يعد خروف الصردي، الذي يشتهر به إقليم سطات ، مفخرة لهذه المنطقة ، لأنه ببساطة سيد الأكباش وأطباق الأعياد والمناسبات على مستوى الإقليم ومختلف ربوع الوطن ، فضلا عن كونه ثروة في خدمة الاقتصاد المحلي .
هذه بعض الألقاب التي يتفنن أبناء سطات عامة وقبائل بني مسكين خاصة في إطلاقها على الصردي كعلامة لم تعد تشير فقط لسلالة من الأغنام ، بل أضحت تعبر عن ثقافة متواترة بالمنطقة ترفع هذا الخروف الى مكانة رفيعة داخل بنية المجتمع بمنطقة بني مسكين .
فالطريق نحو مدينة البروج ثاني أكبر الجماعات الحضرية التابعة لإقليم سطات يعطي الانطباع الأولي على أن الرعي يعد أهم نشاط فلاحي بالمنطقة ، فالأراضي الفلاحية الشاسعة الممتدة على امتداد البصر يبدو واضحا تأثرها بتأخر تساقط الأمطار ، لكن قطعان الماشية المتناثرة على طول الطريق تؤكد بأن النشاط الرعوي يحتل مكانة بارزة في الحركة الاقتصادية بالمنطقة.
وحسب الأرقام الرسمية لوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، فإن عدد رؤوس الأغنام بجهة البيضاء سطات يبلغ 2.2 مليون رأس غنم ( 11 بالمائة من القطيع الوطني)، منها 500 ألف رأس من سلالة الصردي.
ويبلغ انتاج اللحوم الحمراء بالجهة 22 ألف طن منها حوالي 6 الاف طن من لحوم الصردي. أرقام تؤكد المكانة المهمة التي تحتلها سلالة الصردي في تربية الأغنام على الصعيد الجهوي، خصوصا وأن إقليم سطات يعتبر مهد هذه السلالة.
يؤكد “مروان تاكويت” تقني فلاحي من أبناء البروج وواحد من مربي خروف الصردي في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، بأن لسلالة الصردي مكانة اجتماعية وسوسيو اقتصادية هامة على صعيد العالم القروي والإنتاج الفلاحي، لافتا إلى أن تمسك فلاحي المنطقة بها ضارب في التاريخ، فأضحية العيد بكبش الصردي الجميل والأنيق محبذ في أوساط الأسر المغربية يضيف ” مروان تكويت”.
وبالنسبة لخصائص هذه السلالة يعتبرها المربون سلالة بسيطة متكيفة مع المراعي الفقيرة، كما تتميز بقامتها الكبيرة وذيلها الرفيع وجزتها البيضاء، وتعرف بخلو البطن والرأس والأرجل من الصوف، وبسواد لون العينين والأذنين ومقدمة الوجه ونهاية الأرجل.
وعن شروط الاعتناء بهذه السلالة ، فإن تربيتها بمنطقة بني مسكين لا تخضع للمألوف في تعامل “الكسابة” مع ماشيتهم، فنظرة أولية داخل بعض منازل مربي هذه السلالية تعطي الانطباع بأن الأمر يتجاوز ذلك بكثير ..
فالسيد “عبد الكريم الدحوحي” واحد من أهم مربي هذه السلالة والحائز على العديد من الجوائز الوطنية بالمعرض الدولي للفلاحة بمكناس، والمعرض الوطني للصردي بسطات، حول بيته إلى ما يشبه المتحف الحي، من خلال تزيينه بالنياشين وشواهد التكريم والجوائز التذكارية وصور كبيرة تؤرخ للحظات حضي من خلالها بالسلام على جلالة الملك بالمعرض الدولي للفلاحة ، وصور لقاءاته بمسؤولين حكوميين خلال زيارتهم لرواق ماشيته .
يؤكد “الدحوحي” في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء بأنه ورث رعاية وتربية خروف الصردي من الأجداد وفتح أعينه على آبائه وهم يولونها كل الاهتمام، ويضيف بأن تطورا كبيرا حصل منذ سبعينيات القرن الماضي الى اليوم ، انعكس بالإيجاب على تحسين جودة هذه السلالة وعلى طرق رعايتها.
وبالنسبة لمواصفات الخروف يؤكد بأنه ” ينظر بالأسود ويأكل بالأسود ويمشي على الأسود” في إحالة إلى الخصائص التي تميز هذه السلالة عن غيرها، واعتبر ” عبد الكريم الدحوحي” بأن تأقلم خروف الصردي مع الظرف المناخية الصعبة بالمنطقة يسهل الاعتناء به، بحيث إنه يتحمل السير مسافات طويلة من أجل الرعي قد تصل ل 14 كيلومتر.
واعتبر “الدحوحي” بأن مجهودات كبيرة تبذل من أجل العناية بهذه السلالة بحيث يبادر الأطباء والتقنيون الى تلقين “الكسابة” تقنيات علمية لتحسين النسل، وتحديد الأوقات المناسبة للتزاوج والتي غالبا ما تحدد بين شهري ماي ويوليوز، لكي ينطلق التوالد بين أكتوبر وفبراير.
كما أن هذا التتبع من طرف المختصين يضيف ” الدحوحي” يتجلى في وضع ختم خاص بأذن الخروف الحديث الولادة مشابه لختم ثان يوضع بأذن والدته لكي يتم التمييز بسهولة بين الخراف وتسهل بذلك عملية تتبع رعايتها، كما يتم ترقيمه والمداومة بشكل نصف شهري على عملية وزنه للتأكد من سلامته ومن استيفائه لكافة الشروط الصحية.
ويعتبر ” عبد الكريم الدحوحي” بأن التنافس بين ” الكسابة” في إنتاج أجود الأكباش وفي رعايتها، هو عامل إيجابي ينعكس بشكل واضح على تحسين المنتوج، بحيث أضحت محطات كالمعرض الدولي للفلاحة بمكناس، والمعرض الوطني للصردي بسطات، مواعيد هامة في أجندة الفلاح من أجل تقديم أفضل ما لديه ومحاولة نيل الجوائز والتي لا ينظر” الكساب” لقيمتها المالية بل لقيمتها الرمزية.
وبخصوص أثمنة بيع “فحول” سلالة الصردي يفيد ” الدحوحي” بأنها تتراوح بين 30 ألف درهم و40 ألف درهم، علما أن هناك حالات قد يصل ثمن “الفحل” إلى 100 ألف درهم.
وبخصوص تثمين سلالة الصردي وإنعاش الصادرات ، فهي في صلب استراتيجية مخطط المغرب الأخضر، من أجل الرفع من إنتاج اللحوم الحمراء صنف الأغنام كما وكيفا، عن طريق تحسين تقنيات الإنتاج، وتشجيع الاستثمارات والتسويق، بالإضافة إلى تنمية وتطوير سلالة الصردي ووسمها.
ومن جانب آخر فإن تربية الصردي يمكن أن تساهم في إنعاش الصادرات خاصة في اتجاه الدول الافريقية والشرق الأوسط ، لذلك فإن وزارة الفلاحة ، ومن خلال تشجيعها لمعارض مهنية لهذه السلالة ، تدفع في اتجاه خلق دينامية جديدة لتحسين إمكانيات هذا القطاع وتعزيز بعده السوسيو اقتصادي وفتح آفاق جديدة أمامه.