الدار البيضاء-أسماء خيندوف
شهدت العلاقات بين المغرب وفرنسا تطورا بارزا، حيث تم توقيع اتفاقيات استثمارية بقيمة 10 مليارات يورو، خلال زيارة الدولة الأخيرة التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المغرب أكتوبر الماضي.
تشمل هذه الاتفاقيات مجالات حيوية مثل الطاقة المتجددة، النقل، البحث العلمي، والصناعة. ومن أبرز المبادرات المشتركة التعاون في الاقتصاد الأخضر، الذي يركز على إنتاج الوقود النظيف والحد من الانبعاثات الكربونية، بما يتماشى مع التوجهات العالمية نحو التنمية المستدامة.
مجال النقل السككي
يرى المحلل الإقتصادي محمد حركات على أن فرنسا تسعى جاهدة لاستعادة دورها الريادي في مشاريع البنية التحتية والتنمية الاقتصادية بالمغرب بعد فترة من التراجع. و من بين الخطوات البارزة في هذا السياق توقيع شركة ألستوم اتفاقية لتزويد المغرب بقطارات جديدة، ما يرسخ وجودها في قطاع النقل ويؤكد التزامها بالمساهمة في تطوير شبكة السكك الحديدية بالمملكة، خاصة مشروع خط القطار المرتقب بين مراكش وأكادير.
و أكد المختص على أن هذه الاتفاقية ذات أهمية كبيرة في تعزيز بنية النقل التحتية في المغرب، خاصة في ظل التوقعات بزيادة حركة السفر مع تنظيم المغرب لكأس العالم 2030 بالتعاون مع إسبانيا والبرتغال. كما سيشرع المغرب في مفاوضات مع شركة ألستوم لتوريد ما بين 12 إلى 18 عربة قطار جديدة.
الخطوات الفرنسية تشير إلى رغبة واضحة في تعزيز العلاقات الاقتصادية مع المغرب والمساهمة في مشاريعه الحيوية ذات الطابع الاستراتيجي.
المجال الطاقي
أكد الخبير الإقتصادي على أن هذه الإتفاقيات كانت مبنية على دراسات معمقة و واقعية بين المغرب و فرنسا. مشيرا إلى أن قوة العلاقات الإقتصادية بين البلدين اليوم هي ثمرة نتاج لسنوات ممتدة من المشاورات والمفاوضات على المستويين السياسي والدبلوماسي.
وأضاف على أن توقيع اتفاقية بين شركة توتال إنجي والحكومة المغربية في مجال الهيدروجين الأخضر، سيعزز من موقع المغرب في سوق الطاقات المتجددة وسيساهم في تحقيق الأهداف البيئية العالمية.
و شدد على أن فرنسا تعزز تعاونها مع المغرب في قطاع الفوسفات، حيث ستدعم المجمع الشريف للفوسفاط (OCP) في تنفيذ استراتيجياته الطموحة لتحقيق الاستدامة البيئية وتقليل الانبعاثات الكربونية في عملية إنتاج الأسمدة.
و أوضح على أن هذا التعاون يعكس الاهتمام الفرنسي بتطوير شراكات قوية مع المغرب في مجالات تتعلق بالتنمية المستدامة والطاقة النظيفة.
والجدير بالذكر أن الحكومة المغربية أعلنت مؤخرا أنها تلقت 40 مشروعًا في مجال الهيدروجين الأخضر، حيث سيتم انتقاء المشاريع لاحقا. وتتمركز معظم هذه المشاريع في منطقة الصحراء، مما يعكس التزام المغرب بتطوير هذا القطاع الاستراتيجي.
المجال البحري
أشاد المختص بالشراكة الاستراتيجية التي وقعت بين “مرسا ماروك” المغربية و”CMA CGM” الفرنسية، باستثمار قدره 300 مليون يورو لإدارة ميناء الناظور غرب المتوسط. معتبرا أن هذا الميناء سيلتحق بمشروع “IMEC”، الممر الاقتصادي الذي سيربط الهند بأوروبا عبر الخليج وإسرائيل، وهو مشروع مدعوم من الولايات المتحدة بهدف منافسة طريق الحرير الصيني.
و أضاف على أن بهذا المشروع سيصبح المغرب نقطة التقاء رئيسية للمشاريع الدولية، بفضل موقعه الاستراتيجي، لا سيما مع استثمار “Mobility Green Horizon” الذي يبلغ 5 مليارات دولار في إنتاج الهيدروجين الأخضر. مما سيعزز تدفقات الطاقة والتجارة العالمية.
في حين انتقد المحلل صناعات السفن التي باتت ضعيفة في المغرب و دعى إلى وضع استراتيجيةحقيقية تسعى إلى خلق صناعة بحرية وطنية قادرة على جعل البلاد دولة بحرية رائجة.
و أكد المختص على أن بفضل هذه الديناميكيات الاقتصادية واللوجستية، يدخل المغرب مرحلة جديدة من القوة الاقتصادية العالمية، مما يضعه في موقع متميز لجذب استثمارات ضخمة في مختلف القطاعات، من الصناعة إلى الطاقة والتكنولوجيا.