الدار البيضاء-سكينة المهتدي
أظهرت دراسة أعدتها “مبادرة الإصلاح العربي” أن هناك صعوبات وتحديات كبيرة تعترض تنفيذ مشروع تعميم الحماية الاجتماعية في المغرب، بالإضافة إلى وجود مشاكل وتشوهات تعيق تنفيذ هذا المشروع الاجتماعي الضخم.
وفي هذه الدراسة التي نُشرت، تم التأكيد على أن عدد المستفيدين من نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض لا يتجاوز 11.17 مليون فرد من إجمالي عدد السكان في المغرب، البالغ 38 مليون نسمة. يشمل هؤلاء المستفيدين أساساً موظفي القطاعين العام والخاص.
وإذا تمت إضافة 11 مليون مستفيد من نظام المساعدة الطبية راميد، الذي تقدمه الدولة للفقراء والمعوزين الذين لا يعملون أو لديهم دخل قليل، فإن إجمالي الأشخاص المشمولين بالتغطية الصحية الأساسية لا يتجاوز 60% من إجمالي السكان.
وتوضح الدراسة أن المغرب لا يزال في انتظار توسيع نظام التأمين الإجباري عن المرض ليشمل فئة أخرى، بحيث كان من المفترض أن يتم ذلك قبل نهاية عام 2022، لتغطية مليون مستفيد إضافي من المهنيين المستقلين الذين لا يتمتعون بأي تغطية صحية.
ومن بين مشكلات النظام الصحي في المغرب، يضيف التقرير أن الأسر تتحمل نسبة كبيرة من تكاليف العلاجات الصحية، حيث تساهم بنسبة تفوق 50% في تمويل النظام الصحي، وهذه النسبة تعتبر عالية بالمقارنة مع نسبة 18% المعلنة في الدول الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.
كما تشير الدراسة أيضًا إلى غياب،” المساواة العادلة” بين الفئات الاجتماعية والمناطق الجغرافية فيما يتعلق بالوصول إلى خدمات صحية عالية الجودة.
وتنبه الدراسة إلى وجود انتكاسات في نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، منها تعدد الهيئات والأنظمة التي تدير هذا النظام حتى داخل الهيئة نفسها، مع عدم وجود تنسيق فعال بينها.
وبالنسبة لتكلفة الأدوية، تعاني المنظومة أيضًا من ارتفاع تكاليف الأدوية مقارنة بالدول المجاورة، وهو ما يؤدي إلى تحمل الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي وحده مبالغ تفوق 292 مليون درهم خلال عام 2019.
وفيما يتعلق بالتعليم العالي، يشير التقرير إلى عدم قدرة النظام على تضمين عدد كبير من طلاب الجامعات حتى الآن، على الرغم من وجود قانون يتعلق بتوسيع التأمين الإجباري عن المرض لهذه الفئة، حيث لم يتجاوز عدد الطلاب المستفيدين من هذا النظام حتى عام 2020 ما يقرب من 300 ألف طالب من إجمالي عدد الطلاب.
وبالحديث عن نظام التقاعد، أورد التقرير أن نسبة تغطية السكان النشطين في النظام ضعيفة، حيث أن حوالي 60% من الأشخاص النشطين العاملين، أي ما يقرب من 2.6 مليون شخص، غير مشمولين بأي نظام للتقاعد، سواء للمعاشات أو تعويضات نهاية الخدمة.
وتشير الدراسة أيضًا إلى تحديات أخرى مثل قلة فرص العمل وارتفاع نسبة البطالة والعمل في الاقتصاد غير المنظم مُحذِّرةً من تداعيات استدامة تمويل مشروع تعميم الحماية الاجتماعية؛ الذي يكلف حوالي 51 مليار درهم سنويًا، حيث تمثل الأموال الواردة من الاشتراكات للأشخاص الذين يمكنهم المساهمة حوالي 28 مليار درهم من إجمالي التكلفة، بينما تجمع الأموال التضامنية لتغطية الأشخاص الذين لا يستطيعون المساهمة مبلغ 23 مليار درهم من الإجمالي، وهذا يمثل نسبة كبيرة من التكلفة الإجمالية للمشروع.