24ساعة-العيون
حقق المغرب انتصارًا دبلوماسيًا جديدًا بتسجيله مكسبًا بارزًا بعد إعلان غانا سحب اعترافها بجبهة البوليساريو. هذا التحول النوعي في موقف أحد أبرز بلدان غرب إفريقيا المحسوبة على المحور الداعم للبوليساريو، يمثل ضربة موجعة للخصوم ويؤكد نجاح الدبلوماسية المغربية الفاعلة في القارة السمراء.
بفضل رؤية الملك محمد السادس الثاقبة وسياساته الحكيمة، تمكن المغرب من بناء شبكة واسعة من الشراكات مع دول القارة، وذلك من خلال إطلاق مشاريع استراتيجية كبرى عززت التكامل الإقليمي وخدمت مصالح الشعوب الإفريقية. هذه الاستراتيجية الذكية، التي جمعت بين الدبلوماسية النشطة والتعاون الاقتصادي، أثمرت عن تغيير موازين القوى داخل الاتحاد الأفريقي، ودفعت العديد من الدول إلى مراجعة مواقفها من النزاع حول الصحراء.
إن قرار غانا، الذي يأتي في سياق سلسلة من التحولات الإيجابية في المواقف الدولية، يعكس بوضوح فشل أطروحة الانفصال ونجاح المقترح المغربي للحكم الذاتي. هذا المقترح، المدعوم بقرارات مجلس الأمن الدولي، يمثل الحل الوحيد الواقعي والعملي لإنهاء هذا النزاع المستمر.
مع هذا الانتصار الدبلوماسي الجديد، يواصل المغرب ترسيخ مكانته كقوة مؤثرة في القارة الأفريقية، ويعزز من وحدته الترابية وسيادته على أقاليمه الجنوبية. المستقبل يحمل الكثير من الآفاق الواعدة للمغرب، الذي يسعى إلى بناء شراكات استراتيجية مع دول القارة، وتعزيز التعاون جنوب-جنوب، والمساهمة في تحقيق التنمية والاستقرار في المنطقة.
منذ عودته إلى الاتحاد الإفريقي نجح المغرب في بناء شبكة واسعة من الشراكات مع دول القارة
إن الاستثمارات المغربية الكبيرة في القارة الأفريقية، والتي تجسدت في مشاريع بنية تحتية ضخمة ومبادرات اقتصادية طموحة، قد أثمرت عن نتائج إيجابية ملموسة. فقد ساهمت هذه الاستثمارات في تعزيز العلاقات الثنائية بين المغرب ودول القارة، وحظيت بتقدير كبير من الشعوب الأفريقية. ونتيجة لذلك، تمكن المغرب من حشد الدعم الدولي لقضيته العادلة، وتعزيز مكانته كقوة مؤثرة في القارة.
فقد اعتمد المغرب على سياسة تجمع بين الحضور الدبلوماسي النشيط والفاعل والتعاون الاقتصادي مع الدول الإفريقية، لتحقيق اختراقات ديبلوماسية تعزز المكاسب المغربية في ملف نزاع الصحراء المفتعل.
فمنذ عودته إلى الاتحاد الإفريقي سنة 2017، نجح المغرب في بناء شبكة واسعة من الشراكات مع دول القارة، وذلك بفضل إطلاق العديد من المشاريع الاستراتيجية الإقليمية الكبرى، كمشروع أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي، ومبادرة تسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، وغيرها من المشاريع التي تهدف إلى تعزيز التكامل الإقليمي، وتطوير البنية التحتية وتحقيق الاستقرار، بما يخدم مصالح بلدان القارة.
استراتيجية نجح من خلالها المغرب في تغيير موازين القوى داخل المنظمة القارية لصالحه، وإقناع عواصم إفريقية مؤثرة بمراجعة موقفها من نزاع الصحراء، ودفعها إلى الانخراط في دعم الجهود التي تقودها الأمم المتحدة بهدف إيجاد حل سياسي واقعي متوافق بشأنه للنزاع الإقليمي، تزامن كل ذلك مع فتح العديد من الدول الإفريقية الداعمة للوحدة الترابية للمغرب، لقنصليات وتمثيليات ديبلوماسية بالأقاليم الجنوبية، في خطوة عززت شرعية السيادة المغربية على الصحراء أمام المجتمع الدولي.
قرار جمهورية غانا جاء بعد سلسلة من المواقف المماثلة التي عبرت عنها العديد من الدول
كما أن قرار أكرا الداعم للرباط، يأتي بعد سلسلة من المواقف المماثلة التي عبرت عنها العديد من الدول التي كانت إلى عهد قريب تناصر أطروحة البوليساريو، والتي كان آخرها الاكوادور وبنما والبيرو، وهو ما يعكس تحولا واضحا في المواقف الدولية بشأن نزاع الصحراء، والذي يعزى إلى سياسة الانفتاح التي انتهجتها المملكة على القارة الإفريقية وامريكا اللاتينية والوسطى، وتعزيز التعاون جنوب-جنوب، وكذا الجهود الدبلوماسية المكثفة، لتعزيز مكانة المملكة إقليميا ودوليا، وإبراز مقترح الحكم الذاتي كحل واقعي وذي مصداقية، تماشيا وقرارات مجلس الأمن الدولي، المؤكدة على أولوية الحل السياسي الواقعي والتوافقي لهذا النزاع الإقليمي.
ويعكس توالي سحب الاعتراف بالبوليساريو بالقارة الإفريقية، والذي بات يهدد عضويتها بالتكتل القاري، اقتناع الغالبية العظمى من دول الاتحاد الإفريقي، بأهمية تبني مواقف واقعية وعملية إزاء حل النزاعات الإقليمية، وتصفية النزاعات الموروثة عن حقبة الحرب الباردة، كما يعكس وعيا متزايدا بعدم جدوى الدعم المقدم لأطروحة البوليساريو، وأن النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية. يعرقل جهود التنمية والاستقرار في المنطقة، وهو ما يفرض ضرورة الانخراط في دعم الجهود الأممية لإيجاد تسوية للقضية المفتعلة. على اساس خطة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب، باعتبارها الحل الوحيد العملي القابل للتطبيق، والضامن للاستقرار في منطقة شمال غرب أفريقيا.