24 ساعة ـ عبد الرحيم زياد
أكدت المملكة المتحدة دعمها الثابت لخطة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب كحل واقعي وذي مصداقية للنزاع الإقليمي حول الصحراء. وقد عبرت لندن عن هذا الموقف في بيان مشترك وقّعه وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، ونظيره المغربي، ناصر بوريطة، خلال لقائهما في الرباط يوم الأحد 1 يونيو 2025.
شراكة تاريخية ومستقبلية
يعكس البيان المشترك، بعيدًا عن ملف الصحراء المغربية، عمق العلاقات بين البلدين، الممتدة لأكثر من 800 عام، والتي تعود إلى أول تواصل موثق في مطلع القرن الثالث عشر.
وشكلت هذه الروابط التاريخية، التي لطالما مثلت ركيزة لتحالف فريد بين العائلتين الملكيتين، أساسًا متينًا لشراكة استراتيجية “رائدة ومتطلعة إلى المستقبل”. ولا تقتصر هذه الشراكة على الجوانب الدبلوماسية، بل تجسّد رؤية مشتركة لتعزيز التعاون في مجالات حيوية ومتعددة.
آفاق واسعة للتعاون متعدد الأوجه
تشمل مجالات التعاون بين المغرب والمملكة المتحدة عددًا من القطاعات الحيوية، أبرزها الأمن والدفاع، بهدف تعزيز الاستقرار الإقليمي والدولي ومواجهة التحديات المشتركة، والتجارة والاستثمار لفتح آفاق جديدة للنمو الاقتصادي وخلق فرص الشغل. كما يمتد التعاون إلى مجالات الماء، والمناخ، والانتقال الطاقي، لمواجهة التحديات البيئية وتعزيز التنمية المستدامة، إضافة إلى الصحة والتعليم والبحث العلمي والابتكار، من أجل الاستثمار في رأس المال البشري ودعم التقدم المعرفي.
ويتضمن هذا التعاون أيضًا مجال حقوق الإنسان، تأكيدًا على القيم المشتركة ودعمًا للحريات الأساسية، إلى جانب المبادلات الثقافية والرياضية، التي تسهم في تعزيز التفاهم والتقارب بين الشعبين.
ويجسد هذا التنوع في مجالات التعاون رؤية شاملة للشراكة، لا تقتصر على الجانب السياسي فقط، بل تمتد لتشمل مختلف مناحي الحياة، ما يعكس التزامًا صادقًا بتعميق الروابط بين المملكتين.
شريكان لرفع التحديات الإقليمية والعالمية
يتميز هذا التحالف الاستراتيجي بالتزام المغرب والمملكة المتحدة بـ”العمل كشريكين لمواجهة التحديات الإقليمية والعالمية معًا”. ولا يُعد هذا مجرد شعار دبلوماسي، بل يمثل مبدأً توجيهيًا يعكس رغبة البلدين في لعب دور بنّاء على الساحة الدولية، والدفاع عن قيم السلام، والأمن، والتسامح، وحقوق الإنسان، في سياق إقليمي ودولي محفوف بالتحديات.
ويجسد الدعم البريطاني لمبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية رسالة سياسية قوية تؤكد أهمية الشراكة والتعاون في حل النزاعات، كما يعزّز الدور الدبلوماسي للمغرب كفاعل محوري في المنطقة يسعى إلى تحقيق الاستقرار والتنمية. كما تؤكد هذه الخطوة أن المبادرة المغربية تظل السبيل الأنجع لتحقيق مستقبل مزدهر للصحراء المغربية وسكانها.
ولا تعكس الشراكة الاستراتيجية المتجددة بين المملكة المغربية والمملكة المتحدة مجرد روابط تاريخية متينة، بل ترسم ملامح مستقبل مشرق يقوم على التعاون والازدهار المشترك بين بلدين عريقين. وقد جاء في البيان المشترك: “منذ التواصل الأول الموثق بين المملكتين، في مطلع القرن الثالث عشر، إلى غاية المبادلات الحالية، شكّلت الروابط التاريخية والدائمة بين الملوك المغاربة والبريطانيين ركيزة هذا التحالف الفريد”.