وعيا منها بالواجب الرئيسي المتمثل في تلبية الاحتياجات المتزايدة للمواطنين في مجال الأمن، تواصل المديرية العامة للأمن الوطني عملها، في إطار رؤيتها المواطنة الرامية إلى النجاعة الاستبقاية والفعالية، بهدف إرساء شرطة قرب قادرة على محاربة الجريمة في الوقت المطلوب، وبكل ما يلزم من الحزم.
وينبع إحداث شرطة قرب مصممة على السهر على ضمان راحة المواطنين، ليلا ونهارا، من قناعة المديرية العامة للأمن الوطني بضرورة مواجهة التحولات التي يشهدها المجتمع وبروز مخاطر جديدة وتهديدات أمنية.
وقد أعدت هذه الاستراتيجية الوطنية من أجل شرطة قرب في خدمة المواطن لتشمل كافة أرجاء التراب الوطني، من خلال استراتيجيات الأمن المحلية تأخذ بعين الاعتبار الخصائص الجوهرية لكل منطقة تدخل وتعتمد على ضبط المشاكل التي تواجهها، والتنسيق التام مع السكان المحليين ومختلف الفاعلين المعنيين بالشأن الأمني، وكل ذلك في مناخ من الثقة والاحترام المتبادلين.
وتتوخى المديرية العامة للأمن الوطني، من خلال هذه المقاربة، أن تضمن للمواطن وأسرته وأقاربه الحق في الأمن وفي حياة كريمة، وكل ذلك وفقا للتعليمات السامية لجلالة الملك محمد السادس، ومقتضيات الدستور و استراتيجية الحكومة التي تجعل من الأمن مهمة الجميع.
ولتحقيق هذه الغاية، تعمل المديرية العامة للأمن الوطني على تحسين جودة خدماتها الأمنية من خلال محاولتها مسايرة التحولات المستمرة التي تعرفها الساحة الدولية، وأيضا داخل المجتمع، وتعمل باستمرار وبتفان ونكران ذات، للدفاع عن ثوابت المملكة والحفاظ على المكتسبات التي تجعل المغرب واحة للسلام والطمأنينة، في مناخ عالمي يعاني من العديد من عوامل عدم الاستقرار.
وبعبارة أخرى، فإن الأمر يتعلق بالنسبة للمديرية العامة للأمن الوطني بالعمل بفعالية على وضع استراتيجية واقعية ومبتكرة تقوم على أساس القرب من المواطن والتنسيق الفعال والتواصل والتفاعل. والهدف من ذلك هو تعزيز هذا التوجه الجديد من خلال مقاربة تشاركية مبنية على حكامة ناجعة، والتكيف اليومي مع المتطلبات الحقيقية للمواطنين أمام الأعمال الإجرامية والجنائية.
وفي ظل مقاربتها الاستباقية، تواصل المديرية العامة للأمن الوطني العمل على جعل تعزيز مهارات وكفاءات العنصر البشري أولوية رئيسية، من خلال تداريب متخصصة ومتطورة تساير أحدث التطورات في هذا المجال، لأن الأمر بالنسبة لهذه المؤسسة المواطنة يتعلق، وقبل كل شيء، بالحفاظ على النظام العام، وحماية المواطنين بشكل دائم في مواجهة العديد من التحديات والتهديدات الأمنية التي تتطلب أجوبة مناسبة في الوقت المناسب.
وفي الواقع، فإن المديرية العامة للأمن الوطني بفضل الكفاءة المثبتة لأطرها وعناصرها، والتزامها بالتطبيق الصارم للقوانين الجاري بها العمل، تسهر باستمرار، وبكل موضوعية وحيادية، على الحفاظ على التوازن بين الضرورة الأمنية (الحفاظ على النظام العام، وحماية المواطنين، ومكافحة الجريمة) والالتزام بضمان الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين.
وبالنسبة للمديرية العامة للأمن الوطني، فالمواطنة ليست “شعارا” يعنى بالمتطلبات الراهنة، بل هي ثقافة حقيقية ينبغي النهوض بها في سياق علاقة متبادلة ووثيقة لهذه المؤسسة مع باقي مكونات المجتمع الأخرى، من خلال استحضار قيم الشفافية والتعاون والحكامة الرشيدة.
ومن أجل ترسيخ شرطة القرب وجعل مختلف تدخلاتها تتسم بالنجاعة والمصداقية ، بنت المديرية العامة للامن الوطني استراتيجيتها الاستباقية ومكافحة الجريمة على مسألة القرب ، وذلك باعتماد سلسلة من التدابير الملموسة ، من بينها ، إعادة تفعيل مركز الإتصال الهاتفي “19” من أجل الاستجابة على الفور لطلبات المواطنين.
وفي هذا الاطار ، شرعت المديرية العامة للامن الوطني في إحداث مراكز جديدة للقيادة والتنسيق كما هو الحال في قاعة القيادة والتنسيق بمراكش، التي تم تزويدها بأحدث المعدات لاستقبال المكالمات الهاتفية للمواطنين ، وتحليلها ، ومعالجتها وبالتالي تقديم الاجابات المناسبة لها .
وتوفر هذه القاعة، من خلال العديد من الشاشات المتصلة بكاميرات متطورة، المراقبة اليومية للعديد من المحاور الرئيسية والمناطق الحساسة بالمدينة ، مما يتيح لمصالح الأمن الوطني التحرك بسرعة في حالة الضرورة، وذلك عبر وحدة متنقلة لشرطة النجدة.و لا تقتصر مهمة قاعة القيادة والتنسيق على مدينة مراكش ولكنها تمتد لتشمل كامل تراب جهة مراكش-آسفي ، فضلا عن أن هذا المركز يتوفر على نظام متقدم للتنقيط خاص بالأفراد والسيارات ، يمكن من توفير معلومات مفيدة في الوقت المناسب.
وفي إطار مقاربتها لسياسة القرب ، قامت المديرية العامة للامن الوطني أيضا بإحداث سلسلة من الفرق المتخصصة . كما حرصت ، على أساس التوزيع الجغرافي والطبوغرافي ، على ضمان حضور قوي لعناصرها ، وذلك بافتتاح مراكز للشرطة ودوائر ومفوضيات بهدف تحقيق تغطية شاملة وتعزيز شعور المواطنين بالأمن.
وإدراكا منها بأهمية التربية والتحسيس لدى الأجيال الصاعدة، تنظم المديرية العامة للامن الوطني منذ 2012 برنامجا تحسيسيا بالوسط المدرسي بشراكة مع وزارة التربية الوطنية والجمعيات والفاعلين المعنيين.
والهدف من هذه المبادرة للقرب يكمن في تحسيس الشباب حول عدد من المخاطر التي قد يتعرضون لها، ولكن أيضا حول محاربة السلوكات غير المتحضرة بالوسط المدرسي وكذا بعض الظواهر الاجتماعية، مثل ترويج المخدرات والاعتداءات الجنسية .
ويستند برنامج التحسيس في الأوساط المدرسية ،الذي يتم تنفيذه اعتمادا على فريق من ضباط الشرطة ذوي الخبرة والمدربين تدريبا عاليا في هذا المجال ، على اختيار دقيق للمواضيع التي يتم معالجتها مع الشباب المتمدرس، والتي تتمحور أساسا حول “السلامة الطرقية” و “العنف المدرسي”، و”بيع واستهلاك المخدرات” ، و”الاستخدام غير المؤطر للإنترنت” ، “والجرائم الإلكترونية” ،و “المواطنة الرقمية” ،و “التسامح والتعايش” ….
ومن الأمثلة الأخرى لمقاربة المواطنة والقرب التي تتبناها المديرية العامة للامن الوطني ، تنظيم أبواب مفتوحة ، للسنة الثانية على التوالي ، والتي تشكل فرصة لهذه المؤسسة من أجل الانفتاح بشكل أفضل على بيئتها الخارجية ، والتواصل مع مختلف مكونات المجتمع ، وتسليط الضوء على مختلف الخدمات المقدمة للمواطن ، مع تحسيس هذا الأخير بأنه “فاعل رئيسي” في تكريس الاستراتيجية الأمنية.
وتقدم أيام الأبواب المفتوحة أيضا فرصة للجمهور من أجل الوقوف عند الدور الذي تضطلع به المديرية العامة للامن الوطني كمواكب حقيقي للإصلاحات الكبرى التي يشهدها المغرب تحت القيادة النيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.