الدار البيضاء-عماد مجدوبي
يواجه سوق درب غلف الأسطوري في الدار البيضاء، والذي ظل لعقود طويلة وجهة مفضلة للباحثين عن الإلكترونيات المستعملة وبأسعار معقولة، تحولًا جذريًا يثير قلق التجار والزبائن على حد سواء.
ففي الوقت الذي تهدف فيه بلدية الدار البيضاء إلى إعادة تأهيل هذا السوق العريق وتحويله إلى مركز تجاري حديث، يخشى الكثيرون من اختفاء الطابع المميز الذي جعل من درب غلف “جنة” فريدة للإلكترونيات المستعملة في المغرب.
لطالما اشتهر درب غلف بأزقته الضيقة التي تعج بالحياة، حيث يمكن للمرء أن يجد كل ما يخطر بباله من الأجهزة الإلكترونية، سواء كانت هواتف نقالة عتيقة أو أحدث التقنيات. كما اكتسب السوق سمعة واسعة بفضل حرفييه المهرة القادرين على إصلاح أعطال الأجهزة المختلفة ببراعة فائقة، وهو ما أكده زكريا، أحد الحرفيين بالسوق، في حديث لـ RFI” بقوله: “في درب الغلف، ستصلح كل الأشياء التي لا يمكنك إصلاحها في أي مكان آخر.”
لكن هذا المشهد الحيوي قد يتغير قريبًا مع مشروع إعادة التهيئة الطموح. وبينما يرى البعض في هذا المشروع فرصة لتنظيم السوق وتحسين بنيته التحتية وتوفير معايير سلامة أفضل. يتخوف آخرون من أن يؤدي ذلك إلى فقدان روح درب غلف الفريدة وأجوائه الشعبية التي تجذب الزبائن من مختلف أنحاء البلاد.
وعبّر زكريا عن هذا القلق بقوله: “إذا أرادت الحكومة تحويله إلى مركز للتسوق، فإن المشكلة هي أنهم سيرغبون في معرفة كل شيء عن هذا السوق”، مشيرًا إلى أهمية الحفاظ على الطابع غير الرسمي الذي يسمح بتبادل الخبرات وتقديم أسعار تنافسية.
ويتفق معه أمين، أحد الزبائن المنتظمين على السوق، الذي أكد على أن “سوق درب غلف مرجعٌ لنا، بل هو انعكاسٌ لنا! كل ما يتعلق بالإلكترونيات، من شراء حاسوب إلى إصلاحه…”. ويخشى أمين وغيره من الزبائن أن تؤدي عملية التحديث إلى ارتفاع الأسعار وفقدان القدرة على المساومة التي تميز السوق حاليًا.
يُذكر أن مشروع إعادة التهيئة قد بدأ بالفعل باستملاك مساحة واسعة من الأرض، إلا أن المخاوف تتزايد بشأن مستقبل هذا السوق الرمزي الذي يمثل وجهة رئيسية للباحثين عن حلول اقتصادية للإلكترونيات، ومصدر رزق لآلاف الحرفيين والتجار.
ويبقى السؤال مطروحًا حول ما إذا كان بالإمكان تحقيق التوازن بين تطوير السوق والحفاظ على هويته الفريدة التي جعلت منه “أشهر سوق للإلكترونيات المستعملة في المغرب”.