أسامة بلفقير – الرباط
كشفت جمعية ترانسبرانسي المغرب، في بلاغ لها حول تدبير صفقات قطاع الصحة العمومية خلال جائحة فيروس كورونا، أن وزارة الصحة ارتكبت تجاوزات خطيرة في هذا الشأن.
وسجلت الجمعية أنه وعلى إثر إعلان الحكومة عن المرسوم الصادر في 16 مارس 2020 ، بشأن فرض إعفاءات استثنائية في مجال الصفقات العمومية من أجل الاستجابة للوضعية الصحية الطارئة، وامتدادها إلى مجالات أخرى غير تلك المتعلقة بمجال الصحة، أخطرت جمعية ترانسبارانسي المغرب السلطات العمومية بأن “الغياب شبه الكامل لتأطير الاستثناءات، يمثل بشكل واضح خطرا كبيرا على مستوى استغلال النفوذ و انعدام الأخلاقيات التي يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الفساد الذي يعرف تفشيا”.
وأشارت ترانسبرانسي المغرب إلى أن من بين الملاحظات المسجلة، بناء على تقرير اللجنة البرلمانية المتعلقة بتدبير 333 صفقة من ميزانية قطاع الصحة العمومية، هي الاختلالات في الصفقات المتعلقة بالاختبارات المصلية بقيمة 000 918 213 درهم من حيث السعر وتواريخ انتهاء الصلاحية. في حين أن هذا الاختبار يباع بحوالي 40 درهما في فرنسا مثلا. وقامت الوزارة بشرائه بـ 99 درهما بتكلفة زائدة تبلغ 59 درهما على الرغم من تواريخ انتهاء الصلاحية التي لا تتجاوز 3 أشهر.
وذكر تقرير اللجنة البرلمانية المتعلقة بتدبير 333 صفقة من ميزانية قطاع الصحة العمومية التي عززتها 3 مليارات درهم من صندوق التضامن الخاص بتدبير جائحة كورونا، إلى العديد من الاختلالات الصارخة والمتمثلة في نقص على مستوى الشفافية وانعدام تكافؤ الفرص.
وأبرزت الجمعية، أن هذه الاختلالات التي تمت ملاحظتها ليست شاملة، حيث أن الوثائق التي تم تقديمها للجنة من قبل وزارتي الصحة والمالية غير مكتملة مع تسليمها بتأخير لأكثر من 5 أشهر، الأمر الذي يطرح التساؤل حول مدى تطبيق قانون الحق في الحصول على المعلومات بالنسبة للمواطن (ة) في الوقت الذي تواجه فيه مؤسسة دستورية صعوبات وعراقيل؟
وأورد البيان، أمثلة على الاختلالات التي استعرضها التقرير ومنها عدم احترام القانون رقم 84-12 الصادر في 30 غشت 2013 والذي ينص على إلزام وزارة الصحة والشركات العاملة في قطاع الصحة بتسجيل هذه الشركات منتجاتها وسلعها حتى تتمكن من مزاولة العمل في هذا القطاع.
ثم إبرام عقود مع شركات غير مسجلة لدى الوزارة، واقتناء لوازم شديدة الحساسية غير مسجلة و/ أو مسجلة باسم شركات أخرى وتهميش المنافسين ذوي الملفات الجاهزة ولكن لم تتم دراستها على الرغم من تذكير المعنيين لوزارة الصحة، ملاحظات تشكل براهين للمحسوبية، والمعاملة المزدوجة لطلبات تسجيل الشركات والمواد، وانتهاك مبدأ المنافسة العادلة وتكافؤ الفرص.
زيادة على التسامح مع الترويج لمواد لم تثبت فعاليتها من قبل لجنة تقنية ودون رقابة مسبقة، وهي شروط يجب أن تكون سارية مهما كانت الظروف، مما يعرض صحة المرضى والعاملين في قطاع الصحة للخطر.
كما لوحظ أيضا وجود ثغرة كبيرة في تراخيص الاستيراد لأجهزة التنفس وأجهزة الأكسجين عالية التدفق بينما توجد بدائل أقل ثمنا.
وإضافة إلى هذا الهدر لأموال دافعي الضرائب يضيف البيان، هناك استبعاد لفحوصات اللعاب التي يمكن أن تساهم في الكشف عن الوباء وتخفيف الضغط على المستشفيات العمومية وتخفيف العبء المالي الباهظ الذي يتحمله المواطنون، ويستفيد من هذا الوضع اختبارات الكشف عن فيروس كوفيد ( PCR ) الذي يعكس نزعة مصلحية واضحة.
ونظرا لخطورة التجاوزات التي لاحظتها اللجنة، دعت جمعية ترانسبرانسي المغرب هيئات الرقابة المؤسساتية لتحمل مسؤولياتها الدستورية، ولاسيما المجلس الأعلى للحسابات والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها والنيابة العامة، من خلال الاجتهاد في التحقيقات لتحديد المسؤوليات والنتائج القانونية المترتبة عنها تطبيقا لمبدأ المساءلة الدستوري. وطالبت الحكومة بمراجعة الإجراءات الحالية لتدبير الصفقات العمومية لوزارة الصحة لوقف النزيف الملحوظ في ظل استمرار الجائحة.