24 ساعة-عبد الرحيم زياد
أقدمت الجزائر على خطوة مثيرة للجدل من خلال استقبالها بمخيمات تندوف لوفدٍ من الحركات الكردية الانفصالية، وهي الخطوة التي أثار تساؤلات عديدة حول الدوافع الحقيقية وراء هذه الخطوة، وآثارها المحتملة على المنطقة، خاصة وان الوفد الكردي قام برفع أعلامً رمزيةً تدل على تطلعاته الانفصالية. وهو ما اعتبرته تركيا استفزازاً مباشراً لها، وهي التي تخوض صراعاً مع حزب العمال الكردستاني منذ عقود طويلة، لذا فأنقرة قد ترى في التحرك الجزائري تهديداً مباشرا لأمنها القومي.
كما أن الخطوة الجزائرية المتمثلة في احتضان الانفصاليين الأكراد، يمكن اعتبارها بمثابة تشويش على التقارب بين المغرب وسوريا، في ظل التقارب المُعلن بين سوريا والمغرب، بعد المكالمة التي جرت بين وزير الخارجية في الحكومة الانتقالية السورية، أسعد الشيباني، ووزير الشؤون الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، مما شكل تحولا جذريا في العلاقات بين الرباط ودمشق، ودخولها مرحلة جديدة بعد سقوط نظام بشار الأسد الذي كان يعادي الوحدة الترابية للمغرب.
في ذات الصدد، أكد المحلل السياسي محمد شقير، في تصريحات خص بها مجريدة “24 ساعة” الإلكترونية، أن ” الخطوة الجزائرية تعكس بشكل واضح طبيعة ردود الأفعال المتبعة من طرف النظام الجزائري القائمة على المعاملة بالمثل والمباشر، والذي ظهر من خلال الإجراءات المتخذة من طرف السلطات الجزائرية ضد كل من اسبانيا وفرنسا، بعد مساندتهما لمبادرة المغرب للحكم الذاتي كما تجسدت في التورط في إقامة كمين لقوات فاجنر بمالي رغم انتماء هذه القوات لروسيا التي تعتبر أهم حليف استراتيجي للنظام الجزائري” .
وبالتالي، يؤكد شقير” فإن ” الخطوة الجزائرية تندرج في نفس السياق حيث أنها تأتي ردا مباشرا على تزويد تركيا لمالي بمسيرات في حربها ضد الحركات الانفصالية الإكوادور التي تحظى بدعم من طرف النظام الجزائري والتي كان استقبالها من طرف هذا الأخير احد العوامل التي دفعت في تأجيج التوتر المستعر بين النظام الجديد بمالي والنظام الجزائري مما أدى إلى تنظيم احتجاجات شعبية أمام السفارة الجزائرية بباماكو مؤخرا.
كما أن الخطوة الجزائرية، يضيف الخبير في القضايا الدولية شقير، تحمل في طياتها ثلاث رسائل سياسية من النظام الجزائري” الرسالة الأولى لتركيا من خلال تحريك الورقة الكردية التي يسعى أردوغان لطيها نهائيا. والرسالة الثانية للنظام السوري الذي إطار بنظام بشار الأسد حليف الجزائر بمنطقة الشرق الأوسط والمدام من طرف تركيا للقضاء على الحركة الكردية الانفصالية بشمال سوريا . في حين أن الرسالة الثالثة فهي موجهة إلى المغرب وحلفاءه بأن النظام الجزائري لا يدعم فقط البوليساريو بل يدعم كل الحركات الانفصالية بما فيهم الأكراد الأتراك والسوريين بالإضافة إلى الازواد في لامالي تحت مبرر تطبيق حق تقرير المصير”.
يشار في ذات الصدد أن الوفد الكردي الذي قام بزيارة مخيمات تندوف حيث جبهة البوليساريو الانفصالية، بعد حصوله على تأشيرة دخول إلى الجزائر وتصريح رسمي لزيارة مخيمات تندوف، التي تخضع لسيطرة الجيش الجزائري. النشاط الذي نظمته جبهة بوليساريو يوم السادس من يناير الجاري، شهد مشاركة نشطاء أكراد عبّروا علنًا عن دعمهم لوحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة وقوات سوريا الديمقراطية، وهي منظمات تصنفها تركيا كمجموعات إرهابية وتشن عمليات عسكرية ضدها بشكل مستمر.