نشر بشراكة DW العربية
اللقاح المضاد لفيروس كورونا المستجّد، المطوّر من قبل جامعة أوكسفورد البريطانية وشركة الأدوية السويدية أسترازينيكا، أكثر فعالية مما تمّ تداوله إلى غاية اللحظة وفق دراسة أمريكية جديدة، تطور جاء بعد اشتداد اللغط الدائر حول هذا اللقاح وتعليق العديد من الدول عملية التطعيم به لأيّام، منها من عاد إليه على غرار فرنسا وألمانيا ومنها من واصل التعليق كالدنمارك والنرويج وغيرها.
التهمة الرئيسية التي تواجه هذا اللقاح، التسبب في جلطات دماغية أو دموية، وذلك بعد تسجيل عشرات الحالات عقب أخذ اللقاح. لكن الدراسة التي حظيت باهتمام واسع من قبل الإعلام العالمي، عُرضت نتائجها اليوم الاثنين (22 مارس 2021). وأعدتها الشركة المصنعة في الولايات المتحدة، البلد الذي لم يصرح بعد باستعماله.
البيان الصحفي الذي نشرته شركة أسترازينيكا، أكد مختبرها أن اللقاح “فعّال بنسبة 79 في المئة” في منع حالات كوفيد التي تظهر عليها أعراض في أوساط السكان عموما. نتيجة باتت معروفة لكن الجديد الذي أتت به النتائج المقدمة أن نسبة فعّالية اللقاح” تصل إلى 100 بالمئة لمنع الإصابة بدرجة خطيرة وتطوّر الحالة لدرجة تستدعي إدخال المريض إلى المستشفى”.
وشملت المرحلة الثالثة من التجارب 32 ألفا و449 مشاركا وذلك في ثلاث دول وهي الولايات المتحدة وتشيلي وبيرو. أعطي اللقاح لثلثيهم، بحسب بيان شركة الأدوية. الأمر الثاني هو التأكيد على أن خطر تجلّط الدم لا يزيد عبر هذا اللقاح، إلا بين ثلاث إلى خمس حالات من أصل مليون حالة، في نتيجة مماثلة توصلت إليها وكالة الأدوية الأوروبية الخميس الماضي في دراستها. بعد ذلك أوصت دول الاتحاد الأوروبي بمواصلة حملة التلقيح بأسترازينيكا مؤكدة فاعليته وأمنه. وكإجراء احترازي تمّ إدراج ملاحظة “حدوث حالات نادرة جدا من تجلط الدم” على علبة اللقاح.
شكوك ونفور
منذ ظهور هذا اللقاح وهو عرضة لسمعة سيئة، بدأت بالتوصية التي اعتمدتها دول غربية على استخدامه لغير المسنين، نظرا لغياب البيانات المرتبطة بتأثيره على هذه الفئة في التجارب السابقة. ومع ذلك يبقى هذا التطعيم الأكثر أهمية خاصة بالنسبة للدول الفقيرة التي لن تستطع تأمين التعقيدات اللوجستية للقاحات الأخرى على غرار لقاحي موديرنا وبيونتك-بفايزر، التي تحتاج إلى ثلاجات خاصة بأقل من ناقص 75 درجة مأوية لتخزينها.
التقارير الأخيرة ولتي ربطت بين أسترازينيكا وارتفاع خطر تجلط الدم، جعلت بدورها نحو 55 من المائة من الألمان يشككون في هذا اللقاح. قبل ذلك بأيام قليلة أظهرت نتائج استطلاع للرأي أُجري بين 12 و18 من الشهر الجاري، أن غالبية سكان ألمانيا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا، كانوا يعتقدون أن فوائده أكبر من أضراره.
في هذا الإطار صرّح مات سميث وهو صحافي متخصص في البيانات في معهد “يوغوف” في بيان، “لم نلاحظ فقط ارتفاعاً كبيراً لعدد الاشخاص الذين يعتبرونه خطيراً في الأسبوعين الأخيرين في أوروبا، إنما لا يزال لقاح أسترايزينيكا يُعتبر على أنه أقل آماناً بكثير من لقاحي فايزر وموديرنا”.
ومع انطلاق الموجة الثالثة للوباء والتي أجبرت الدول على مواصلة أو العودة للإغلاق لم يعد هناك مخرج آخر سوى الإسراع في وتيرة التطعيم للوصول إلى مناعة جماعية بأقصى سرعة. ومن تمّ هناك قناعة خصوصا في أوروبا أن جميع اللقاحات هي مفيدة لتحقيق هذا الغرض. وهو ما عبّر عنه المفوض الأوروبي للسوق الداخلية تييري بروتون أمس الأحد معتبرا التطعيم “الطريق المستقيم الأخير لأننا نعلم أنه للتغلب على هذا الوباء، لا يوجد سوى حل واحد: التطعيم. اللقاحات قادمة، ستكون هنا”.
وفي ظل هذا المشهد المعقد، تبقى جميع اللقاحات المتوفرة ضرورية لتوفير أكبر قدر من الجرعات تكفي للجميع، بما في ذلك لقاح أسترازينيكا.
تداعيات سياسية
ولا يقتصر الجدل حول هذا اللقاح على المستوى الطبي، بل دخل أيضا إلى المعترك السياسي وأصبح محط شدّ وجذب بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا. فبروكسل تقول إنها لم تحصل على الجرعات المتفق عليها، وتطالب بتسليمها على الأقل “10 بالمائة من الجرعات المتوقعة لهذا العام بموجب العقد” المبرم، وإلا “فستوقف تسليم الجرعات التي تنتج على أراضيها”. تهديد ردّت عليه لندن بالدعوة إلى “توخي الحذر لأن ذلك ستكون له نتائج عكسية”.
ويتمّ تصنيع لقاح أسترازينيكا ضمن الأراضي الأوروبية خصوصاً في معملين في بلجيكا وهولندا وهما دولتان دعتا إلى الحذر حيال تشديد القيود على التصدير في وقت تدعم دول أوروبية أخرى على غرار فرنسا الأمر.
إلا أن الوقت يداهم خصوصاً في ألمانيا التي تستعد مساء الاثنين لإعلان تمديد وحتى تشديد القيود في مواجهة الموجة الثالثة من الوباء التي تبدو أكثر ضراوة، رغم وجود خطر تأجيج استياء الرأي العام المتزايد أصلاً.