24 ساعة-متابعة
يعيش المغرب قصة تفوق الخيال، تابعها العالم بشغف بفضل مشوار استثنائي لـ”أسود الأطلس” في مونديال قط.ر. حدث أثار اهتمام الإعلام العالمي، بعد تمكن المنتخب المغربي من إسقاط منتخبات أوروبية قوية منها بلجيكا وإسبانيا والبرتغال.
حقق “أسود الأطلس” في مونديال قطر ما لم يسبقهم فيه أي جيل كروي آخر في إفريقيا والعالم العربي، إذ تمكنوا من المنافسة بندية غير مسبوقة ومقارعة القوى الكروية العظمى، بل والتأهل للمربع الذهبي. وبدأ المنتخب المغربي لكرة القدم مشواره في المونديال بثقة وحذر، عندما تعادل سلبياً مع كرواتيا وصيفة نسخة 2018 من البطولة العالمية، قبل أن يحقق سلسلة من الانتصارات المذهلة على بلجيكا وكندا ثم إسبانيا والبرتغال. وقد برهن المغرب أن الكرة العربية والإفريقية قادرة على إعادة خلط أوراق التراتبية العالمية للساحرة المستديرة وبمدرب محلي اسمه وليد الركراكي، الذي نجح في زرع ذهنية الفوز والروح القتالية في نفوس لاعبيه متجاوزا مشاعر الدونية الكلاسيكية تجاه الكرة الأوروبية.
إنجاز أسود الأطلس أ ثار إعجاب الصحافة الأوروبية والعالمية التي رصدت ارتدادات هذا الإنجاز في العالمين العربي والإسلامي وفي القارة الإفريقية. صحيفة “أبولا” البرتغالية (11 ديسمبر/ كانون الأول 2022) كتبت معلقة أنه بعدما أسقط المغاربة أحلام رونالدو: “ابكي يا برتغال. تم إقصاء المنتخب الوطني في ربع نهائي المونديال، وجسد كريستيانو رونالدو آلام بلد كامل، كان يعتقد أنه يمكن أن يصبح بطلاً للعالم”. صحيفة “بوبليكو” الصادرة في لشبونة كتبت بدورها “ألف برتغالي في المدرجات و 11 في الميدان لم يكونوا كافيين لهزيمة 35 ألف مغربي صاخب و11 الذين ركضوا بلا كلل في الملعب. وهكذا انتهت كأس العالم بالنسبة للبرتغال”.
إشادة عالمية بإنجازات أسود الأطلس
بعد مباراة نصف النهائي بين المغربوفرنسا، وصفت صحيفة “ليكيب” الرياضية الفرنسية المنتخب المغربي بـ”الشجاع”، مشيرة إلى أن أسود الأطلس، لم يمنحوا الفرصة للاعبي المنتخب الفرنسي بالظهور بمستواهم المعتاد. شبكة “سكاي.سبورتس” الإخبارية أوضحت أن المنتخب المغربي وضع نظيره الفرنسي تحت ضغط شديد، وقاتل نجومه ببسالة، رغم الظروف المعاكسة التي تعرض لها الفريق في ظل إجراء مديره الفني وليد الركراكي تبديلين اضطراريين قبل انطلاق الشوط الثاني. صحيفة “ديلي ميل” البريطانية كتبت أن الحلم المغربي بالتتويج تبخر، رغم المحاولات الشجاعة التي قام بها نجومه للفوز على حامل اللقب. واستطردت الصحيفة أن أسود الأطلس كانوا الطرف الأفضل والأقوى في معظم فترات اللقاء، فيما تعرض المنتخب الفرنسي للعديد من الفترات الصعبة، ولم تبلغ نسبة استحواذ نجومه على الكرة خلال اللقاء سوى 39% فقط. وواصلت الصحيفة حديثها عن المنتخب المغربي قائلة “يا له من كأس عالم قدمه لنا هذا الفريق. لقد حقق مجدا حتى حينما تعرض لتلك الخسارة”.
صحيفة “لاغازيتا ديللو سبورت” الإيطالية كتبت على موقعها الإلكتروني معلقة “فرنسا في النهائي لكن التصفيق والتحية يذهبان للمغرب”. وواصلت الصحيفة معتبرة أن فرنسا والأرجنتين سيبحثان عن اللقب الثالث في كأس العالم، لكن أفضل قصة في المونديال كتبها المنتخب المغربي. وركزت صحيفة “ماركا” الإسبانية على مدرب المنتخب المغربي وليد الركراكي معتبرة أنه دخل تاريخ المونديال بعدما قاد فريقه ليصبح أول منتخب عربي وأفريقي يظهر في الدور قبل النهائي لكأس العالم. أما شبكة “روسيا اليوم” فسلطت الضوء على الجماهير المغربية التي احتشدت في مدرجات ملعب البيت، الذي استضاف اللقاء، حيث أوضحت أنها أبهرت الجميع بتشجيعها الفريق بحماس كبير تحت أنظار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي حضر المواجهة لمؤازرة منتخب بلاده.
ثناء على “الأسود” من شخصيات عالمية
احتفى الرئيس الأميركي جو بايدن بإنجاز المنتخب المغربي واختصر خطابه خلال القمة الأمريكية الإفريقية في واشنطن، وذهب به الأمر إلى مشاهدة مباراة المغرب وفرنسا حيث أشاد بالأداء “الرائع” لمنتخب “أسود الأطلس” خلال البطولة. وقال بايدن في تغريدة على تويتر بعد انتهاء المباراة “لقد كان شرفًا عظيمًا أن أشاهد المباراة إلى جانب رئيس الوزراء المغربي (عزيز) أخنوش. بغضّ النظر عن الفريق الذي تشجّعه، فإنّ ما حقّقه هذا الفريق رائع”. وقال جو بايدن أمام حوالي خمسين رئيس دولة وحكومة من بينهم رئيس ليبيريا جورج وياه، نجم كرة القدم السابق الذي يلعب ابنه تيم مع المنتخب الأميركي، “أعلم أنكم تقولون لأنفسكم أوجز يا بايدن، هناك مباراة نصف نهائي بعد قليل، أدرك ذلك”.
وفي خطوة ملفتة، توجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرونإلى غرفة تغيير الملابس للمنتخب المغربي عقب المباراة وقال لسفيان أمرابط أمام باقي لاعبي الفريق إنه أفضل لاعب خط وسط بالبطولة. لقد حملت مباراة المربع الذهبي مشاعر خيبة أمل للمنتخب المغربي، لكنها كشفت عن العديد من المشاعر والأوجه الجميلة للعبة، واحترافية نجوم بارزين في القدرة على تنحية الصداقة جانبا خلال الدفاع عن ألوان فرقهم، ثم استعادتها من جديد خارج الملعب. ورغم فقدان المنتخب المغربي فرصة المنافسة على اللقب وأن يصبح أول منتخب من خارج قارتي أوروبا وأمريكا الجنوبية يصل لنهائي المونديال، فإنه نال احترام الجميع بعد إنجازه التاريخي المتمثل في كونه أول منتخب أفريقي وعربي يصل للمربع الذهبي لكأس العالم.
“على الألمان التعلم من التجربة المغربية”
صدى الإنجاز المغربي وصلت ارتدادته إلى ألمانيا، حيث دعا النجم الألماني السابق كارل هاينز رومينيغه، والرئيس السابق لنادي بايرن ميونخ اللاعبين الألمان إلى ضرورة التحلي بالتواضع ولكن أيضا الشغف من أجل إعادة التوازن لـ”مانشافت” بعد خروج ألمانيا المبكر من مرحلة المجموعات لنهائيات كأس العالم للمرة الثانية على التوالي. وقال رومينيغه: “ينبغي علينا أن نقف معا بإخلاص يجب أن نتعلم من منتخب المغرب، المتأهل للدور قبل النهائي في كأس العالم، وكذلك منتخب الأرجنتين، الذي بلغ المباراة النهائية في المونديال، لتحقيق التقارب بين المنتخب والجماهير المنتقدة لأدائه. وشدد النجم الألماني السابق: “يجب أن نلعب كرة القدم بتواضع. وعلينا أن نضع قلوبنا وروحنا فيها مرة أخرى”. وتابع موضحا “انظروا إلى المغاربة، سيكون من المهم للاعبين والطاقم التدريبي العمل في هذا الاتجاه. هناك، آلاف الأرجنتينيين يتجولون في الدوحة مرتدين قميص ليونيل ميسي”. وكشف رومينيغه “علينا أن نجد طريقنا للعودة إلى الوحدة في ألمانيا. علينا أن نعود إلى هذا الوضع في بلدنا، كما حدث في كأس العالم 2006، حيث يشعر الناس مرة أخرى بالسعادة مع المنتخب الوطني، ويتعاطفون معه، ويرتدون القميص بفرح مرة أخرى”. واختتم رومينيغه حديثه قائلا “الأمر لا يتعلق بالتسويق، ولا يتعلق بالأعمال التجارية. إنه يتعلق بالتلاحم”.
حماس الألمان ذهب بهارالد بيستوريوس المحرر الرياضي في صحيفة “غنيرال أنتسايغر” الألمانية (11 ديسمبر) إلى القول “المغرب يعطي لكثير لكرة القدم، مشاركته أغنت المونديال وتوقد مشاعر السعادة في البلاد. لقد حان الوقت لمنح المغرب شرف تنظيم كأس العالم”. فإلى جانب الروح القتالية العالية والأداء المبهر لأسود المغرب فقد رافقت المباريات جماهير رياضية عريضة أظهرت أن المغرب أمة كروية أظهرت فيها مدرجات الملاعب أن ثقافة السحرة المستديرة متجذرة في المغرب، ما يؤهل هذا البلد بالتالي لتنظيم المونديال وهو الذي تقدم بالطلب أكثر من مرة. فحتى بعد الخسارة أمام فرنسا، تعالت هتافات الجماهير المغربية وهللت للاعبين وكأن أسود الأطلس انتصروا في المقابلة.
فرحة الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء
خرج الفلسطينيون والإسرائيليون على حد سواء في مشهد غير مسبوق للاحتفال بإنجازات أسود الأطلس. حسن كعيبة المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية للإعلام العربي صرح لوكالة المغرب العربي للأنباء قائلا “يا لها من مشاهد رائعة ففي كل الشوارع وعلى أبواب المقاهي احتشدت الجماهير حبا وفرحا للمنتخب المغربي الرائع وللمغرب الحبيب”. وأعرب عن سعادته لكون هذا الفرح انفجر متدفقا بشكل عفوي في الشوارع بين العرب واليهود، مضيفا “شكرا للمنتخب المغربي ونحن معكم حتى الكأس”. من جهته قال ألبير بيريس عضو غرفة التجارة المغربية الإسرائيلية والذي شاهد المباراة رفقة يهود مغاربة “إنها فرحة كبيرة، برافو للأبطال المغاربة الذين يواصلون تحطيم الأرقام القياسية في مونديال قطر”.
صحيفة “يوديشه ألغماينه تسايتونغ” التي تعنى بالشؤون اليهودية في ألمانيا (16 ديسمبر) نشرت تقريرا من إسرائيل حول تفاعل اليهود المغاربة مع إنجازات أسود الأطلس. وكتبت أنه رغم مشاعر العداء التي قوبل بها إسرائيليون في قطر، إلا أن ذلك لم يمنع الإسرائيليين من أصل مغربي من الفرح والتفاعل مع المنتخب المغربي.
ووصف التقرير الأجواء في مطعم أغادير في تل أبيب خلال المباراة بين لمغرب والبرتغال حيث ارتدى صاحب المطعم قميص أسود الأطلس.
وذكر التقرير أن حوالي مليون إسرائيلي من أصل مغربي يتفاعلون بشغف مع أخبار المونديال. كما أن الجالية اليهودية المغربية هي الأكبر في شمال إفريقيا، حيث يعيش حوالي 3.000 يهودي في المملكة. يذكر أن وسائل التواصل الاجتماعي الإسرائيلية مليئة بالفيديوهات التي تظهر مراسلي التلفزيون الإسرائيليين وهم يعاملون معاملة عدائية من قبل مشجعي كرة القدم العرب في قطر.
** نشر باتفاق مع موقع DW عربية