24 ساعة_ و م ع
باعتبارها أول مدينة تحتضن شركة “أوبر” في المغرب العربي وإفريقيا، تعرف شوارع مدينة الدار البيضاء مؤخرا حركية كبيرة في قطاع النقل، مع اقتراح خدمة جديدة بمنظور جديد يساير تكنولوجيا التواصل التي اكتسحت مختلف جوانب المعيش اليومي للناس.
والحال أن هذه الخدمة الجديدة تكتسي في بعض الأحيان شكل تنافس لا يخلو من توتر واحتكاك بين سائقي سيارات الأجرة المهنيين وسائقي الشركة المختصة في تكنولوجيا النقل وسيارات الأجرة “اوبر”، حول أحقية العمل بشوارع المدينة.
وبين من يفضل سيارات الأجرة العادية ومن يلتجئ لخدمات “أوبر” التي تعتمد على تقنية الهواتف الذكية من أجل ربط الصلة بين الزبائن والسائقين، تتباين الآراء بين فئة من الزبناء بقيت وفية لسيارة الأجرة التقليدية (الطاكسي الأحمر) نسبة للونها المميز الذي يجعل منها رمزا من رموز المدينة وجزءا من هويتها الثقافية والحضارية، وبين من عمد الى تشغيل هاتفه الذكي والاتصال ب”اوبر” في خطوة تكرس جليا رقمنة جل مظاهر الحياة.
وفي هذا الصدد، قالت المشرفة على مجموعة “أوبر المغرب” مريم بلقزيز، إن “أوبر حققت نجاحا كبيرا بالمغرب، إذ تتوفر الشركة حاليا على 15 ألف سائق مسجل و200 ألفا سائق عابر مسجلين بالمنصة داخل مدينة الدار البيضاء ما يثبت نجاحها فعليا”، مضيفة أن المجموعة استطاعت بفعل مقاربة تنموية علي المدى البعيد، تأمين مجموعة من العمليات التي أسهمت في تحقيق هذا النجاح ك”أوبر غرين” بمراكش (خلال الدورة الثانية والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ المؤتمر العالمي “كوب 22) عبر سيارات كهربائية وهجينة، و”أوبر فوت” وهي خدمة عبارة عن رحلات مجانية لمكاتب الاقتراع من أجل التصويت و (أوبر رمضان) وهي عبارة عن تبرعات لصالح احدى الجمعيات و”أوبر سيداكسيون” للمساهمة في مكافحة مرض السيدا، إضافة إلى أنشطة أخرى.
وحول المنافسة المحتدمة والصراع القائم بين سائقي الشركة وسائقي سيارات الأجرة، قالت المسؤولة في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء إن بعض مستغلي سيارات الأجرة لا يرغبون في أن يشتغل بعض السائقين مع “أوبر”، رغم أن المجموعة أدمجت أكثر من 300 سيارة أجرة ووضعت تحت تصرفهم المنصة مجانا عبر خدمة “طاكسي”، معربة عن أملها في استقبال مزيد من سيارات الأجرة بالمنصة.
وبعدما نفت المتحدثة أن يكون “أوبر” جاء لمنافسة سيارات الأجرة بل لتوفير خدمة مختلفة وتكميلية، أعربت عن أملها في إبرام اتفاق مع الدولة، أو تنظيم ملائم من أجل تطوير أنشطتها وتوسيعها لتشمل مدن مراكش والرباط وطنجة.
من جهته، قال الكاتب العام الوطني للمنظمة الديموقراطية لمهنيي النقل مصطفى شعون إن الأمر لا يقتصر فقط على “أوبر”، بل إن هذا النوع من الشركات تناسل بشكل كبير حتى وصل عددها إلى تسعة، مضيفا أن الخطير في الأمر أنها لا تتوفر على تصريح من أي جهة مخولة والتي حصرها في وزارات النقل واللوجيستيك والداخلية والسياحة، ما يجعلها تدخل في خانة الشركات “الوهمية” حسب تعبيره.
وسجل المتحدث أن جودة السيارات المستعملة وسهولة استعمال التطبيق على الانترنيت التي تعتمدها الشركة عوامل تجذب الزبون، معتبرا في نفس الوقت أن هذا الأمر ليس سببا كافيا بالنسبة للشركات من أجل الانقضاض على السوق واحتكارها، ما من شأنه أن يفاقم حدة الصراع بين سائقي “أوبر” وسائقي سيارات الأجرة الذي استمر منذ ثلاث سنوات، ليبقى المواطن هو المتضرر الأكبر.
وقال المسؤول إن المهنيين طرقوا جميع الأبواب من أجل إيجاد حل لهذه الأزمة التي تساهم، على حد قوله، في تفاقم أزمة الريع التي يعرفها القطاع، لافتا في هذا الصدد إلى أنه تم رفع دعوى قضائية ضد شركة “أوبر” بسبب ما عرفته شوارع الدار البيضاء من تجاذبات بين سائقي الشركة وسائقي سيارات الأجرة.
من جهة أخرى، استنكر الأمين العام للفدرالية الوطنية لمستغلي سيارات الأجرة رضوان أبوديهي، التهديد الذي أصبح يحوم حول مستقبل سائقي سيارات الأجرة في ظل “الهجوم الشرس الذي تمارسه هذه الشركات ما يشكل حيفا في حق السائقين”.
وأبرز أن “أوبر” لا تشتغل وفق قانون النقل العمومي المعمول به بالبلاد، واضفا هذه الشركات بشركات “النقل السري من النوع الممتاز، وأن الأحرى بها أن تنتهج المسطرة القانونية وتدفع الضرائب التي يدفعها أصحاب سيارات الاجرة عوض اختصار المشوار وتفضيل الربح السريع”.
من جانبه، قال نائب الكاتب العام الوطني للاتحاد المغربي لسيارات الأجرة محمد الخليفة إن سائقي “أوبر” لا يملكون ترخيصا ولا رخصة ثقة من أجل ممارسة هذه المهنة، مضيفا أنهم يقدمون على ممارسات تسيئ لسلامة المواطن، ولمهنة سائق سيارة الأجرة بشكل خاص، بحيث يعتبرون هذه الخدمة مهنة إضافية إلى جانب عملهم الأصلي.
واستنكر المتحدث ما يقوم به من وصفهم ب “خطافة” لأنهم يهددون مصدر العيش اليومي لسائقي سيارات الأجرة، داعيا إلى تقنين هذه المنصة والتنصيص على إدماجها للسائق المهني بمعايير محددة كالتوفر على بطاقة مهنية وبطاقة عمل من مكتب التنقيط لضمان حقوقه.
أما عبد العزيز ناسيك وهو مهني سائق سيارة الأجرة من الصنف الثاني، فقد قال “إن المتضرر الأكبر يبقى هو سائق سيارة الأجرة حيث يتوجب عليه أداء واجبات التأمين التي تبلغ 8000 درهم سنويا و2500 درهم شهريا لصاحب المأذونية، إضافة لمصاريف أخرى تتعلق بإصلاح السيارة، كل هذا دون الاستفادة من خدمات التغطية الصحية.
وعبر السائق المهني عن امتعاضه من مسألة إقدام بعض سائقي “أوبر” على اكتراء سيارات واستعمالها في أداء مهام سيارة الأجرة، متسائلا عن غياب فرص التكافؤ والمهنية والحرفية التي تؤطر هذه الخدمة، لكنه لم ينكر استعداده بالمقابل العمل في ظروف مماثلة لتلك التي تقترحها “أوبر” شرط أن تكون مصرحة من طرف الدولة وتوفر الظروف المهنية والعملية الملائمة.
وفي توضيح لها أكدت وزارة النقل واللوجيستيك والماء، أنها لم تقم بالترخيص للشركة المذكورة بالقيام بأي نشاط كان يهدف لنقل الأشخاص، مبرزة أن مركبات النقل السياحي أو المركبات التابعة لوكالات كراء السيارات بدون سائق، والتي تتعامل معها شركة “اوبر” تخضع لدفاتر تحملات تحدد شروط استغلالها.
وأبرزت الوزارة، أنه سيتم تعزيز المراقبة على أرباب هذه المركبات سواء على مستوى المحاور الطرقية أو على شكل افتحاص داخل المقاولات، وذلك للتأكد من احترامها لشروط الاستغلال المحددة في دفاتر التحملات.