الرباط- عماد مجدوبي
قال رشيد لبكر أستاذ القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – جامعة شعيب الدكالي بالجديدة، في حوار مع “24ساعة”، أن وجود منسقة في قيادة ثلاثية لحزب الأصالة والمعاصرة، فيه وفاء لتوجهات الحزب “المعاصرة” بمعناها” الحداثي”، وثانيا هو إجراء نجح في لم شتات كل الحساسيات داخل الحزب لتجنيبه صراعات الأجنحة.
وأوضح لبكر ، أن هذا المخرج لم يكن خيارا بل هو تكتيك ذكي لتدبير هذه المرحلة الحساسة داخل الحزب.
كيف تقرأ سياقات مؤتمر حزب الأصالة والمعاصرة الذي اعلن عن تشكيل قيادة جماعية للحزب بعد مؤتمره الاخير ؟
أعتقد انه يجب الوقوف في إطار هذه القراءة على ثلاث نقط أساسية، دون الرجوع الى الظرف العام الذي عقد فيه حزب الأصالة والمعاصرة مؤتمره الخامس والمطبوع بالمتابعات التي تطال بعض من قيادييه بتهم الفساد والتي كان لها تأثير سيء و مباشر لا يمكن إنكاره على صورة الحزب أمام أنصاره ومناضليه وعموم المواطنين. النقط التي اشرت إليه تتعلق بثلاث ملاحظات.
الأولى أن الحزب عقد مؤتمره في جو هادئ إلى حد ما، رغم وجود بعض المناوشات، إلا أنها كانت عادية وتحدث في جميع مؤتمرات الأحزاب ولكنها ليس بتلك الحدة التي كانت متوقعة، وهذا يدل في نظري على أن الترتيبات التي سبقت المؤتمر كانت جيدة واستطاعت امتصاص الغضب واحتواء الأزمة على الأقل حتى لا يمتد أثرها على المؤتمرين، كما أنه يعبر على أن غالبية الصقور ” شدو الصف” كما يقال، وانضبط وجودهم للآلة التنظيمية، فالمتابعات القضائية الجارية اطوارها حاليا دفعت بالعديد من المنتسبين للحزب الى مراجعة حساباتهم وضبط بوصلة وجودهم داخل الحزب، هذا الأخير الذي يحاول أن يقدم نفسه اليوم انه حزب أطر حقيقي، لا مكان فيه البلطجة وأنه ليس زجاجة وقائية يختبئ ورائها كل من يبحث عن حماية معينة.
النقطة الثانية تتمثل في الانسحاب المرن والسلس لعبداللطيف وهبي من رئاسة الحزب، واعتقد ان تقديره النزول من صهوة القيادة في هذا الظرف، تقدير صائب ويصب في مصلحة الحزب وكان له أثر كبير في امتصاص الغضب وتهدئة الأجواء، فانسحابه جاء استجابة لمطالب العديد من حكماء و مناضلي الحزب وكان بمثابة صب الماء البارد على الجمر، لا سيما أن ولاية وهبي تميزت بدخول الحزب في عدة مشاكل تنظيمية وتواصلية، سببها الرئيسي عدد من الخرجات و التصريحات والمواقف الانفعالية للزعيم، أضرت – بدون الدخول في التفاصيل – بصورة البام أمام الرأي العام، اذن فانسحابه كما قلت اختصر العديد من المسافات على المحتجين، وإلا فقد كنا سنرى أجواء أخرى في المؤتمر، النقطة الثالثة تتجلى في القيادة الثلاثية التي ينسقها وجه نسائي معروف، وبظني أن هذا المخرج هو تكتيك ذكي لتدبير هذه المرحلة الحساسة من الحزب، لأن وجود منسقة في قيادة ثلاثية، فيه وفاء لتوجهات الحزب “المعاصرة” بمعناها” الحداثي”، وثانيا هو إجراء نجح في لم شتات كل الحساسيات داخل الحزب لتجنيبه صراعات الأجنحة ولإعطاء الاشارة بأن الحزب هو على موعد جديد مع التغيير ، حزب يحاول تقديم نفسه انه يفكر بطريقة جماعية، ينبذ ديكتاتورية الزعيم الواحد، يعمل بمنهجية تشاركية، يستمع لنبض المناضلين ويتفاعل معه.. هذه النقط الثلاثة تلخص في نظري مخرجات هذا المؤتمر، الآن ننتظر كيف سيتم الوفاء لها وأجرأتها على أرض الواقع.
هل يمكن أن تنتقل عدوى القيادات الجماعية للأمانة العامة لباقي الأحزاب الكلاسيكية ؟
لكل حزب تاريخه وتراثه وأيضا مشاكله الخاصة، وبالتالي ليست هناك وصفة واحدة تصلح لكل الاحزاب، اعتقد ان القيادة الجماعية لحزب الأصالة والمعاصرة كانت لها مبررات فرضتها على أرض الواقع، وليس إحداث “لسنة حسنة” كي تسير على هديها كل الاحزاب، هذا كلام غير منطقي، وقد أوضحت بأن هذه القيادة الجماعية اتت بالنسبة لحزب البام في ظرفية خاصة واستجابة لحيثيات خاصة، لكن ما يصلح للبام قد لا يصلح لغيره من الاحزاب، ليبقى الأهم في نظري هو التخلي بروح الديموقراطية والقبول بالنقد الذاتي وبنقد الآخرين والاستعداد الدائم للتغيير…بلدنا في حاجة ماسة لأحزاب حية ونشيطة ومتفاعلة، هذا ما نرجوه اما كيفية تصريفه على الواقع، فلكل حزب معطياته وظروفه ووجهة نظره الخاصة، التي لا يمكن على أية حال التدخل فيها.
باختصار هل أنت مع القيادة الجماعية؟
اعتقد ان القيادة الثلاثية او الجماعية امر تم تضخيمه إعلاميا ليس إلا، والجملة الأخيرة في السؤال السابق تجيب على هذا السؤال. شخصيا لا أملك إلا تقدير هذا الخيار، والذي يهمني هو التغيير الذي ننتظر تجلياته على أرض الواقع، وما يضرني إن نجح البام في تسويق ذاته إيجابيا شكلا ومضمونا في المستقبل وبقيادة جماعيا!؟ لاشيء طبعا، بل على العكس من ذلك، سيشكل قيمة مضافة لبلادنا هي بأمس حاجة إليها.
وقد أوضحت سابقا أن القيادة الجماعية لم تكن خيارا بل هو تكتيك سياسي فرضته ظروف معينة لتدبير المرحلة وتحقيق المصالحة مع بعض من أطره وإنجاح المؤتمر لتجنيب الحزب شبح الانفجار وقد نجح في ذلك على أية حال، الآن من حق هذه الفريق الثلاثي إعطاءه الفرصة لتدبير الأزمة الراهنة، فلا نتسرع في الحكم، حتى تتضح الأمور ويصحح المسار، فقد لا تستغرق هذه التركيبة إلا فترة معينة حتي يتجاوز الحزب محنته.