24 ساعة-متابعة
شهد المغرب في الآونة الأخيرة تساقطات مطرية هامة، أعادت الأمل في موسم فلاحي جيد بعد سنوات من الجفاف، وشملت التساقطات مختلف مناطق المملكة، كان لها تأثير إيجابي على الوضع المائي والزراعي، حيث ساهمت في ارتفاع مخزون السدود وتحسين رطوبة التربة.
وفي هذا السياق، أكد الخبير في مجال البيئة والتنمية المستدامة والمناخ، مصطفى العيسات، في حوار مع “24 ساعة”، أنه بعد هذه التساقطات المطرية المهمة، لا تزال هناك تحديات كثيرة تواجه القطاع الفلاحي، خاصة في ظل التغيرات المناخية المتسارعة التي تؤثر سلبا على أنماط التساقطات المطرية وتهدد الثروة الحيوانية.
موجة الأمطار الأخيرة التي شهدها المغرب، أعادت الأمل في موسم فلاحي جيد، كيف تقيم تأثير التساقطات المطرية الأخيرة على الوضع المائي والزراعي في المغرب؟
التساقطات المطرية الأخيرة كانت بمثابة انتعاشة مهمة لحقينة السدود، حيث وصلت نسبة الملء إلى 50% في سد كير وادزيز، و45% في سد اللكوس، و41% في سد تانسيفت، و39% في حوض أبي رقراق.
وبالإضافة إلى ذلك، ساهمت التساقطات الثلجية في تعزيز المياه الجوفية والبحيرات والسدود، وهذه الأمطار ساعدت أيضا في تحسين رطوبة التربة، مما سيسهل عملية الحرث ويزيد من فرص إنقاذ الموسم الفلاحي الحالي، خاصة بعد الموسم السابق الذي عانى من نقص حاد في التساقطات وتقلص المساحات المزروعة.
بعد أن استعرضنا التأثير الإيجابي للتساقطات المطرية الأخيرة على الوضع المائي والزراعي، نتطرق الآن إلى جانب آخر مهم، ما هي انعكاسات هذه التساقطات على القطاع الفلاحي والثروة الحيوانية خاصة؟
هذه الأمطار ستوفر الكلأ الطبيعي والمراعي، مما سيخفف العبء عن مربي المواشي الذين عانوا من ارتفاع أسعار الأعلاف، الرعي الطبيعي سيستمر حتى شهر ماي، مما سيساهم في إعادة التوازن للقطيع الذي تضرر بشكل كبير بسبب الجفاف.
ومع ذلك، نحتاج إلى تخطيط استباقي للحفاظ على وفرة اللحوم في الأسواق دون اللجوء إلى الاستيراد، الذي يؤثر سلبا على الإنتاج الوطني ويزيد من العجز التجاري.
كيف ترى قرار إلغاء شعيرة عيد الأضحى هذا العام؟
قرار الملك محمد السادس بإلغاء شعيرة عيد الأضحى كان قرارا حكيما، نظرا لتداعياته الاجتماعية والاقتصادية. فهو سيساهم في التخفيف عن الأسر المتوسطة والفقيرة، كما سيساعد في حماية القطيع من المزيد من التدهور. هذا القرار يبرز الحاجة إلى مراجعة السياسة الإنتاجية للقطاع الفلاحي ووضع مخطط استعجالي لضمان استدامة الإنتاج.
بعد سنوات متتالية من الجفاف وتوالي التغيرات المناخية التي ألقت بظلالها على القطاع الفلاحي، باتت إعادة تكوين القطيع تحديا كبيرا للمغاربة، ويتطلب استراتيجيات مبتكرة وتدابير فعالة، فما هي التحديات الرئيسية التي تواجه إعادة تكوين القطيع في ظل التغيرات المناخية؟
هناك عدة تحديات، منها ارتفاع درجات الحرارة الذي يسبب الإجهاد الحراري للحيوانات، وتغير أنماط الأمطار الذي يؤثر على المراعي، ونقص المياه بسبب الجفاف، بالإضافة إلى ذلك، هناك خطر زيادة الأمراض والأوبئة بسبب التغيرات المناخية، كل هذه العوامل تتطلب إدارة استباقية واستراتيجيات تكيفية.
قد يصبح البحث عن حلول مبتكرة وفعالة في القادم من الزمن أمرا ضروريا، ما الحلول التي تقترحها لمواجهة هذه التحديات؟
أولا، نحتاج إلى اختيار سلالات حيوانية مقاومة للحرارة وقادرة على التكيف مع الظروف الجديدة، ثانيا، يجب تحسين إدارة المياه من خلال تقنيات التخزين والري الحديثة، ثالثا، يمكن زراعة أنواع من المراعي والأعلاف المقاومة للجفاف، وأخيرا، يجب تعزيز التعاون بين الحكومة والمزارعين والمؤسسات البحثية لتطوير استراتيجيات مستدامة.
في ظل التحديات المتزايدة التي يواجهها المغرب، يصبح تحقيق الاستدامة البيئية هدفا أساسيا، فكيف يمكن تعزيز الاستدامة البيئية في هذا القطاع؟
يمكن تحقيق ذلك من خلال تحسين كفاءة الإنتاج، واستخدام الطاقات المتجددة، وإعادة تدوير الفضلات الحيوانية كسماد عضوي. كما يجب الاستفادة من التمويلات الدولية، مثل صندوق المناخ، لدعم المزارعين بتقنيات مبتكرة. الهدف النهائي هو تحقيق الاكتفاء الذاتي في الإنتاج الحيواني وحماية القدرة الشرائية للمواطنين.
وأود التأكيد على أن التغيرات المناخية تمثل تحديا كبيرا، ولكنها أيضا فرصة لإعادة التفكير في سياساتنا الزراعية والبيئية، ويجب أن نعمل معا، حكومة ومزارعين وخبراء، لضمان استدامة مواردنا الطبيعية وحماية مستقبل الأجيال القادمة.