أسامة بلفقير-الرباط
استقبل رئيس الأركان الجزائري سعيد شنقريحة، في باريس ليس أمرا عاديا. فالزيارة هي الأولى من نوعها لمسؤول جزائري بهذه الرتبة إلى فرنسا، وتتميز بطابعها الرمزي العالي وبجانبها غير اعتيادي.
على المستوى الرسمي، يلاحظ أن باريس لم تتواصل إعلاميا بمستوى الزيارة غير المعتادة. لذلك فإن صمت الإليزيه ووسائل الإعلام الفرنسية إزاء هذه الزيارة وأهدافها الغامضة، يحيل على خلفيات وكواليس غير معلنة، وعلى رأسها توقيع عقود يسيل لها اللعاب لشراء أسلحة فرنسية.
هذا الأمر يجعلنا في الواقع أمام خلاصة لا غبار عليها، وهي هذه الأسلحة التي يجري التفاوض بشأنها في إطار هذه الصفقات، توجه بالأساس للقدرات العسكرية الموجهة نحو المغرب من قبل المجلس العسكري الجزائري المتحمس للحرب.
فضلا عن ذلك، فإن رؤساء تحرير الصحافة الفرنسية، الذين اعتادوا على مآدب العشاء السرية مع الرئيس إيمانويل ماكرون
وكذلك على هذا النوع من التمارين، لن يتأخروا في التأليب ضد المغرب ومصالحه الاستراتيجية. مغرب يزعج باستراتيجياته وتوجهاته المتعددة الأوجه وتنوع حلفائه الاستراتيجيين.
إن الزيادة الهائلة في الميزانية العسكرية الجزائرية في عام 2023 وزيارة شنقريحة إلى باريس لإنقاذ خزائن المجمع الصناعي العسكري الفرنسي تؤكد، إن كان الأمر لا يزال بحاجة لتأكيد، على تحول هيكلي في فرنسا، تحت حكم ماكرون، يفضل الجزائر على حساب المغرب، حتى وإن كان الأمر لا يثير مخاوف لدى الرباط ليس فقط لأن القدرات العسكرية الفرنسية ليست بذلك الحاجة الذي يمكن أن يرعب أو يرهب، بل أيضا لأن المغرب استطاع أن يقوي قدرات عسكرية ذاتية وينوع شراكاته على الصعيد الدولية، ويصبح بذلك من نخبة الجيوش عبر العالم..لكن على الصعيد الدبلوماسي، فما يجري في فرنسا هو إشارات تفهم على نطاق واضح بالمملكة.