التحديات، مما يجعل حكومة عزيز أخنوش أمام اختبارات مصيرية قد تعيد تشكيل ثقة المواطن في السياسة أو تهوي بها إلى المزيد من الانكماش، وهي على أبواب استحقاقات 2026.
سنة 2025، ورغم الإجراءات التي أعلنت عنها الحكومة وكلفت ميزانية كبيرة، لم تخلُ من انتقادات لاذعة بسبب ما اعتبره البعض بطءً في تنفيذ الإصلاحات الكبرى التي وعدت بها الحكومة. لذا، فإن سنة 2025 قد تكون بمثابة الامتحان الأكبر لهذه الحكومة، في ظل تراكم ملفات حارقة تتطلب حلولًا فورية واستراتيجيات بعيدة المدى.
أبرز هذه الملفات يظل ملف التضخم وغلاء المعيشة، الذي أرهق جيوب المواطنين ووسع الهوة بين الطبقات الاجتماعية. ومع استمرار تأثير الأزمات الدولية على الأسعار، يبدو أن الحكومة مطالبة بإجراءات أكثر جرأة لتخفيف العبء، سواء عبر تحسين الدعم الموجه للفئات الهشة أو تعزيز الرقابة على الأسواق. فالمواطن المغربي ينتظر إشارات وإجراءات ملموسة قادرة على كبح جماح الأسعار وإعادة التوازن..بدل ان تستمر اللحوم مثلا بأسعار تفوق المائة درهم للكيلوغرام.
إلى جانب ذلك، يقف ملف البطالة كجرح نازف في جسد الاقتصاد الوطني. الشباب المغربي، بخاصة حاملي الشهادات، يترقب خطوات جادة لتحفيز الاستثمار وخلق فرص عمل كفيلة بامتصاص البطالة المتفاقمة. وهنا، لا يكفي إطلاق المبادرات والمشاريع الكبرى فقط، بل يتطلب الأمر سياسات تتسم بالواقعية والنجاعة، مع توفير بيئة أعمال جاذبة وداعمة للمقاولات الصغرى والمتوسطة، التي تشكل العمود الفقري لأي اقتصاد دينامي. فأرقام البطالة في البلاد تتجاوز 20 في المائة، وهو معدل قياسي لم يسبق ان تم تسجيله.
ولا يمكن الحديث عن السنة المقبلة دون التطرق إلى ملف إصلاح التعليم والصحة، وهما القطاعان اللذان ظلا لسنوات يعانيان من أوجه قصور مزمنة. المواطن المغربي يطالب اليوم بنظام تعليمي يُخرج أجيالًا قادرة على المنافسة في سوق العمل العالمي، وبمنظومة صحية تضمن ولوجًا عادلًا وكرامة في العلاج. غير أن تحقيق هذه الطموحات يقتضي، بالإضافة إلى الموارد المالية، إرادة سياسية قوية قادرة على تحريك عجلة الإصلاح وإشراك كل الفاعلين المعنيين.
إجمالًا، حكومة عزيز أخنوش أمامها طريق مليء بالتحديات، لكن الفرصة ما زالت قائمة لتقديم إنجازات ملموسة تعيد بناء الثقة بين المواطن والمؤسسات. الرهان الأساسي يكمن في القدرة على تجاوز السياسات التقليدية واعتماد نهج استباقي، يعترف بعمق الأزمات دون تهوين، ويعمل على تقديم حلول شجاعة وقابلة للتنفيذ. فالنجاح في مواجهة هذه الملفات ليس فقط اختبارًا للحكومة الحالية، بل هو رهان على مستقبل المغرب ككل.