الرباط-عماد مجدوبي
يعيش المغرب تحديات بيئية واقتصادية متزايدة بسبب توالي سنوات الجفاف، حيث دخلت البلاد عامها السابع من شح التساقطات المطرية، ما أثر بشكل مباشر على الموارد المائية والمراعي، وأدى إلى ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية الأساسية.
وفي هذا السياق، أكد مصطفى بنرامل، الخبير البيئي ورئيس جمعية المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ، في تصريح لجريدة “24 ساعة”، أن قلة الأمطار أدت إلى تراجع كبير في الموارد المائية السطحية، إلى جانب استنزاف الفرشة المائية في عدة مناطق، من بينها الغرب، اللوكوس، الشاوية، الواحات الجنوبية، ومنطقة سوس.
وأوضح بنرامل أن هذا التراجع أثر بشكل مباشر على المراعي، حيث لم تعد هناك نباتات وأعشاب ترعى عليها الأغنام والأبقار، ما انعكس سلبا على تزويد الأسواق بالمواد الغذائية الأساسية، ورفع أسعارها، مع تسجيل قلة بعض المنتجات في بعض الجهات.
كما أشار إلى الارتفاع الكبير في أسعار الأعلاف التي تعتبر ضرورية لتربية الماشية، موضحا أن هذه الأسعار تختلف من منطقة إلى أخرى، حيث تكون منخفضة نسبيا في منطقة الغرب، لكنها مرتفعة في المناطق الجبلية والواحات والمناطق البعيدة، مثل الشاوية، الرحامنة، وسوس، والتي كانت تعرف سابقا بإنتاجها الزراعي المهم.
وأضاف المتحدث، أن الجفاف المستمر أدى إلى تراجع عدد رؤوس الأغنام سنة بعد أخرى، حيث اضطر المغرب في العام الماضي إلى استيراد الأغنام من دول أوروبية، مثل رومانيا وإسبانيا، لتغطية الطلب خلال عيد الأضحى، ما أثر على أسعار اللحوم الحمراء التي تضاعفت سواء بالنسبة للحوم الأبقار والعجول، أو لحوم الأغنام والماعز وحتى الجمال.
ونتيجة لهذه الأوضاع الصعبة، شهدت الأسواق المغربية ارتفاعا في أسعار اللحوم البيضاء والأسماك، حيث لجأ المواطنون إلى البحث عن مصادر بديلة للبروتين الحيواني، في ظل تراجع القدرة الشرائية.
وأكد بنرامل أن قرار التخلي عن شعيرة أضحية العيد لهذا العام، جاء بناء على الانخفاض الكبير في أعداد الأغنام، واستيرادها كان سيكلف ميزانية الدولة والمواطنين أعباء إضافية، كما يهدف القرار إلى الحفاظ على القطيع الوطني للمواسم القادمة، لضمان تزويد الأسواق باللحوم الحمراء ذات الأصل المغربي.
وفي ظل بوادر سنة جافة لعام 2025، ومع استمرار تراجع رؤوس القطيع، يواجه الفلاحون صعوبات كبيرة في الحفاظ على ماشيتهم.
وأكد بنرامل على ضرورة وضع خطة عاجلة لدعم مربي الماشية، من خلال توفير الأعلاف بأسعار مناسبة، واللجوء إلى طرق جديدة، مثل زراعة الشعير المستنبت داخل البيوت، والزراعة المائية للنباتات العشبية، التي يمكن أن تستخدم كأعلاف للماشية، سواء كانت أبقارا أو أغناما أو ماعزا.
وفي سياق موسم عيد الأضحى الماضي، كان وزير الفلاحة والصيد البحري، محمد صديقي، قد أعلن أن المغرب قام بترقيم 5.8 مليون رأس من الأغنام والماعز قبل العيد، بينما كان الطلب يتراوح حول 6.8 مليون رأس من الأغنام وحوالي مليون رأس من الماعز.
ومقارنة بالعام الماضي، شهد القطيع الوطني من الأغنام تراجعا بنسبة 2% ليصل إلى نحو 20 مليون رأس، بينما انخفض عدد الماعز بنسبة 4% ليصل إلى حوالي 5.5 مليون رأس.
وتشير الإحصائيات إلى أن المغرب شهد تراجعا بنسبة 38% في قطيع المواشي نتيجة سنوات الجفاف المتواصلة، مقارنة مع آخر إحصاء تم قبل 9 سنوات.
وقد أدى ذلك إلى زيادة ملحوظة في أسعار اللحوم الحمراء، حيث بلغ سعر الكيلوغرام الواحد 120 درهما، بعد أن كان لا يتجاوز 80 درهما للكيلو في السابق.
كما أن المندوبية السامية للتخطيط كانت قد أكدت على أن أنشطة تربية الماشية تأثرت بشكل كبير بسبب الجفاف المستمر منند سبع سنوات، مما أثر على العرض المحلي من اللحوم، رغم التدابير المختلفة المتخذة لدعم هذا القطاع.
وفي سياق متصل، نذكر أن وزير الفلاحة أكد سابقا أن المغرب شهد في شتنبر الماضي أضعف تساقطات مطرية في الثلاثين عاما الأخيرة، وهو ما انعكس سلبا على الزراعة وتربية الماشية، حيث انخفض عدد رؤوس الماشية المخصصة لتوفير اللحوم من 230 ألف رأس إلى 130 ألف رأس سنويا.
فيما تستمر تحديات قطاع تربية الماشية في المغرب بسبب الجفاف، ويترقب القطاع تدابير جديدة من الحكومة لدعم المربين وضمان استقرار العرض المحلي من اللحوم الحمراء بعد إلغاء شعيرة عيد الأضحى.