سليمة عميرة
تُعد أفريقيا مركزاً مستقبلياً للمهارات التكنولوجية، حيث تمتلك ثروة من المواهب الشابة التي يمكن الاستفادة منها. إن تعزيز الوصول إلى المهارات الرقمية والتكنولوجيا أمر بالغ الأهمية لتطوير جيل جديد من المتخصصين في مجال التكنولوجيا الذين سيمكنون القارة من المنافسة في الاقتصاد الرقمي العالمي ودفع عجلة الابتكار في القارة.
في عالم رقمي متزايد، لا يمكن المبالغة في أهمية تزويد شباب أفريقيا بالمهارات الرقمية في عالم يتزايد فيه استخدام التكنولوجيا الرقمية.
ومن الإحصائيات التي يُستشهد بها كثيراً أن أفريقيا، باعتبارها أصغر قارة في العالم، ستشكل خُمس إجمالي القوى العاملة وثلث إجمالي القوى العاملة من الشباب في العالم بحلول عام 2030. يمكن لأفريقيا اغتنام الفرصة وتسخير شبابها لتصبح مركزاً عالمياً للمهارات التكنولوجية، لكن فجوة المهارات الرقمية تلوح في الأفق. إن تطوير المهارات اللازمة للمنافسة في الاقتصاد الرقمي العالمي أمر بالغ الأهمية. يجب علينا أن نركز جهودنا في مجال المهارات على ثلاثة مجالات رئيسية لتحقيق رؤية أفريقيا كمركز للتكنولوجيا – بناء محو الأمية الرقمية، ومنح رواد الأعمال المهارات اللازمة للازدهار، وقيادة مجموعة مهارات الذكاء الاصطناعي اللازمة للاستفادة من الإمكانات الكاملة لهذه التكنولوجيا.
يجب أن يكون محو الأمية الرقمية نقطة الانطلاق
مع التحول السريع للتكنولوجيا في مشهد القوى العاملة، يبحث أصحاب العمل على مستوى العالم عن عمال يتمتعون بمهارات رقمية معززة. ووفقًا للبنك الدولي، فإن معظم الطلب على هذه المهارات الرقمية سيأتي من مهن خارج تخصصات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، مدفوعًا بتبني الشركات للتقنيات الرقمية. ومن المتوقع أن يكون 70 في المائة من هذا الطلب على المهارات الأساسية، يليها 23 في المائة على المهارات المتوسطة خارج قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
إدراكاً لأهمية المهارات الرقمية، تعمل البلدان في جميع أنحاء القارة على وضع خطط لبناء الكفاءات اللازمة للاقتصاد الرقمي العالمي. وانسجاماً مع هذه التوجهات العالمية، تستثمر الحكومة المغربية في تنمية المهارات الرقمية من خلال مبادرات لتمكين شبابها وتعزيز منظومتها الرقمية.
وإدراكاً منها للحاجة إلى توسيع نطاق الوصول إلى برامج تطوير المهارات الرقمية، أطلقت مايكروسوفت مبادرة المهارات العالمية في عام 2021، والتي تجمع بين موارد من LinkedIn learningو GitHub و Microsoft Learn. وقد ساعد البرنامج 80 مليون باحث عن عمل حول العالم في الوصول إلى المهارات الرقمية. وعلى الصعيد المحلي، تم منح أكثر من 200,000 شخص إمكانية الوصول إلى المهارات الرقمية والتأسيسية من خلال المبادرة.
دعم رواد الأعمال لتحفيز الابتكار
يجب أن تكون مهارات الشركات الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة المجال الثاني الذي يجب التركيز عليه. فعلى الرغم من انضمام ما بين 10 إلى 12 مليون شاب أفريقي إلى القوى العاملة كل عام، إلا أنه لا يتم خلق سوى 3 ملايين وظيفة فقط. ومن شأن المساعدة في دعم ريادة الأعمال واستدامتها أن تقطع شوطاً طويلاً في حل مشكلة التوظيف. وبعيداً عن التوظيف، غالباً ما تكون الشركات الصغيرة والشركات الناشئة في طليعة الابتكار، حيث تقدم حلولاً للتحديات المجتمعية الأكثر إلحاحاً في أفريقيا.
ووفقاً لبنك التنمية الأفريقي (AfDB)، فإن حوالي 22 في المائة من سكان أفريقيا في سن العمل يؤسسون أعمالاً جديدة – وهو أعلى معدل في العالم. أصبح النظام البيئي للشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا الأفريقية مصدراً مهماً للتوظيف.
ومن أجل تنشئة جيل جديد من قادة التكنولوجيا، تعاونت مايكروسوفت مع مدرسة 1337 للتنمية في المغرب لتطوير طلاب المدرسة. والهدف من هذه المبادرة هو إنشاء مجموعة من المواهب من مهندسي البيانات والذكاء الاصطناعي المدربين على أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي من مايكروسوفت، ودعم مجموعة OCP وشركاء مايكروسوفت.
بالإضافة إلى ذلك، يساعد المشروع 1337 طالباً في تأمين فرص عمل أو بدء شركاتهم الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي. وتشمل النتيجة المتوقعة لهذا المشروع تقديم أكثر من 100 شهادة من مايكروسوفت وتدريب 37 مجموعة من الطلاب الذين سيؤثرون على 13 مؤسسة. يتماشى هذا البرنامج مع التزام مايكروسوفت بدعم مهمة مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط في المغرب ورؤية UM6P لأفريقيا والقارة السمراء.
تطوير المهارات اللازمة لثورة الذكاء الاصطناعي
المنظمة المهنية للمحاسبين المعتمدين بالمغربهي مؤسسة ذات شخصية معنوية خاضعة لقانون رقم 15/89 الذي يقام بتنظيم مهنة الخبير المحاسب. وتمارس المنظمة صلاحياتها القانونية من خلال مجلس وطني ومجالس جهوية. وتهدف هذه المنظمة إلى صيانةالمبادئ والتقاليد المرتبطة بالمروءة والكرامة وصفات الاستقامة التي يقوم عليها شرف مهنة الخبرةالمحاسبية،وتحرص على تقيُّد أعضائها بما تقضي به القوانين والأنظمة والأعراف التي تحكم ممارسة هذه المهنة.
حول معهد التدريبالتابع للمنظمة المهنية للمحاسبين المعتمدين بالمغرب
تتصدر التطورات في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي عناوين الأخبار في جميع أنحاء العالم، ولسبب وجيه. فالذكاء الاصطناعي هو التكنولوجيا المميزة لعصرنا. وبينما تستثمر الشركات في الذكاء الاصطناعي، سيستمر الطلب على المهنيين المهرة في الازدياد. ووفقًا لتقرير حالة الذكاء الاصطناعي في أفريقيا، إذا استمرت الاتجاهات الحالية، فإن الذكاء الاصطناعي وما يصاحبه من أنظمة بيئية للشركات الناشئة في أفريقيا قد يحقق مكاسب كبيرة. وتشير التقديرات إلى أن الاستحواذ على 10% فقط من سوق الذكاء الاصطناعي العالمي يمكن أن يوسع اقتصاد أفريقيا بنسبة تصل إلى 50% من الناتج المحلي الإجمالي الحالي.
وللاستفادة من التحول العالمي الذي يحدث حاليًا، يجب علينا تمكين الشركات والأفراد في جميع أنحاء المغرب من الاستفادة من إمكانات الذكاء الاصطناعي التي ستغير قواعد اللعبة. يمكن للشراكات الاستراتيجية عبر القطاع الخاص أن تطلق العنان لإمكانات الشباب الأفريقي من خلال السماح بتنفيذ مبادرات أكثر شمولية واستدامة.
تم إطلاق معهد الذكاء الاصطناعي في وقت سابق من هذا العام بالتعاون بين معهد هولماركون ومايكروسوفت، بهدف تقديم برامج معتمدة في معهد الذكاء الاصطناعي، وهو مركز تدريب متخصص في الذكاء الاصطناعي. هذه البرامج التدريبية مصممة خصيصاً لتلبية احتياجات السوق المغربية وتتماشى مع أحدث التطورات التكنولوجية. وبهذه الطريقة، تفتح المبادرة الطريق أمام فرص التعلم والتطوير المهني في مجال مزدهر وتهدف إلى المساهمة في تعزيز الابتكار في الشركات والمؤسسات المغربية.
يعمل مجتمع Zindi الأفريقي الرائد في مجال الذكاء الاصطناعي مع شركة مايكروسوفت على تعزيز المهارات الرقمية في جميع أنحاء القارة، مما يوفر لجيل جديد من الشباب الأفريقي المتمرس في مجال التكنولوجيا فرصة اكتساب المهارات التي يتطلبها السوق الآن وفي أماكن العمل المستقبلية.
إن تمكين أفريقيا من خلال المهارات الرقمية وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي ليس مجرد رؤية بل هو واقع استراتيجي تستثمر فيه مايكروسوفت بعمق. ومن خلال سد الفجوة الرقمية وتعزيز الابتكار، فإننا نرسي الأساس لمستقبل أكثر إشراقاً حيث يمكن للمواهب الأفريقية أن تتألق على الساحة العالمية. معاً، يمكننا تحويل التحديات إلى فرص وضمان عدم تخلف أحد عن الركب في هذه الثورة الرقمية.
*مديرة مايكروسوفت المغرب