إعداد-عبد الرحيم زياد
تقدم جريدة “24 ساعة ” لقرائها بمناسبة شهر رمضان الأبرك حلقات متسلسلة على امتداد الشهر الفضيل من كتاب “مذكرات أسير الداي كاثكارت قنصل أمريكا في المغرب”، لمؤلفه “جيمس ليندر كاثكارت” والذي كان أسيرا لمدة 11 سنة في الفترة بين عامي 1785 إلى 1796، قضى منها مدة 7 سنوات بقصر الداي بالجزائر العاصمة.
خلال هذه المدة إطلع فيها الداي وخبر الأحوال الاقتصادية والثقافية للجزائر خلال تلك الفترة، وبعد إطلاق سراحه تم تعيينه قنصلا للولايات المتحدة الأمريكية بكل من طرابلس وتونس. كما عين قنصلا بكل من قادس الإسبانية وماديرا البرتغالية.
ما حدث لـ “جيمس ليندر كاثكارت” وما ضمته دفتي هذا الكتاب الذي ترجمه وحققه الدكتور اسماعيل العربي، يعتبر قصة رائعة، مليئة بالتشويق، وغنية بالمعطيات والمعلومات .
هو كتاب يستحق المتابعة فهو عبارة عن وثيقة تاريخية تسلط الضوء على فترة مهمة من تاريخ منطقة شمال افريقيا التابعة للإيالة التركية.
الحلقة الخامسة:
كان القراصنة يطوفون عند شواطى البرتغال وقد خاب أملهم في اسر اية سفينة برازيلية ، ولكنهم في مقابل ذلك تمكنوا من أسر عدد من السفن البرتغالية والجنوية وسفينتين أمريكيتين ، احداهما هي ( ماريا ، من بوسطن التي كنت أنا على متنها . وقد اسرت السفينة الاخيرة على مسافة ثلاثة أميال من راس سانت فانسانت ) رأس يقع في جنوب شرق البرتغال ( في 25 يوليو 1785م . وصلت سفينتنا الى الجزائر في الرابع من شهر اغسطس من نفس السنة.
وأما السفينة الثانية « فيلاديفيا ، فقد أسرت على مسافة 70 فرسخا من صخرة لشبونة في 30 من نفس الشهر، ووصلت الى الجزائر في 12 اغسطس . وقد كانت بارجة الاميرال هي التي أسرتها ، واما سفينتنا ماريا ، فقد أسرتها سفينة ثلاثية الصواري مسلحة باربعة عشر مدفعا .
ولما صعد المسلمون الى سفينتنا طلبوا منا أن نسلمهم علمها وأوراقها .
فأما علم السفينة فلم يكن معروفا لديهم، وأما أوراقنا فلم يكونوا يستطيعون قراءتها ، ونحن لم نكن نحمل ترخيصا من الداي للملاحة في البحر الأبيض . وهكذا اعتبرونا غنيمة مباحة .
كان شعوري يختلف عن شعور زملائي الأسرى . فقد كنت اعرف اللغة الاسبانية التي كان الجزائريون يتحدثون بها ، كما كنت الوحيد بين زملائي الذي يعرف شيئا عن بلاد المغرب.
كنت اعرف ان اسبانيا كانت منذ بضعة أشهر في حرب مع الدول الافريقية ، وقد حالت دون دخول القراصنة الى المحيط الاطلسي . ونظرا لاننا لم نتحدث إلى أحد من الربابنة في البحر ليخبرنا بهذا التطور . فقد ظننت أن السفينة التي أسرتنا تابعة للمغرب الأقصى الذي كان في حالة حرب مع البرتغال .
كان عدد القراصنة واحدا وعشرين بينما لم يكن عندنا نحن يتجاوز ستة ، الأمر الذي يجعل من المستحيل السيطرة على سفينة القراصنة لو كنا من الرعونة بحيث نحاول ذلك .
ظلت هذه الخواطر تراودني مدة أكثر من ساعتين ، قبل أن ننتقل الى السفينة الجزائرية . كانت الريح رخاءا ، وعندما امتطينا السفينة الثلاثية الصواري ، كان استقبال البحارة الجزائريين لنا يتمثل في صرخة مدوية تدل على أننا غنيمة ممتازة . وبعد ذلك قادونا الى ظهر السفينة ، قبل أن تمتد يد كل واحد الينا. .
كانت قبعاتنا ومنادلنا وأحذيتنا هي أول ما أخذ منا ، وقد كنا في اشد الحاجة اليها بسبب الشمس المحرقة التي لا سبيل الى الاحتماء من أشعتها . وكذلك كانت أرجلنا غير مستعدة لتحمل حرارة ارضية السفينة .