الرباط- قمر خائف الله
بعد نهاية كل مباراة ضمن منافسات كأس أمم إفريقيا لأقل من 17 سنة، يتصدر إسم سعيد شيبا محرك بحث جوجل، لمعرفة أصل هذه الجوهرة المغربية الذي أكد عزمه على حمل مشعل الكرة المغربية والمضي بها قدما، في أكثر من مناسبة وإبقاء راية المدرب المحلي خفاقة في المحافل القارية.
بعد الإنجاز الذي حققه وليد الركراكي، في بطولة كأس العالم الأخيرة بقطر، حينما قاد الأسود إلى بلوغ المربع الذهبي للمونديال، وهو ما لم يتحقق في السابق لأي مدرب عربي أو أفريقي، جاء إنجاز سعيد شيبا رفقة أشبال الأطلس ليأكد أن الكرة المغربية لم تعد كسابقتها و ليعكس قدرات المدرب المحلي التي لا تلقى التقدير الكافي من أندية الدوري التي تلهث خلف المدربين الأجانب.
يعتبر سعيد شيبا واحدا من أبرز اللاعبين المغاربة الذين عبروا صفوف المنتخب المغربي، والذين تركوا بصمتهم في عرين “أسود الأطلس”، ومختلف الأندية التي لعب لها.
زرع شيبا فشيئ من روح الوطنية في نفوس الفتيان ، ومع كل إنتصار يتضح أن مستقبل الكرة المغربية في أمان وسلام، مادام بين يدي جيل يتربى ويتعلق من مدربين مثل سعيد شيبا.
هذا المدرب الذي جعل شباب صغار في سن 16 سنة تذرف الدموع حبا في رفع راية المغرب عاليا، خاض تجارب في أوروبا والخليج، وكان ضمن جيل اللاعبين الذين قررا دخول غمار تدريب الأندية في البطولة الوطنية، بعدما مسيرة قصيرة ضمن الطاقم التقني للمنتخب المغربي على عهد زكي بادو.
حب كرة القدم بالنسبة لسعيد شيبا ليس وليد اللحظة بل تعلق بهذه اللعبة منذ حداثة سنه، مارسها مابين أحياء الرباط ومدينة سلا، ومع تفوقه على باقي أقرانه نصحه الكثير من لعبوا معه آواخر ثماننات القرن الماضي، بالتوقيع مع إحدى الأندية لصقل مواهبة.
إختار اللاعب الفتح ، فإلتحق بالفريق الرباطي الذي قضى رفقته ست سنوات، كلها تميز وعطاء، رغم الصعوبات التي واجهها في البداية، لفرض نفسه كلاعب شاب في صفوف فريق لم يكن يفسح المجال كثيرا للاعبين صغار السن، مثلما كان معمولا به في معظم أندية البطولة، لكن مثابرة سعيد وحرصه على إحتراف الكرة جعله يخطف الأنظار ،ويصبح واحدا من أكثر النجوم التي تتهافت عليها الأندية المغربية، غير أن اللاعب الذي برز في مركز وسط الميدان، ترك كل العروض المحلية خلف ظهره، وأراد دخول تجربة خارج المغرب.
فمع بداية سنة 1994 حزم سعيد شيبا حقائبه وتوجه للسعودية لينضم للهلال لعب معه لموسمين ، قدم فيهما أداءا رائعا، قبل أن يحقق حلمه الكبير بالإحتراف في الليغا الإسبانية، من بوابة كومبوسطيلا، هناك حيث سيجد عمالقة الكرة العالمية في واحدة من أكثر الدوريات الكروية إثارة.
بعد نجاحه في إسبانيا، توصل شعيد شيبا بعروض من فرنسا بعد حضوره الجيد مع المنتخب المغربي في مونديال 1998، فعند نهاية مشوار المغرب في البطولة العالمية آنذاك إنتقل شيبا لنادي نانسي، حيث مكث موسمين، قدما فيها أداءا رائعا، قبل أن تتم إعارته صفوف مودرويل الإسكتلندي.
لم يستمر مقام شيبا طويلا ببلاد الإسكتلنديين، ليقرر بعدها التوجه إلى اليونان في مغامرة جديدة، مفضلا اللعب مع أريس سالونيك الذي لعب له أيضا لموسم واحد، تاركا بصمته، بأداء متوزان في خط الوسط، وفي 32 من عمره، وبعدما خاض سعيد شيبا تجارب مختلفة في القارة الأوروبية، قرر اللعب في الخليج العربي، لينتقل للبطولة القطرية، حيث إرتدى قميص نادي قطر مابين 2002 و2004.
وبعد كل هذه التجارب في مختلف الأندية الأوروبية أو الخليجية عاد شيبا إلي حضن الوطن إلى نادي الفتح الرباطي سنة 2005 الذي نشأ وتربى داخله، لكن لاكن الأمور لم تجري كما أحب الجوهرة المغربية، فبعد موسم واحد عاد شيبا للإمارات من جديد، و هذه المرة من بوابة فريق الشارقة الذي قضى داخله أيضا موسما واحدا، قبل الإعتزال وتوديع ملاعب الكرة بصفة لاعب.
مسيرته كمدرب انطلقت من قطر كمدرب مساعد ثم مدرب أول ليلتحق في تجارب قصيرة مع بعض الأندية المغربية كالحسيمة والزمامرة، آخر محطاته منتخب المغرب للفتيان تحت 17 سنة المشارك حاليا في البطولة الإفريقية والمؤهل لنهائي كأس أمم إفريقيا، والذي ضمن التأهل لنهائيات كأس العالم، بعد 10 سنوات من الغياب.
قصة سعيد شيبا الملهمة كلاعب وكمدرب تعطي فكرة على أن الإصرار والعزم طريق الناجحين، وأن المدرب إبن البلد قادر أن يصنع المستحيل، فما حققه “هشام الدكيك” رفقة منتخب الفوتصال و “وليد الركراكي” رفقة “أسود الأطلس” و شيبا رفقة “أشبال الأطلس” يعطي فكرة واضحة أنه أثناء قيادة أبناء الوطن للبطولات الكروية تتردد كلمة “المستحيل ليس مغربيا”.