محمد أسوار- الرباط
هاجمت صحيفة ”مونكلوا” الإسبانية، بشدة حكومة بلادها، وذكرت في مقال لها، أن مدريد تدفع ثمن ”التضحية” بعلاقاتها مع المغرب ”إرضاء للجزائر”.
وأبرزت الصحيفة في مقال تحت عنوان ”سانشيز يضحي بعلاقاته مع المغرب لإرضاء الجزائر ومليلية تعاني العواقب”، أن إرسال الوزيرة السابقة المقالة، أرانتشا غونزاليس لايا، إلى العاصمة باريس لإبقائها بعيدا عن أنظار الحكومة، لم يكن له أي تأثير في سياسة الخارجية الإسبانية، التي لم تستوعب الدرس الأول جيدا؛ مؤكدة الصحيفة أن أسلوب لايا في الدبلوماسية لا يزال حاضرا وبقوة في الحزب الإسباني الحاكم.
كاتب المقال في الصحيفة انتقد سياسة بيدرو سانشيز، وقال إن الأخير ”أعاد فتح الجروح”، التي لن تندمل بعدُ مع المغرب، بعد أن هرول إلى الإجتماع مع زعيم الجبهة الإنفصالية؛ ابراهيم غالي، في بروكسيل، على هامش أشغال القمة الأوروبية الافريقية.
الغريب أن ”مونكلوا” صحيفة مقربة من الحكومة الإسبانية، وهو ما يعني؛ فيما يبدو؛ وجود أطراف داخلها غير راضية بتاتا على قرارات رئيسها سانشيز. بل واصلت هجومها على الأخير بالقول إنه لم يفهم الإشارة، في ماي الماضي، حين استقبلت بلاده، زعيم الجبهة الإنفصالية، لتلقي العلاج من ”كورونا”، وكان رد الفعل البلد المجاور ”غزو” غير مسبوق للمهاجرين على مدينة سبتة المحتلة، بأكثر من 10.000 شخص، أغلبهم مغاربة.
وأشارت الصحيفة، إلى أنه بعد أيام قليلة من لقاء سانشيز وغالي، عاد ”الغزو” من جديد، وهذه المرة على مليلية، بأكثر من 2000 مهاجر من جنوب الصحراء. وبالنظر إلى أن التركيز انصب على حرب أوكرانيا، فلا أحد داخل الحكومة، تجرأ على أن يشير بأصبع الإتهام إلى الرباط.
تضيف الصحيفة، بأن ”الوضع معقد، في المغرب، لوحظ الإنزعاج الشديد من سانشيز بعد أن كان الزعيم الأروبي الوحيد الذي استغل قمة بروكسيل، قبل أسبوعين، للقاء زعيم الجبهة الانفصالية”، بعدها كانت مليلية، مسرحا لاقتحام جديد وغير مسبوق، وصل حد عدم إمكانية السيطرة عليه، في أكبر اقتحام للسياج الحدودي، تشهدها المدينة المحتلة في تاريخها؛ وقالت مصادر بوزارة الداخلية الإسبانية هذا ”الاقتحام الجماعي” ليس ”عفويا كما يبدو، ووراءه سبب وهو بالضرورة لقاء سانشيز وغالي”.
وتابع المنبر الإعلامي الإسباني هجومه بنفس الحدة، حين أبرز أن ” قلة قليلة فقط من يفهمون السر وراء عدم امتناع سانشيز عن لقاء الزعيم الانفصالي، الذي لا تجني من ورائه إسبانيا سوى إعاقة العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، وكان بإمكانه إجتناب الإجتماع بكل بساطة”.
وأفادت الصحيفة أن أول أزمة كبيرة بين الرباط ومدريد، اندلعت منذ ما لا يقل عن سنة، حين أصرت وزيرة الخارجية الإسبانية السابقة، أرانشا غونزاليس لايا، على استقبال الزعيم الانفصالي في مستشفى لاروخا، ”رغم تحذيرات وزير الداخلية أنذاك، من تبعات ذلك، حيث من شأنه أن يولد صراعا دبلوماسيا غير مسبوق”.
ويؤكد المصدر، أن الرباط، وجهت، من خلال أحداث مليلية الأخيرة، إنذارا آخرى لمدريد، داعيا حكومة بلادها إلى ”الاستيقاظ”؛ مشددة على أن هذه المقاربة ” لا تقدم شيئا لإسبانيا، بل تعيد فتح جروح لم تندمل بعد”.
ويشير كاتب المقال إلى أن ”إرث لايا لا يزال حاضرا، والخطوات الخرقاء على مستوى الدبلوماسية الخارجية متواصلة”؛ مؤكدا أن مصادر حكومية إسبانية، تتحدث على أن معاملة سانشيز لإبراهيم غالي، مرتبط بحاجة الأخير لإبقاء الجزائر ”سعيدة”؛ لأنه بحاجة إلى غازها، خصوصا بعد اندلاع الحرب بين أوكرانيا وروسيا، وما يشكله ذلك من تهديد حقيقي لأهم مورد للغاز للجارة الشمالية؛ إغلاق مفتاح الغاز الروسي.
وأبرزت الصحيفة أن السيناريو المثالي للحكومة الإسبانية، هو الحفاظ على ”التوازن” وبناء علاقات جيدة مع المغرب؛ لكن بالنسبة إليها الجزائر ”أكثر أهمية في الوقت الحالي”؛ لذلك ستبقى تدفع الثمن.