الدار البيضاء-سكينة المهتدي
يتواصل النقاش الدائر حول مقتل شابين مغربيين برصاص البحرية الجزائرية، في جو يطبعه كثير من الاحتقان داخل أوساط الرأي العام. فالفاجعة التي راح ضحيتها مواطنان من جنسية مزدوجة مغربية-فرنسية ما زال يشغل المغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي.
الجريمة التي ارتكبت الأسبوع الماضي، دفعت عدد من الأكاديميين من بينهم من تواصلت معه “24 ساعة” لفضح كثير من الممارسات التي يُقدِمُ عليها النظام الجزائري، أمام مرأىً ومسمعٍ من المنتظم الدُّولي.
الاغتيال موروث جزائري
محمد الطيار، الباحث في الدراسات الاستراتيجية والأمنية، أكد في هذا الإطار أن أول ما يجب التركيز عليه في الموضوع، هو أنها ليست المرة الأولى التي يُستهدف فيها المغاربة برصاص الجارة الشرقية. فمنذ منتصف التسعينات إلى حدود الآن اغتيل ما يقرب 62 مغربيا، من قبل العسكر الجزائري.
وأضاف الطيار، ضمن تصريحه لـ “24ساعة”، “الجَلي في الأمر أن تعليماتٍ صريحة وواضحة من قيادات النظام الجزائري تقدم للجنود بحرا أو في الحدود كَيْ يستعملوا أسلِحتهم كلغة أساسية وخيارٍ أول في التعامل مع المغاربة”.
النقطة الثانية، يزيد المتحدث، هي أن طبيعة هذا النظام العسكري لا تظهر فقط حين يتعلق الأمر بالمغاربة، وإنما أيضا في التعامل مع الأفارقة الذين يحاولون الدخول للأراضي الجزائرية، بحيث يتم التنكيل بهم واغتيالهم على الفور وترحيلهم أحيانا إلى الصحراء”.
وتابع في هذا السياق: “هذا ما حدث تقريبا في واقعة مماثلة خلال الشهر الماضي؛ حين تجرأت جماعة من منطقة أزاواد التابعة لدولة مالي على عبور الحدود بين الجزائر والنيجر هربا من تنظيم “داعش”، ليتم مباشرة تصفيتهما من قبل العسكر الجزائري ثُمَّ اغتصاب جميع نسائها فيما بعد”.
وأفاد الباحث في الاستراتيجية الأمنية، بأن نفس السياسة العسكرية تُطبق على السوريين؛ الذين يُعاملون أيضاً بطُرق تتنافى وَأعراف القانون الدولي والإنساني، حيث يُنَكَّل بِهِم وتُنَقَّلُ نساؤهم وأطفالها إلى صحراء قاحلة في النيجر. وبالتالي يقول المصدر، “فهذه طبيعة إجرامية راسخة”.
المنتظم الدُّولي وسياسة الأُدن الصَّمَّاء
سجل المتحدث ذاته أنه “في المقابل، وما أجده شخصيا غريبا في الأمر هو غض طرف المنظمات الدولية عن ممارسات العسكر الجزائري، خاصة تلك التابعة للاتحاد الأوروبي، بسبب الشراكات الاقتصادية طويلة المدى التي تجمعها بالجزائر”.
واسترسل الخبير الأمني موضحا أن طينة هذا النظام تظهر حقيقة حينما نستحضر العشرية السوداء التي شهدت تصفية أكثر من 250 ألف جزائري، قبل أن يستطرد حديثه بالقول، “غير أنه بالرغم من كل ما سبق نجد أن الدول الأوروبية تضع في مقدمة علاقاتها مع الجزائر الحصول على النفط والغاز وقضاء مصالح أخرى”.
وبالحديث عن اللجوء للقضاء كخيار طرحه المغرب، أفاد الطيار بهذا الخصوص، بأن المملكة باشرت فتح التحقيق في الواقعة من خلال إيلاء المهمة للنيابة العامة بجهة الشرق، موضحا، “لكن علينا الأخذ عين الاعتبار مسألة ازدواجية الجنسية، وبالتالي فمن السابق لأوانه معرفة مآل القضية وما إن كان من المُرجَّح عرضها على القانون الدولي”.