نشر بشراكة مع DW العربية
“يتعين على شركات صناعة الأدوية احترام العقود التي وقعتها”. هكذا خاطب باسكال كالفين رئيس لجنة البرلمان الأوروبي التي استمعت لستة رؤساء تنفيذيين لشركات تصنيع الأدوية بخصوص خطط تسليمها للقاحات كورونا لدول الاتحاد الأوروبي. وتابع كالفين “الآن بدأت معركة الإنتاج الضخم للقاحات”. فرغم تطوير اللقاحات ضد فيروس كورونا في وقت قياسي، إلا أن مفوضية الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء في التكتل الإقليمي تشكوا من مشاكل في التسليم.
وكان نصيب الأسد من غضب نواب برلمان الاتحاد الأوروبي موجهًا في البداية بشكل خاص إلى باسكال سوريوت الرئيس التنفيذي لشركة أسترازينيكا، الذي أثار ضجة كبيرة بإبلاغه لدول الاتحاد الأوروبي بأن شركته، ربما لن تتمكن إلا من تسليم نصف الكميات المتفق عليها في النصف الأول من عام 2021. وقال سوريوت “نأسف لانخفاض كميات الإنتاج في مصانعنا الأوروبية”. لكنه وعد بعد ذلك بتعويض النقص في الإنتاج من وحدات تصنيع خارج أوروبا.
تقاسم المعرفة العلمية مع شركاء جدد
وركز المدير التنفيذي لشركة أسترازينيكا خلال حديثة إلى اللجنة البرلمانية الأوروبية على شرح الصعوبات التي ينطوي عليها الانتقال من التطوير العلمي للقاح إلى إنتاج كميات ضخمة منه في غضون عام. وقال سوريوت “عادة ما يستغرق الأمر عدة سنوات، لكنه أكد في نفس الوقت بتجاوز “تحديات الإنتاج” التي اعتبرها ذات طبيعة مؤقتة.
وكانت الكلمة المفتاحية لدى سوريوت وزملائه رؤساء باقي شركات صناعة الأدوية هي “التعاون المشترك”. والمقصود بذلك هو تقاسم شركاتهم المعرفة العلمية مع شركاء جدد والبحث عن مرافق إنتاج جديدة.
ورغم أن الرئيس التنفيذي لشركة أسترازينيكا قد أكد أن رئيسة المفوضية الأوروبية أورزولا فون دير لاين بإمكانها الثقة في شركته، مؤكدا أنه سيعمل “على تعبئة كل شيء لزيادة القدرات الإنتاجية في الاتحاد الأوروبي”، إلا أنه لم يقدم أي جواب واضح بخصوص تسليم شركة أسترازينيكا للقاحات كورونا بشكل حصري لبريطانيا في بداية الإنتاج، رغم أن الشركة ملتزمة أيضا بعقد مع الاتحاد الأوروبي.
مراحل مختلفة من التصنيع
في المقابل، كانت التصريحات التي أدلى بها ستيفان بانسل رئيس شركة موديرنا تبدو مفهومة إلى حد ما. وقال بانسل في محاولة لتوضيح الصعوبات التي تواجهها شركته “كنا شركة تضم 800 موظف. ومنذ عام لم نكن نتوفر على أي لقاح”.
وتقوم الشركة الأمريكية حاليا بتصنيع اللقاحات لدى شركة لونتسا السويسرية، وتتكفل بعدها شركة إسبانية بإنهاء المرحلة الأخيرة من التصنيع قبل تسليمه لشركة أخرى في بلجيكا لتعبئته في أمبولات. وركز بانسل على أن شركته وافد جديد على هذه السوق، بعدما كانت شركته لسنوات تقوم بأبحاث على نطاق صغير.
وقد ارتفع حاليا عدد العاملين في شركة موديرنا ليصل 1300 موظف، لكن رغم ذلك يبقى عدد المهندسين في الشركة محدودا. وتوكل إليهم مهمة تدريب العمال في شركة لونتسا السويسرية، بالإضافة إلى إنشاء خطوط الإنتاج. وقد تطلب هذا الأمر في سويسرا وحدها ثلاثة أشهر.
أكثر من ملياري جرعة من شركات مختلفة
وكانت شركة موديرنا أيضا قد أبلغت المفوضية الأوروبية بأنها لن تتمكن من تسليم دول الاتحاد الكميات المتفق عليها كاملة من لقاحات كورونا، حيث ستبلغ نسبة العجز 25 في المائة. لكن الشركة الأمريكية وعدت بزيادة الإنتاج بمجرد انطلاق عمليات الإنتاج بشكل صحيح.
وللإشارة نجح لقاح موديرنا في مقاومة طفرة الفيروس في المملكة المتحدة. وفي حالة الإصابة بما يسمى بالمتغير الجنوب أفريقي، فستنخفض كمية الأجسام المضادة بعد التطعيم، لكنها ستظل كافية لتجنيب المرضى من المتابعة الطبية في المستشفيات أو تدهور حالتهم الصحية.
ورغم كل الصعوبات، فإن الأشهر القليلة القادمة ستعرف ظهور مزيد من لقاحات كورونا ستكون كفيلة بإزالة النقص الحاصل حاليا. وبذلك سيكون متاحا لمواطني دول الاتحاد الأوروبي، الذين ينتظرون بشدة تلقي التطعيمات ضد فيروس كورونا، ما يكفي من اللقاحات، خاصة وأن الاتحاد الأوروبي قد طلب أكثر من ملياري جرعة من شركات مختلفة. ومن المتوقع، كما يبدو، أن تعرف حملات التلقيح الجماعية في أوروبا دفعة قوية مع حلول الصيف.