24 ساعة ـمتابعة
في خطوة مفاجئة، وقّع وزير الدفاع الموريتاني، حنن ولد سيدي ولد حنن، اتفاقية تعاون عسكري مع الجزائر خلال زيارته الرسمية للعاصمة الجزائرية يوم 16 أبريل 2025، بحضور الفريق أول سعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الجزائري. هذا الاتفاق، الذي يهدف إلى تعزيز التعاون العسكري بين البلدين الجارين. أثار موجة من التكهنات حول تأثيراته المحتملة على ديناميكيات الأمن الإقليمي. خاصة في ظل التوترات الجيوسياسية في منطقة الساحل وشمال إفريقيا.
تفاصيل الاتفاق وأهدافه
الاتفاقية، التي تم توقيعها في إطار زيارة رسمية، تركز على تبادل المعلومات الاستخباراتية وتعزيز التنسيق الأمني بين الجيشين الجزائري والموريتاني. وتشمل الاتفاقية، وفقًا لبيان صادر عن وزارة الدفاع الجزائرية، بروتوكول تعاون مشترك بين المديرية المركزية لأمن الجيش الجزائري وفرقة الاستخبارات. والأمن العسكري الموريتانية. الهدف المعلن هو تعزيز القدرات المشتركة لمواجهة التحديات الأمنية المشتركة، مثل الإرهاب، الجريمة المنظمة عبر الحدود، وتهريب الأسلحة والمخدرات في منطقة الساحل.
خلال اللقاء، أكد الوزير الموريتاني على رغبة بلاده في تعميق الشراكة الاستراتيجية مع الجزائر. مشيرًا إلى أن هذا التعاون يعكس “إرادة مشتركة لتأمين الحدود وضمان استقرار المنطقة”. من جهته. شدد الفريق شنقريحة على أهمية العلاقات الجزائرية-الموريتانية، التي وصفها بـ”النموذجية”. مشيرًا إلى أنها تستند إلى روابط تاريخية وثقافية وجغرافية تجمع البلدين.
مخاوف دولية محتملة
رغم الأهداف المعلنة للاتفاق، أثارت هذه الخطوة قلق بعض الدوائر الغربية، خاصة في الولايات المتحدة وأوروبا، وفقًا لتقارير صحيفة Sahel Intelligence. القلق ينبع من عدة عوامل:
التوازنات الإقليمية: تعتبر الجزائر قوة عسكرية إقليمية رئيسية، وتعزيز تعاونها مع موريتانيا قد يُنظر إليه كمحاولة لتوسيع نفوذها في منطقة الساحل، التي تشهد تنافسًا متزايدًا بين القوى الدولية.
العلاقات مع الغرب: موريتانيا، التي تُعد شريكًا استراتيجيًا للغرب في مكافحة الإرهاب بمنطقة الساحل، قد تثير مخاوف حلفائها التقليديين إذا ما بدا أنها تميل نحو تعاون أوثق مع الجزائر، التي تتبنى مواقف مستقلة وأحيانًا متباينة مع السياسات الغربية.
التأثير على استقرار الساحل: منطقة الساحل تعاني من عدم الاستقرار بسبب الجماعات الإرهابية والصراعات الحدودية. أي تغيير في التحالفات العسكرية قد يُنظر إليه كعامل محفز لتصعيد التوترات، خاصة إذا شعرت دول أخرى، مثل المغرب أو مالي، بأن مصالحها مهددة.
سياق إقليمي معقد
تأتي هذه الاتفاقية في وقت تشهد فيه منطقة الساحل تحديات أمنية متصاعدة. الجزائر، التي تمتلك خبرة طويلة في مكافحة الإرهاب، تسعى إلى لعب دور قيادي في تأمين المنطقة، خاصة بعد انسحاب القوات الفرنسية من مالي وتزايد النفوذ الروسي في المنطقة. من ناحية أخرى، تحرص موريتانيا، التي نجحت نسبيًا في الحفاظ على استقرارها الداخلي، على تعزيز قدراتها العسكرية من خلال التعاون مع شركاء إقليميين موثوقين.
الاتفاقية تُعد امتدادًا لسلسلة من التعاون الثنائي بين البلدين، حيث سبق أن وقّعا 26 اتفاقية تعاون في عام 2022 شملت مجالات اقتصادية وثقافية وأمنية. كما أن افتتاح المعبر الحدودي بين تندوف (الجزائر) والزويرات (موريتانيا) في عام 2018 عزز التبادل التجاري والأمني بين البلدين.
ردود فعل محتملة
في حين رحبت الأوساط الرسمية في كلا البلدين بالاتفاقية، يتوقع مراقبون أن تثير هذه الخطوة نقاشات في الأوساط الدبلوماسية الغربية. الولايات المتحدة، التي تدعم موريتانيا من خلال برامج تدريب عسكري ومساعدات أمنية، قد تسعى إلى الحصول على توضيحات حول طبيعة التعاون الجزائري-الموريتاني. أوروبا، من جانبها، التي تركز على مكافحة الهجرة غير الشرعية والإرهاب في الساحل، قد تعبر عن قلقها إذا ما اعتُبر الاتفاق مؤشرًا على تحول في التحالفات الإقليمية.
الاتفاق العسكري بين الجزائر وموريتانيا يعكس طموح البلدين لتعزيز التعاون الثنائي في مواجهة التحديات الأمنية المشتركة.
ومع ذلك، فإن توقيته وطبيعته قد يثيران تساؤلات حول تأثيره على التوازنات الإقليمية والدولية. في ظل التنافس المتزايد في منطقة الساحل. يبقى السؤال: هل ستتمكن الجزائر وموريتانيا من تحقيق أهدافهما الأمنية دون إثارة مخاوف القوى الدولية؟ الإجابة ستتضح مع تطور تنفيذ هذا الاتفاق وردود الفعل التي ستليه.