حاوره: عزيز ادريوشي
في غمرة حرب لا يبدو أنها ستضع أوزارها قريبا، تحاول جريدة “24 ساعة” الإلكترونية أن تقرّب المتابع المغربي من مستجدات الوضع السوداني والأزمة الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وفي هذا الإطار، حاورت “24 ساعة” ، بشكل حصري، يوسف عزت، المستشار السياسي لقوات الدعم السريع، الذي أكد في حديثه لنا أن إيقاف الحرب يمر عبر الاعتراف بالمشكلة السودانية ومشاركة الوطنين السودانيين في الوصول إلى حل.
ورغم تأكيده على أن الحرب هي أسوأ الخيارات، إلا أنه عاد ليؤكد على أن الجهات التي تتمسك بالسلطة هي التي تقف وراء إشعالها.
ويوسف عزت المستشار السياسي للجنرال السوداني محمد حميدان دقلو الملقب ب “حميدتي” . تخرج من جامعة القاهرة فرع الخرطوم كلية القانون. وفى كندا تخرج من جامعة وينبيغ حيث درس التنمية الدولية وتخصص فى مجال فض النزاعات.
ماهي شروط الدعم السريع لإيقاف هذه الحرب، في ظل فشل الوساطة الدولية للوصول إلى هدنة طويلة الأمد وغياب مؤشرات ووقائع تؤكد احتمالية حسم طرف بعينه لهذا الصراع؟
نود أن ننوه بأن هذه الحرب قد فرضت علينا في الأساس، وأي حديث عن إيقافها لابد وأن يبدأ بالاعتراف بالمشكلة الوطنية الكلية التي أعاقت تطور الدولة السودانية منذ الاستقلال. فالانتصار الحقيقي يكمن في إيجاد حل شامل يعالج جذور المشكلة السودانية، ولابد من مشاركة السودانيين في الوصول لهذا الحل والعودة للمسار المدني الديمقراطي، والاتفاق على حكومة مدنية مجمع عليها تقود البلاد إلى قيام انتخابات حرة و نزيهه يختار فيها الشعب من يحكمه.
السؤال الذي يشغل العالم الآن هو تواتر إشاعات تشير الى احتمال وفاة الجنرال حميدتي. ما تعليقك على هذا الأمر وأنت من أقرب المقربين إليه خاصة وأن هذا الأمر يشغل بال السودانين في الداخل والخارج ؟
الجنرال حميدتي بخير وعافية، و موجود وسط قواته، وفي الخطوط الأمامية في جبهات القتال ويدير العمليات بنفسه ويتابع كافة المستجدات السياسية ويتواصل بشكل لصيق مع المجتمع الإقليمي والدولي.
ما موقف عواصم شمال إفريقيا مما يحدث الآن في السودان وهل هناك مؤشرات حول وجود وساطة مغاربية لتقريب وجهات النظر بينكم وبين القوات المسلحة؟
نحن التمسنا اهتماما بالمشكلة السودانية من دول شتى بما فيها دول الشمال الإفريقي. ليس لدينا علم عن وجود أي وساطة مغاربية في الوقت الحالي لتقريب وجهات النظر بيننا وبين القوات المسلحة.
هل يوجد تنسيق مع عدد من الدول الفاعلة في الاتحاد الإفريقي من أجل التدخل لرأب الصدع وطي صفحة الخلاف في السودان؟
نحن منفتحين على الفضاء الإفريقي وهنالك اهتمام معلن من جانبنا للعمل والتنسيق مع عدد من الدول المنضوية تحت لواء الاتحاد الافريقي، وذلك بهدف إيجاد أرضية مشتركة حول أسباب الحروب المستمرة في السودان منذ الاستقلال، وخصوصا الحرب الدائرة الآن، والتي هي امتداد لذات الأزمة. نحن من هنا نعلن تقديرنا الكامل لجهود كل الدول الإفريقية التي سعت ولازالت تسعى لإيجاد حل للأزمة الحالية. نحن نرى بأن الحل لا يتأتى إلا من خلال بدء عملية سياسية شاملة تخاطب جذور المشكلة السودانية.
في ظل تأزم الوضع الراهن، تطرح على الطاولة إشكالية نزوح السودانين وموقف مصر الأخير المتعلق بفرض التأشيرة على السودانين وهو ما قد يعقد أكثر الأوضاع الإنسانية على الحدود. كيف تعلقون على هذا الأمر؟
نحن أعربنا عن أسفنا لتأزم الوضع الراهن وحالة النزوح التي صاحبت اندلاع الحرب، ونتمنى أن تنزاح هذه السحابة بأسرع ما يمكن. وفي حالة استحالة الدخول إلى دول الجوار، فسنفكر في إقامة مراكز إيواء داخل حدود السودان وسنناقش هذا المقترح من خلال منبر جدة الذي نشارك فيه الآن لمعالجة الأوضاع الإنسانية التي خلفتها الحرب الراهنة، بما فيها أوضاع الذين هم على الحدود مع مصر ودول الجوار الأخرى. نحن نناشد السلطات المصرية بتسهيل إجراءات تأشيرات الدخول للسودانيين، وأن تتفهم الظروف الاستثنائية والصعبة التي يمر بها شعبنا.
لوحظ مؤخرا ظهور حركات متطرفة إرهابية تسعى إلى استغلال الوضع في السودان. كيف تتعامل قيادة قوات الدعم السريع مع مثل هاته التطورات ؟
بالفعل، فقد قامت فلول النظام الإرهابي السابق بتكوين ما يعرف بالتيار الاسلامي العريض، المكون من حركات إرهابية من الإخوان المسلمين وحركات إسلامية أخرى بما فيها داعش السودان وشاركوا في الحرب منذ اليوم الأول وقد استطاعت قوات الدعم السريع القبض علي أميرهم في السودان، الداعشي محمد الجزولي. وبعد القبض عليه، قدم الداعشي الجزولي اعترافات عن مخططهم لوأد العملية السياسية التي كانت جارية قبل إشعالهم للحرب في منتصف ابريل بالتخطيط مع قيادة الجيش ذات الانتماء الاسلامي.
في مقالك الأخير “بين الثورة والسكين جنجويد” هل يشكل موقفك هذا خلاصة الموقف الرسمي لقيادة قوات الدعم السريع؟
لا ليست تلك هي أهداف المقال أو أن العنوان يرمي إلى خيار السكين وحدها لبتر الجسد الفاسد للدولة القديمة ولكن هنالك خيارات أخرى ممكنة أشرت لها في المقال وتتمثل في الاعتراف بالأزمة الوطنية التي لازمت السودان منذ استقلاله والمرتبطة بعدم الاعتراف بالتعدد الذي يزخر به السودان وإصرار الصفوة على الاستمرار في إدارة الدولة بالنهج الأحادي القديم الذي خلف الكثير من الحروب وأدى لإنفصال جزء عزيز من بلادنا. ان الحرب الراهنة لا تنفصل اسبابها عن اسباب الحروب الاخرى ومعالجتها ووقفها يتطلب الاتفاق على حلول شاملة للمشكلة السودانية ووضع البلاد في طريق التطور والنمو والتعايش السلمي وعلى الصفوة ادراك ان الاستمرار في قيادة الدولة بالطريقة القديمة وانكار الازمة او تجاهلها هو ما قاد ويقود للحروب وان الحرب رغم سوءها الا انها تقود لحلول جذرية وذلك هو قصد المقال.
أكدت في أكثر من مناسبة على أن قوات الدعم السريع لا تتلقى أي دعم خارجي، سواء مالي أو عسكري. هل مازلتم على هذا القول إلى حد الآن و هل فعلا هناك جهات خارجية تقدم الدعم المالي والعسكري للطرف الآخر من النزاع؟
عزت: ليست لدي معلومات عن ما يتلقاه الطرف الاخر من دعم خارجي وهم ما زالوا يستخدمون اسم الدولة في تعاقدات الاسلحة والامداد مستغلين سيطرة عناصر النظام البائد على الجهاز الرسمي للدولة خلال الثلاثين سنة الماضية التي مكنوا فيها عناصرهم في جميع اجهزة الدولة. قوات الدعم السريع لا تتلقى دعم خارجي وكل امدادها حصلت عليها من مخزون الجيش الاستراتيجي الذي سيطرت عليه والمعسكرات التي استولت عليها ولذلك لديها من العتاد ما يمكنها لكسب المعارك غلي قوات الفلول المهزومة.
كيف تتعاملون مع الماكينة الإعلامية التي تستهدف قوات الدعم السريع عبر منصات التواصل الإجتماعي؟
هنالك أصوات كثيرة في مواقع التواصل الاجتماعي ولكن تعتمد على الكذب وخداع الشعب السوداني بإنتصارات لا اساس لها من الصحة، ومواجهة ذلك يتم بنقل المعارك حية من الميدان وهذا هو الاهم لأن المعركة لا تدور في السوشال ميديا بل على الارض وموقف الدعم السريع وسيطرته واضحة في ميادين المعركة.
منذ بداية الحرب قمتم بزيارة عدة دول، حيث استقبلك رؤساء ومسؤولون عرب وأجانب رغم إصرار قيادة الجيش السوداني على وصف الدعم السريع بكونه مليشيا متمردة. هل يعتبر ذلك تأييدا صريحا ووقوفا إلى جانب الدعم السريع؟
اللقاءات التي نجريها مع قادة ورؤساء الدول غرضها ليس البحث عن شرعية للدعم السريع لأن تلك الشرعية لا يستطيع أحد نزعها من قوات الدعم السريع بقرار لا يملك صلاحيه لإصداره. كما أن الشرعية الآن للبندقية وهم من اطلقوا رصاصتها الأولى.
وعليهم أن يكونوا على قدر ذلك التحدي. إن فلول النظام السابق الذين يسيطرون على وزارة الخارجية ويوظفونها لدعم الحرب كآخر محاولة لعودتهم للسلطة ، يسيئون للدبلوماسية السودانية ومحاولاتهم المستميته لوقف حركتنا بحجة ان الدعم السريع قوة متمردة ولا يعلمون ان الدول تستقبل قادة القوى المتمردة ولا يود شي يمنعها عن ذلك وطالما الدعم السريع طرف في الحرب مع جيشهم فجميع الدول التي تسعى للحلول بحاجة للاستماع لنا وهم يريدون الدول ان تستمع الى روايتهم والاخذ بها واتخاذ موقف لجانبهم وهذا يتنافى وابسط ابجديات حل النزاعات. وايضا نحن لا نبحث عن دعم الدول لموقف الدعم السريع بقدر دعمها لحل شامل للازمة الوطنية والاختلالات التاريخة التي اضرت ببلادنا وادخلتها في دوامة الحروب.
هناك عدد كبير من الشركات الأجنبية المستثمرة في السودان، كما أن بعض البعثات الدبلوماسية أصبحت تشتكي أحيانا من غياب الأمن. كيف تتعامل قوات دعم السريع مع هذا الوضع؟
الوضع في السودان وضع حرب وبالتأكيد أي حرب يحدث فيها أضرار وتعطيل توقف للأنشطة الاستثمارية. كما أن البعثات الدبلوماسية تم استهدافها من أول يوم للحرب من العناصر المتطرفة خاصة البعثات الدبلوماسية الغربية، وقد تصدت قوات الدعم السريع لتلك العناصر وقامت بحماية السفارات وأيضا الشركات التي تقع في دائرة سيطرة القوات. وحقيقة هنالك اوضاع امنية سيئة ستزول وهي نتيجة طبيعية للحرب التي اشعلوها داخل العاصمة ولكن نسعى لتقليل الاضرار حتى تنتهي الحرب وتعود البلاد للوضع الطبيعي.
تشير سيرتك الذاتية إلى تخصصك في فض النزاعات والعلاقات الدولية. هل تعتبر أن استعمال القوة أو الحرب أحد الخيارات المتاحة التي يمكن اللجوء إليها في الحالات القصوى؟
الحرب هي أسوأ الخيارات ولم أسعى أو قيادة الدعم السريع لهذا الخيار وقد كنت أعمل في العمل السياسي وما زلت لإخراج بلادنا من الأزمة بحلول سياسية لأن الأزمة في جوهرها سياسية ذات أسباب معلومة للجميع، لكن العناصر التي تتمسك بالسلطة وتنتهج العنف كطريق وحيد للوصول اليها هي من اشعلت الحرب لوقف العملية السياسة التي كانت جارية وقاربت لنهايتها والتي بموجبها ستتشكل سلطة مدنية وتتفرغ الموسسة العسكرية ( الجيش والدعم السريع ) لعملية بناء الجيش الواحد القومي والمهني الذي لا تسيطر عليه مجموعة مؤدلجة او جهة محددة في السودان ويعكس التنوع السوداني على مستوى قيادته, وكان ذلك هو الحل الذي كنا نعمل علي تحقيقه ولكنهم فرضوا علينا الحرب وسيظل الحل النهاي سياسي وليس عسكري.