24 ساعة-عبد الرحيم زياد
تُعد زيارة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء المغربية، ستافان دي ميستورا، التي أجراها يوم الثلاثاء 25 مارس الجاري في الرباط، خطوة دبلوماسية مهمة في سياق الجهود الأممية لإيجاد حل لنزاع الصحراء المغربية المستمر منذ عقود. هذه الزيارة، التي تأتي قبيل جلسة مجلس الأمن الدولي المقررة في أبريل 2025، تحمل دلالات عديدة تستحق التحليل من حيث توقيتها، أهدافها، وانعكاساتها المحتملة على مسار النزاع.
السياق والتوقيت
تأتي زيارة دي ميستورا في لحظة حساسة، حيث يستعد مجلس الأمن لمناقشة مستجدات النزاع في أبريل المقبل، وهي الجلسة التي ستتضمن إحاطتين من دي ميستورا نفسه والممثل الخاص رئيس بعثة المينورسو، ألكسندر إيفانكو. هذا التوقيت يشير إلى أن المبعوث الأممي يسعى لجمع معلومات ميدانية حديثة وإجراء مشاورات مباشرة مع الأطراف المعنية، وبالأخص المغرب، لتقديم تقرير دقيق وشامل إلى المجلس.
كما أن الزيارة تعكس استمرارية الجهود الأممية للحفاظ على دينامية الحوار، رغم التعقيدات التي تواجه العملية السياسية، كما أشار دي ميستورا نفسه في تقارير سابقة حول غياب تقدم ملموس.
موقف الرباط الثابت
خلال لقاء دي ميستورا مع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة. جدد الأخير موقف المغرب الثابت الداعم لجهود الأمم المتحدة. مع التأكيد على أن أي حل سياسي يجب أن يقوم على مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.
هذا الموقف ليس جديدًا، بل يعكس استراتيجية المغرب المستمرة منذ تقديم المبادرة في 2007. والتي حظيت بدعم متزايد من دول مثل الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا. إلا أن التأكيد عليه في هذا اللقاء يحمل رسالة واضحة لدي ميستورا ومجلس الأمن، مفادها أن المغرب لن يقبل بحلول تتجاوز إطار سيادته ووحدته الترابية.
دلالات الزيارة
تعزيز التواصل المباشر: بدء الجولة من الرباط يعكس أهمية المغرب كطرف رئيسي في النزاع المفتعل، ويشير إلى رغبة دي ميستورا في فهم الموقف المغربي بعمق قبل الانتقال إلى مشاورات أخرى محتملة مع جبهة البوليساريو الإنفصالية وصنيعتها الجزائر. هذا النهج قد يهدف إلى بناء ثقة مع الرباط، التي طالما أبدت تعاونها مع الأمم المتحدة بشرط احترام شروطها.
الضغط الدولي: الزيارة تتزامن مع تصاعد الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي، مما يضع ضغطًا غير مباشر على دي ميستورا لتوجيه جهوده نحو حلول واقعية تتماشى مع رؤية المغرب، بدلاً من إعادة طرح خيارات مثل الاستفتاء الذي تعارضه الرباط بشدة وتدعمه جبهة البوليساريو والجزائر.
إعداد تقرير حاسم: بما أن الزيارة تسبق تقريرًا سيُقدم لمجلس الأمن. فإنها قد تكون محاولة لتحديد ما إذا كان هناك مجال لتقدم في العملية السياسية، أو ما إذا كان دي ميستورا سيعيد طرح فكرة إعادة تقييم دور الأمم المتحدة في النزاع المفتعل. كما حذر سابقًا إذا استمر الجمود.
التحديات والتوقعات
رغم أهمية هذه الزيارة، فإنها تواجه تحديات كبيرة. أولاً، الانقسام بين موقف المغرب الرافض للتفاوض على السيادة. وموقف الجزائر في ظل التوترات المغربية-الجزائرية التي تضيف لمهمة الأمين العام تعقيدا اضافيا. حيث يواجه التعنت الجزائري الرافض لأي حل.
ثانيا انقسامات مجلس الأمن نفسه. بين داعمي المغرب (مثل الولايات المتحدة وفرنسا) وداعمي موقف أكثر حيادية (مثل روسيا). قد تحد من قدرة دي ميستورا على فرض رؤية موحدة.
ويرى مراقبون أنه من المتوقع أن تستمر هذه الجولة في محاولة إحياء الحوار، لكن دون توقعات كبيرة باختراق فوري. جلسة أبريل قد تشهد تأكيدًا على دعم جهود دي ميستورا مع دعوة الأطراف للحوار دون شروط مسبقة. لكن غياب مرونة حقيقية من الجزائر وصنيعتها البولسياريو يبقي الوضع في حالة جمود.