بقلم : محمد واموسي
أعادت التطورات الأخيرة التي شهدتها مدينة سبتة المغربية المحتلة إحياء مطلب استرجاع مدينتي سبتة و مليلية لدى المغاربة، فيما يُفضل المغرب تأجيل الملف إلى ما بعد حسم ملف الصحراء،تجنبا لفتح جبهتين في وقت واحد
سبتة تُعتبر واحدة من المدن المغربية التاريخية العظيمة، لا تقل أهمية عن مدينة فاس ومراكش من الناحية العلمية، إذ نجد مثلاً أن عدداً من العلماء المغاربة وعائلات مغربية عريقة يحملون اسم السبتي
إسبانيا تحتل مدينتي سبتة ومليلية منذ قرون، وتُعتبران من أقدم المستعمرات في العالم،لكن المغرب لا يعترف بسيادة إسبانيا على سبتة ومليلية، لكنه لم يضع الملف على طاولة اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار التابعة للأمم المتحدة، إلا أن التطورات الأخيرة في سبتة، حركت المياه الراكدة، وأعادت الدعوة إلى إنهاء احتلال المدينتين المغربيتين
مدينتا سبتة ومليلية كانتا أولى المستعمرات في شمال إفريقيا، فمدينة سبتة استعمرت من قبل البرتغال سنة 1415 ميلادية، و هذه الأخيرة تنازلت عن سبتة للإسبان سنة 1668 بمقتضى معاهدة لشبونة مقابل اعتراف إسبانيا باستقلال البرتغال، فيما احتلت مليلية من قبل الإسبان سنة 1497 ميلادية
احتلال سبتة و مليلية جاء لأسباب عسكرية و دينية،حيث أن البرتغاليين و الإسبان كانوا يريدون بذلك منع المسلمين من العودة إلى الأندلس مرة أخرى، فضلاً عن الخلفية الدينية، إذ كان مشروع نشر المسيحية في شمال إفريقيا واحدا من الأهداف
على مر التاريخ حاول المغاربة و بكل الوسائل استرجاع مدينتي سبتة ومليلية، إلا أن كل المحاولات لم تصل إلى نتيجة حتمية، فضلت المنطقة معلقة شكلياً، إلا أنها قانونياً خاضعة للسيطرة الإسبانية.
تاريخيًا بدل المغاربة جهوداً كبيرة لاسترجاع المدينتين، إذ يُسجّل التاريخ أن هناك أكثر من مئة حصار ضربت على المدينتين من أجل استرجاعهما، وكانت هناك هجمات ومعارك يومية ومستمرة من أجل دحر الاحتلال، فبالنسبة لمدينة سبتة على سبيل المثال، فقد حُوصرت من طرف المولى إسماعيل في المرة الأولى 5 سنوات، أما المرة الثانية فقد حاصرها 34 سنة وهو أطول حصار في التاريخ
قوة التحصينات التي وضعها الإسبان في مدينة سبتة حالت دون سيطرة المولى إسماعيل عليها، فضلاً عن عدم سيطرته على الأجواء البحرية،كما حاول الزعيم المغربي الأمازيغي عبد الكريم الخطابي دخول سبتة و مليلية لاستعادتها لكنه تراجع بسبب حسابات عسكرية
إسبانيا التي تطالب بريطانيا باستعادة جبل طارق تدرك جيدا أن المغرب لن يتنازل أبدًا عن المدينتين مهما طال الزمن،لذلك فهي تحاول بكل الوسائل قلب التركيبة السكانية للمدينتين بوقف تزايد أعداد المغاربة في المدينتين و تشجيع الإسبان على الهجرة إليهما و الإستقرار فيهما رغم نسبة البطالة المرتفعة جدا،و لا تتردد في رفض طلبات الجنسية الإسبانية لمغاربة يعيشون في المدينتين عقابا لهم على الإقرار بمغربية المدينتين
اتجاه المغرب الآن لحسم ملف الصحراء خاصة بعد الدعم الأمريكي لمغربية الصحراء،و توسيعه لجداره الدفاعي يشجعه على الانتقال للمطالبة باسترجاع سبتة ومليلية، و من المؤكد أن إنهاء مشكل قضية الصحراء المغربية قريبا سيضع هذا الملف على أولويات أجندة الدبلوماسية المغربية
فما ضاع حق ورائه مطالبون