عبد الرزاق الزرايدي بن بليوط
في الوقت الذي بادرت فيه الدولة المغربية، بتسخير إمكانياتها لتذليل الصعاب لمعالجة تداعيات الأزمة الناتجة عن جائحة كورونا، وتأثيراتها على كافة الأصعدة، بإطلاق مبادرات، شملت العديد من مؤسسات سواء في القطاع العام أو الخاص، بغية التخفيف من وطأة الجائحة، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وفي أزمة كورونا الحالية نجد أن مقومات النجاح في إدارة الأزمات بشكل استباقي طبقت بشكل احترافي من قبل القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، كلها إجراءات تعزز دورها في القيادة والمهارة، التي أبلى فيها وزراء البلاء الحسن وفي مقدمتهم وزراء حزب التجمع الوطني للأحرار.
هذه الإجراءات الاستباقية والعمل ليل نهار لبعض الوزراء في الميدان، أنقد أداء رئاسة الحكومة، التي ظل السيد سعد الدين العثماني يردد أنه يصعب عليه أن يضع خطة أو تصورا من أجل الانقاذ، مع ما يترتب عن ذلك من هدر الزمن السياسي، في عز أزمة لا ترحم أحدا، تحتاج منا ومن كل مسؤولينا تحليا كبيرا بروح المسؤولية والكفاءة العالية، ومهارة القيادة التي تستوجب قدرة عالية على إدارة لأزمات بنجاح كبير.
مع توالي التحديات سنحتاج إلى زخم كبير من المهارة في اتخاذ للقرارات الصائبة، لقد طلع علينا مؤخرا تقرير حديث يرصد الاضطراب الاقتصادي المحتمل مع تفشّي انتشار فيروس “كوفيد ـ 19” على مستوى العالم، قائلا إن توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي العالمي قد تنخفض إلى أقل من 2.5 في المائة هذا العام.
التقرير، الصادر عن وحدة الاستخبارات الاقتصادية التابعة لمجلة “الإيكونوميست”، يقدم لمحة سريعة عن قدرة الوحدة على قياس المخاطر من خلال تحديد وتقييم أهم خمسة مخاطر للنظام الاقتصادي العالمي خلال هذا العام، نقل مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة بعضا منه، يفيد بأن آفاق النمو العالمي أصبحت أكثر عرضة للتغير في الظروف المالية، مثل: التغيرات في أسعار الفائدة الأمريكية، أو الرغبة في مخاطر السوق المالية، والتي يمكن أن تترجم بسرعة إلى تكاليف تمويل أعلى للدول المدينة. وقد حدث هذا عام 2018، عندما تسبب ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية وتعزيز الدولار الأمريكي مقابل العملات الأخرى في تقلبات العملة على نطاق واسع بين الأسواق الناشئة، مما تسبب في أزمات العملات وركود حاد في تركيا والأرجنتين.
واليوم يشهد العالم بأسره تحدياً جديداً، فاجأ الحكومات وكسر العديد من التوقعات والسيناريوهات المستقبلية، اختبر الأنظمة والسياسات، وأدى لشلل العديد من دول العالم، تحدياً لا يستهان به، سواء على المستوى الصحي أو الاجتماعي أو الاقتصادي أو السياسي.
إن هذا الوضع الذي فرضته هذه الجائحة، أصبحت التحدي الأول للعديد من القيادات العالمية في الوقت الراهن، يفرض علينا أن نتعامل بسرعة ومهارة كبيرة في اختيار الأنسب من القرارات، و نسعى جاهدين لضمان استمرارية الأعمال والخدمات الحكومية، وتقديم الدعم الكامل للقطاع الخاص والنجاة بمؤسساته من تبعات هذه الأزمة، لذا فالواقع الذي يفرض نفسه، هو تعاطي القيادات وتعاملها مع أزمة غير مسبوقة، والسؤال المطروح هو كيف يجب أن تتعامل القيادات مع الأزمات؟ وللإجابة عن هذا التساؤل نتقاسم معكم أحبتي بعضا من من مقومات النجاح في التعامل مع الأزمات، التي يقدمها خبراء الأزمة ويضعونها كأولوية ينبغي التقيد بها واستخدامها لإدارة الأزمات.
أولها وهو أن النجاح في مواجهة الأزمات يعتمد بشكل أساسي على رفع الجاهزية والاستعدادات المسبقة للتعامل مع الأزمات، والذي يعتبر إحدى المهام الأساسية للقيادة، التي يجب أن تعمل على تأسيس البناء على أرض صلبة ورفع كفاءته وإكسابه المرونة المناسبة للصمود في وجه المتغيرات والأزمات، ولتحقيق ذلك يجب أن تمتلك القيادة الرؤية المستقبلية واتساع الأفق، الذي يمكنها من اتخاذ القرارات الاستراتيجية المتعلقة بمستقبل المؤسسة، كما يمكنها الاستعانة بعدد من الأدوات الإدارية لرفع الجاهزية المستقبلية مثل إدارة المخاطر واستشراف المستقبل والتخطيط بالسيناريو.
وثانيها التعرف على الأزمة مبكراً والاعتراف بها وحشد الجهود لمواجهتها، وذلك لتجنب الأخطاء الفادحة التي يرتكبها البعض بتجاهل الأزمة أو العمل على التقليل من حجمها وأهميتها، لذا فإن الاعتراف بالأزمة مبكراً يعتبر المفتاح لحلها، والبدء في التعامل معها.
وثالثها الاستباقية في القرارات وتجنب الانزلاق في ردود الفعل، والتي غالباً ما تكون متأخرة في التعامل مع تداعيات الأزمة، ويرتبط ذلك بأهمية عنصر الوقت في التعامل مع الأزمة، والمعالجة الاستباقية للأمور قبل تضخمها وخروجها عن السيطرة.
ورابعاها التواصل والشفافية، حيث إن أغلب الأزمات ترتبط بشريحة كبيرة من المعنيين، لذا تكمن أهمية التواصل الفعال، وذلك لضمان حشد الجهود وتعاون الجميع لمعالجة الأزمة، ويزخر التاريخ بالعديد من النجاحات والإخفاقات في إدارة الأزمات، المرتبطة بشكل أساسي بالنجاح أو الإخفاق في التواصل الإعلامي أثناء إدارة الأزمة.
وخامسها القيادة من المقدمة وزرع التفاؤل بين الجميع، حيث إن القيادة تبرز وقت الأزمات، وتأخذ مكانها في مقدمة الركب في مواجهة العاصفة، لرفع الهمم وتشكيل القدوة للآخرين، مع إيصال رسائل الاطمئنان والتفاؤل بالمستقبل.
إن امتلاك مهارات القيادة واتخاذ القرار المناسب والسريع، من أهم محفزات العمل الريادي لمواجهة التداعيات السلبية لهذه الجائحة، فاليوم يشهد العالم بأسره تحدياً جديداً، فاجأ الحكومات وكسر العديد من التوقعات والسيناريوهات المستقبلية، اختبر الأنظمة والسياسات، وأدى لشلل العديد من دول العالم، تحدياً لا يستهان به، سواء على المستوى الصحي أو الاجتماعي أو الاقتصادي أو السياسي، فرض على المسؤولين ألحكزميين، أن يمتلكوا قدرة عالية على اتخاذ القرار بكل جراة، لإعادة الحياة من جديد، فالتخبط والخوف و التردد هي صفات لا مكان لها في قاموس من يتصدى لشؤون الناس، إننا نحتاج إلى حكومة قوية تنقذ ما يمكن إنقاذه يكون ربانها كفاءة عالية له القدرة الكبيرة على استعمال مهارات القيادة، بحكمة وتبصر، وقوة، لأن القادم سيكون أصعب، نتمنى أن نتحلى بروح المسؤولية بعيدا عن حسابات سياسيوية ضيقة، لا مكان فيها لكي نضيع مزيدا من الوقت، فبلادنا لا تتحمل أعباء جديدة ولا فشلا، نحتاج إلى طموح وتفاؤل في المستقبل، حفظ الله بلادنا وملكنا الهمام من كل مكروه وسوء، وكل عام وأنتم بألف خير.
عبد الرزاق الزرايدي بن بليوط: رئيس مجموعة رؤى فيزيون الإستراتيجية