24 ساعة ـ متابعة
عزز تعيين الجنرال سعيد شنقريحة في منصب وزاري حرج الدور المتزايد للجيش في الحياة السياسية الجزائرية، مما يطرح تساؤلات حول توازن القوى بين المؤسستين العسكرية والمدنية ومدى تأثير ذلك على اتخاذ القرارات المصيرية
جاء تعيين الجنرال سعيد شنقريحة في إطار تعديل حكومي شامل، مما يعكس رغبة في إعادة تشكيل المشهد السياسي الجزائري وتعزيز دور المؤسسة العسكرية. هذا التغيير يثير تساؤلات حول طبيعة النظام السياسي القادم وهل سيكون مدنيًا أم عسكريًا.
في ذات الصدد، أكدت مجلة “أتالايار” الإسبانية، أنه وبهذا التعيين، يكتسب شنقريحة دورًا جديدًا داخل الهيئات المدنية الرسمية. سيكون حاضرًا في مجالس الحكومة والوزراء، ويتدخل بشكل مباشر في سياسة البلاد.
وقبل هذا التعيين، وصف الجنرال شنقريحة بالفعل بأنه “ظل الرئيس” بسبب حضوره الدائم في مختلف الأحداث والأنشطة السياسية التي شارك فيها تبون.
وانتقدت المعارضة العلاقة الوثيقة بين شنقريحة ورئيس الجمهورية باعتبارها انتهاكًا للصلاحيات الدستورية، حيث يُنظر إلى الجيش الجزائري على أنه الحاكم الفعلي للبلاد، في حين أن المؤسسات المدنية مجرد واجهة.
ولم يستبعد متابعو نتائج التعديل الحكومي أن يكون رئيس أركان الجيش قد مارس ضغوطا على طريقته لتعزيز أركان المؤسسة في مختلف أنحاء البلاد، بما في ذلك الحكومة، من أجل حماية المكاسب التي تحققت في السنوات الأخيرة، نظرا لدورها المتنامي في مختلف الكيانات، العسكرية والمدنية، مثل السفارات.
ويشير عدم وجود توافق ضمني بين الجانبين حول عدد من القضايا، وخاصة تلك ذات الطابع الاستراتيجي والدبلوماسي، إلى أن خطوة الرئيس تبون تسعى إلى تقريب شنقريحة من دائرة نفوذه، وربطه بشكل وثيق بسلطته، بهدف ضمان ارتباط قوي ومنعه من التصرف خارج إرادة رئيس الدولة. وقد يكون هذا السيناريو جزءًا من أجندة تبون لتعزيز سلطته على رأس البلاد بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
وظلت العلاقة بين المنصبين غامضة على مدى عدة عقود من رئاسة الجزائر. وكان وزير الدفاع الراحل، الجنرال خالد نزار، قد ضغط بالفعل على الرئيس الذي عينه، الشاذلي بن جديد، إلى جانب ما يسمى بصقور الجيش، للاستقالة وحل المجلس الشعبي الوطني – البرلمان – في أوائل التسعينيات.
وكان الهدف هو خلق فراغ دستوري يسمح للجيش بالتدخل ووقف التقدم الانتخابي لجبهة الإنقاذ الإسلامية. والواقع أن البعض يزعم أن دفع الرئيس الراحل بوتفليقة إلى ترك السلطة كان انقلابًا سريًا دبره الراحل الجنرال قايد صالح.
والآن، يتكرر الوضع مع ترقية الرئيس تبون للجنرال شنقريحة، الذي عينه وزيرًا منتدبا لدى وزير الدفاع، وهذا يثير فرضية أن السيناريو قد يتكرر، بالنظر إلى التوازنات الهشة والتوترات المتجددة بين دوائر السلطة.
ولطالما استخدمت المؤسسة العسكرية مفهوم “الأمن القومي” كذريعة للتدخل في الشأن السياسي، وتبرير تدخلاتها في الحياة المدنية.
ففي كل مرة تشهد فيها الجزائر أزمة، سواء كانت أزمة سياسية أو أمنية أو اقتصادية، يبرز الجيش كحامي الوطن والمؤسسة الوحيدة القادرة على الحفاظ على الاستقرار.