24ساعة-الرباط
“العين تأكل قبل البطن”، مثل شعبي له دلالة خاصة خلال شهر رمضان، عند جل الأسر المغربية، إذ تتزايد الرغبة في شراء المأكولات عندما تكون المعدة فارغة، فتتقد الحواس وتتربص بروائح الطبخ المتداخلة بين شوربة “الحريرة” والحلويات والأسماك وما عدا ذلك مما لذ وطاب.
وتضج الأسواق بالباعة الذين لا تمنعهم ساعات الصيام الطويلة، من الهتاف بصخب داعين الصائمين إلى اقتناء شرابهم المنعش والحلويات التقليدية المغربية، في حين تغص الأسواق في جل ربوع المملكة بالمشترين مع اقتراب ساعات المغيب.
كما تتجدد حركة دؤوبة لا تهدأ في لأسواق والمحلات بعد أن يسد المارة أبوابها المُوصدة في أغلب أيام السنة، حيث تعرِض مأكولات ومواد غذائية تقبل عليها الأسر بشكل أكبر خلال شهر رمضان.
فمثلا داخل السوق المركزي بالمدينة العتيقة في الرباط، يهش الباعة على صناديق الثمار والحلويات المحلية التي تعد إلى جانب حساء “الحريرة” أهم أطباق الإفطار خلال رمضان، فيما تروج تجارة بيع الألبسة التقليدية كـ”الشرابيل” والجلاليب، التي يحرص النساء على ارتدائها أثناء تبادل الزيارات العائلية وحين الذهاب لأداء الصلوات في المساجد.
ودون أن يفكر، يضع المستهلك يده في جيبه ويشتري بإفراط، فعوض الفطيرة يقتني ثلاثا، وبدل الكيلوغرام من اللحم يطلب من الجزار ما يفوق حاجته، وبسرعة يجد نفسه قد تعدى حاجياته اليومية عند الإفطار أو العشاء أو السحور.
إضافة إلى هذا تتزين المساجد بحلل جديدة، وتُعَطر بروائح البخور المحلية، استعدادا لاستقبال آلاف المصلين في صلاة التراويح، تضطر أمام اكتظاظها السلطات إلى قطع حركة المرور خلال ساعات الصلاة للسماح للمصلين برص الصفوف في الشوارع المجاورة.
ويتغير نمط الحياة اليومية كليا خلال شهر الصيام، فكما ينسحب ذلك على عادات الأسر الغذائية وقوائم أكلهم، يشمل أيضا طقوس خاصة لإحياء هذا الشهر الذي يطلق عليه “سيدنا رمضان”، وتبرز هذه التقاليد الدينية خاصة في ليلة النصف من رمضان، وفي ليلة القدر، حيث تتزين البيوت والشوارع لاستقبال هاتين الليلتين المقدستين.
كما تُقيم عدد من الجمعيات الأهلية الخيرية، موائد إفطار جماعي، يُدعى إليها عابرو السبيل والفقراء، ويشارك المُتطوعون في الأحياء الشعبية كما الميسورة في تنظيمها، فيما توزع جهات خيرية أخرى ما يطلق عليه “قفة رمضان” طوال أيام هذا الشهر الفضيل.
وككل سنة، يحْتدم النقاش حول ضرورة تغيير سلوكيات التبذير التي ترافق تبضع المغاربة على امتداد فترات ما قبل وحين الصيام، كما في فترة عيد الفطر التي تليه.