قال خالد حسين، رئيس إدارة السياسات في اللجنة الاقتصادية لإفريقيا التابعة للأمم المتحدة، إن إفريقيا تنتظر اتفاقاً نهائياً، قبل نهاية العام الجاري، حول إنشاء منطقة تجارة حرة تشمل دول القارة، في محاولة لزيادة حجم التجارة المشتركة.
ولم تر تلك المنطقة النور، رغم توافق زعماء 26 دولة إفريقية، قبل عامين، على تكوين أكبر تجمع اقتصادي للتجارة الحرة في القارة، يمتد من كيب تاون الجنوب إفريقية جنوباً إلى القاهرة المصرية شمالاً.
وأضاف حسين، في مقابلة مع الأناضول، أن “المفاوضات مستمرة بشكل جيد بين الدول الإفريقية، لإنشاء منطقة للتجارة الحرة، ونتوقع أن توقع الدول الإفريقية على إنشائها قبل نهاية 2017″، وتابع المتحدث، أنه “توجد تحديات أمام صناع القرار السياسي على طاولة المفاوضات، لكن الجميع يعي أهمية مثل هذه الاتفاقية لكل دول القارة، وليس لصالح طرف على حساب الآخر”.
وحذر خالد من أنه “لو تم التوصل إلى الاتفاقية دون الأخذ في الحسبان أحجام الدول المختلفة، فسيكون هناك فائزون وخاسرون”، واستدرك المتحدث بقوله إن “المفاوضات تتم اليوم على أساس أن الجميع سيصبح رابحاً في هذه المعادلة، ولابد أن نستفيد من التجارب السابقة”، وتوجد في القارة تكتلات اقتصادية إقليمية، أبرزها المناطق التجارية الحرة الثلاث: السوق المشتركة لدول شرقي وجنوبي إفريقيا (كوميسا)، والجماعة الإنمائية للجنوب الإفريقي، وجماعة شرق إفريقي.
فوائد المنطقة الحرة
وبشأن أهمية المنطقة الحرة المأمولة، قال المسؤول الأممي إن “إنشاء منطقة تجارة حرة إفريقية سيحفز النمو الاقتصادي في القارة، والذي سجل، العام الماضي، نسبة متواضعة، بلغت 1.7%، وهي نسبة لم تشهدها القارة منذ بداية الألفية”، وأفاد بأن “الدراسات تقدر أن الناتج المحلي الإجمالي في إفريقيا عامة سيزيد ما بين 3% و5%، بفضل إحداث منطقة للتبادل التجاري الحر”.
لكن المسؤول الأممي اعتبر أن “القضية أكبر من زيادة الناتج المحلي، فهي تتعلق بالحالة الملحة للتنوع، إذ تعاني إفريقيا حالياً من اعتمادها بشكل كبير على التصدير (المواد الخام) للخارج، ولاسيما أسواق أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية والصين”. ومضى حسين قائلاً إن “الصين تتجه نحو تحجيم الاستيراد والاعتماد على الداخل، لذلك انخفضت الصادرات الإفريقية إلى الصين من 120 مليار دولار إلى 68 مليار دولار، خلال ثلاث سنوات”، وزاد بأن “إفريقيا تواجه، اليوم، تحدياُ يتمثل في عدم القدرة على التصدير إلى الأسواق الخارجية، وبالتالي لابد من إيجاد طلب داخلي (بين دول القارة) وتنمية التعاون الداخلي، وكسب تحدي الاعتماد على الذات”.
مفاوضات حكومية
وبخصوص الإطار المؤسساتي الذي تتم فيه المفاوضات، قال المسؤول الأممي إن “التفاوض يتم في إطار حكومي، فحكومات الدول الإفريقية تتفاوض من خلال الاتحاد الإفريقي.. واللجنة الاقتصادية لإفريقيا، التابعة للأمم المتحدة، وراء هذا المشروع”، وتتكون اللجنة الاقتصادية لإفريقيا، ومقرها في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، من 54 دولة إفريقية، وهي الوكالة الوحيدة التابعة للأمم المتحدة المكلفة بالعمل على الصعيدين الإقليمي ودون الإقليمي، لتسخير الموارد واستخدامها في تحقيق أولويات إفريقيا.
وأردف حسين موضحاً: “نحن نعد المطبخ الاقتصادي للاتحاد الإفريقي، وكل المبادرات تأتي من خلال اللجنة الاقتصادية الإفريقية، وتمر عبر الاتحاد، باعتباره المطبخ السياسي، ودونه لن يتم اتخاذ أي قرار اقتصادي”، وشدد على أن “الجميع يشعر بالمسؤولية، وبالحاجة الملحة إلى التعاون الاقتصادي بين دول القارة، بعيداً عن السياسة ومشاكلها، وما يترتب عليها من خلافات”.
عوامل قوة إفريقية
ولا يزيد حجم التجارة البينية بين الدول الإفريقية حالياً، وفق تقارير أممية، عن 12% من إجمالي تجارتها، وفي ظل هذا الوضع، قال المسؤول الأممي إن “الملف الاقتصادي مطروح بقوة.. ومسألة دعم التجارة الداخلية في إفريقيا تحتل مقدمة الملفات المعروضة على طاولة صناع القرار”ّ، ودعا صانعي السياسات الاقتصادية في إفريقيا إلى “الإسراع بتنفيذ عملية التحول الهيكلي نحو التصنيع، وسرعة الاندماج الإقليمي، الذي لن يتحقق إلا من خلال اتفاقية التجارة الحرة القارية”.
وشدد المسؤول الأممي على “وجود عوامل قوة بالنسبة للقارة الإفريقية، فهي مركز التحضر العالمي، حسب أحدث تقرير أممي أطلقناه قبل أيام، حيث تمر بمرحلة انتقال حضري سريع، وستصبح أسرع منطقة في التحضر خلال العقود المقبلة”، وأوضح أنه “في عام 1990 لم يكن يعيش في المناطق الحضرية الإفريقية سوى 31% من سكان القارة، ومن المحتمل أن تصل هذه النسبة، بحلول عام 2035، إلى 49%”، وتوجد في إفريقيا 60% من الأراضي الصالحة للزراعة في العالم، ونصف مخزون العالم من البلاتينيوم والماس، و11% من البترول، إضافة إلى 6% من الغاز الطبيعي، و4% من مخزون الفحم.