24 ساعة- محمد أسوار
يعيش حزب الإستقلال على وقع صراعات مريرة، أطرافها محسوبون على قياديين بارزين في الحزب، الأول يُمثله الأمين العام للحزب- الغائب الحاضر-؛ والثاني يتزعمه الرجل النافذ في الصحراء، حمدي ولد الرشيد، الذي سبق وأن أطاح بالأمين العام السابق المثير للجدل حميد شباط؛ إلا أن نفوذه القوي داخل الحزب وفي اقاليم الصحراء عموما، لم يعد كسابق عهدها، وفق مصادر تحدثت لجريدة ”24 ساعة”.
وكشفت مصادر على اطلاع جيد بما يجري داخل المطبخ الإستقلالي، أن الحرس القديم المحسوب على شباط، استغل فرصة الصراع الدائر بين القيادات الاستقلالية الحالية، وضعف نزار بركة تواصليا وغيابه شبه التام سواء حزبيا أو في منصبه الحكومي، من أجل إعادة التموقع وبسط هيمنته داخل الحزب، خصوصا الداهية عبد القادر الكيحل، اليد اليمنى سابقا لشباط الذي تمرد عليه لاحقا وكان سببا في سقوطه المدوي من أعلى هرم الإستقلال سنة 2017، حيث ”يزكي الخلافات ويؤججها”، سعيا نحو استعادة أمجاده المفقودة داخل حزب علال الفاسي.
المصدر أوضح لـ ”الجريدة 24 ساعة”، أن الكيحل الذي كان أيضا سببا في إضعاف مؤسسة المفتشين سنة 2012، حين ضغط، رفقة عادل بنحمزة على شباط، لإزالة صفة المفتش العام، الموجودة منذ عهد علال الفاسي وتعويضها بـ ”المسؤول عن التنظيم” لغرض التحكم في ”دينامو” الحزب وهم فئة المفتشين وعبرها في التنظيمات الموازية للحزب؛ يسعى (أي لكيحل) في الوقت الراهن نحو ”إصلاح” خطيئته هاته، بالدفاع عنهم اليوم ضد ميارة، وفي نفس الوقت تأجيج الخلافات الإستقلالية رغبة في إعادة التموقع ولما لا الحصول من جديد على عضوية اللجنة التنفيذية للحزب التي فقدها خلال انهيار ”نظام” شباط .
وأكد في هذا الصدد أن لكيحل يريد أن يعطي انطباعا على أنه يُساند المفتشين الاستقلاليين، ضد تيار ولد الرشيد وبالضبط ضد اميارة، وذلك رغبة في منصب عضو اللجنة التنفيذية وبالتالي قياديا من قيادات الميزان من جديد.
وأبرز أن الموالون للحرس القديم، يحركون الصراع الدائر حاليا داخل الحزب، خصوصا داخل مواقع التواصل الإجتماعي وتطبيق التراسل الفوري ”واتساب”، تارة بهوية حقيقية وتارة بهوية مجهولة، وذلك رغبة في إذكاء الصراع وشحنه، عبر نشر مقالات وغسيل الحرب الدائرة، من وثائق اللجوء إلى القضاء..
في سياق متصل، أكد المصدر أن تيار حمدي ولد الرشيد أيضا، يُخطط بدوره للهيمنة على الحزب، تمهيدا للظفر بالأمانة العامة للاستقلال سنة 2026، في ظل الفشل الذريع والغياب شبه التام لقائد سفينة الميزان، في الوقت الراهن، مشددا على أن المخطط بدأ بالسعي نحو إجراء تعديلات جذرية في قوانين الحزب، تتمثل أساسا في نزع الصفة بالمجلس الوطني (برلمان الحزب)، عن البرلمانيين وعن المفتشين وعن أعضاء اللجنة المركزية، بدعوى تقليل أعضائه (ظاهريا)، لكن في الخفاء فإن التيار يسعى نحو الهيمنة على هياكل الحزب استعدادا لسنة 2026.
وشدد المصدر على أن هذا التيار استغل ضعف مؤسسة الأمانة العامة، خصوصا في الشق التواصلي، في شخص نزار بركة من أجل بلوغ أهدافها، رغم أن الأخير لا يزال يتمتع بشعبية كبيرة داخل الحزب.
وأوضح المصدر الجيد الإطلاع، أن تيار ولد الرشيد قدم طبقا من ذهب لنزار بركة رغم فشله الواضح في حفظ التوازنات داخل الحزب العريق، حين هاجم النعم ميارة عضو اللجنة التنفيذية لحزب الإستقلال والكاتب العام لذراعه النقابي، والمقرب من ولد الرشيد؛ (حين هاجم)، هيئة المفتشين الاقليميين للحزب، والتي تُعد العلبة السوداء و”مخزن” حزب الإستقلال، مشددا على أن مؤسس الحزب بقاماته ووزنه لم يجرؤ يوما على مفتشي الحزب، وحتى خلفه وصولا إلى شباط وبقوته لم يستطع يوما الحديث عنهم.
وأبرز المصدر أن التنظيمات الموازية للحزب أيضا مهددة بالإنفجار؛ فبعد أن لمست شرارة الصراعات المنظمة النسائية ”فتيات الإنبعاث”، من المرجح جدا أن تنتقل الصراعات إلى الشبيبة الاستقلالية، في ظل اصطفاف رئيسها عثمان الطرمونية مع تيار ولد الرشيد، وفي حالة لم يغير من موقفه من المتوقع أن تشهد شبيبة حزب الإستقلال حربا مماثلة في القادم من الأيام.
المصدر المطلع شدد على أن كبار أعيان الحزب وقيادات اللجنة التنفيذية، لم يحسموا بعد موقفهم في انتظار ما سيؤول إليه صراع نزار- حمدي، في ظل عدم اتضاح الصورة، فهم يضعون ”رجل هنا ورجل لهيه” على حد تعبير المصدر. وأيضا خوفهم من ردة فعل المفتشين.