يوسف المرزوقي- الرباط
حطمت وزارة الشباب والثقافة والتواصل، رقما قياسيا في عدد الفضائح التي تلاحقها، منذ أن تواجد على رأسها محمد مهدي بنسعيد، نجل أحد أبرز قادة منظمة ”إلى الأمام” الماركسية الراديكالية.
ففي ظرف وجيز، لاحقت الوزارة أزيد من عشر ”فضائح” غير مسبوقة في تاريخها؛ منها ما هو مرتبط بمهرجانات وأخرى بصفقات عمومية تقدر بالملايين.
وسجل الأسبوع الجاري، رقما قياسيا في هذه الفضائح، بدءا من صعود مغني راب إلى منصة مهرجان ترعاه وزارة الثقافة بالعاصمة الرباط، ليوجه كلاما ”زنقاويا” نابيا؛ أمام الالاف من المغاربة وعائلتهم؛ كرسالة شكر إلى وزارة بنسعيد على حُسن تكريمه.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد؛ بل بلغ حد تشجيع ذات مغني الراب على تعاطي الحشيش والمخدرات؛ في ندوة صحفية تلت المهرجان المذكور الذي يحمل اسم ”المهرجانات الكبرى للرباط”. وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول مفهومي الثقافة وقضايا الشباب اللذان تتصف بهما ذات الوزارة المعنية.
في نفس السياق، تحول مهرجان بالدار البيضاء ترعاه وزارة بنسعيد؛ ليلة الجمعة؛ إلى ما يُشبه ساحة حرب، استعملت فيه الأسلحة البيضاء والعصي، وتلونت أرضية ملعب الراسينغ الجامعي الذي أقيم فيه الحفل بالدماء.
وشهد ”بولفار” البيضاء، الذي كان من المفروض أن يكون احتفاء بموسيقى الروك والراب، أحداثا دامية خلفت جرحى في صفوف مئات الأشخاص، وما رافقه من أعمال شغب ونهب وسرقة وإغماءات.
صفقات مشبوهة بالملايير
أثارت جل صفقات وزارة الشباب والثقافة والتواصل؛ منذ تعيين بنسعيد، جدلا واسعا وكانت محط شبهات حول المستفيد الأكبر من تلك الصفقات الممولة من قبل المال العام، والتي تقدر بملايير السنتيمات.
وفي هذا الصدد، فجّرت وسائل إعلام وطنية، العديد من ” فضائح” الصفقات العمومية التي تمت مؤخرا في الوزارة، أبرزها إسناد مشروع صفقة تجهيز 150 قاعة سينمائية لمجموعة ”العمرة” لمالكها ادريس بنعمر المقرب من الوزير بنسعيد.
موقع ”لوديسك” كشف أن الصفقة تمت بمبلغ مالي فاق 138 مليون درهما، موضحا أن الأمر أثار احتجاجا وغضبا واسعا في وسط منافسين كانوا أولى بالصفقة لاستيفائهم الشروط المطلوبة.
قبل ذلك؛ أثارت صفقة ضخمة قدرت بـ 50 مليون درهم (5 ملايير و 389 مليون سنتيم)، خصصتها وزارة بنسعيد من أجل شراء كتب خاصة بالأطفال واليافعين لفائدة مؤسسات الشباب التابعة للوزارة؛ جدلا واسعا أيضا، خصوصا بين مهنيي القطاع.
ويرى المهنيون أن هذا المبلغ الكبير ”كبير جدا”، بالنظر إلى الظرفية الاقتصادية التي تشهدها المملكة.
في سياق متصل، أقدم بنسعيد شخصيا، على إلغاء الصفقات الخاصة بالتغذية الجماعية للمخيمات الصيفية، خلال يوليوز الماضي.
وعبر متعهدون شاركوا في طلب عروضها، وفق ما نقلته جريدة ”هسبريس”، عن استنكارهم على إقدام الوزير بإلغاء تلك الصفقات وإسنادها، بشكل مشبوه، لمقربين من الوزارة.
ووجهت أنذاك اتهامات للوزير بضرب مبدأ المنافسة عرض الحائط، كما تكرس مبدأ المركزية من خلال التعامل مع متعهدين محددين، دون توسيع دائرة المستفيدين المتواجدين داخل الأقاليم، والاقتصار على المقربين من المديرين الجهويين.
ووصلت هذه القضية أبواب القضاء والمحاكم، بسبب ما ساد من شبهات حولها.
إعفاءات مشبوهة بالجملة
ذهب عشرات المناديب والمدراء الجهويين ومسؤولين بارزين؛ ضحية وصول بنسعيد إلى رأس وزارة الثقافة والشباب والاتصال.
فخلال مدة وجيزة، أحدث بنسعيد زلزالا غير مفهوم في مناصب المسؤولية بالوزارة، وكان من أبرزها إنهاء مهام المدير الإقليمي للثقافة بتارودانت؛ الذي سبق وأن ”احتقره” زميله في ”البام”، وزير العدل عبد اللطيف وهبي بكلام مُهين، أو ما بات يعرف بواقعة ” لون تقاشرك”.
كما أقدم بنسعيد، على إعفاء أربعة مدراء جهويين، بشكل مريب، دفعة واحدة، دون تحديد دوافع ودواعي ذلك.
وكشفت جريدة ”الاتحاد الاشتراكي” في عددها الأخير، أن أربعة مديرين جهويين تابعين لقطاع الشباب بوزارة الثقافة والتواصل والشباب، يوم 23 شتنبر الأخير، بقرارات الإعفاء من مهامهم، دون تحديد أسباب ودوافع تلك القرارات.
وتقول مصادر قريبة من الوزارة، وفق لسان حزب الاتحاد الاشتراكي؛ إنها جاءت لتنضاف إلى سلسلة من قرارات الإعفاء همت 12 مديرا إقليميا، وكذا قائمة من الإعفاءات لمجموعة من المسؤولين المركزيين ومدراء مراكز حماية الطفولة.
في هذا السياق، أعفي كل من المدير الجهوي لمديرية الرباط ووجدة وأكادير والدار البيضاء، وهي المديريات التي تمثل أهم وأكبر المديريات الجهوية التابعة لوزارة الشباب.
وطرحت القرارات، حسب المصدر دائما، تساؤلات حول أسبابها وظروف اتخاذها، خاصة أن الوزارة لم تعلن في أي بلاغ لها عن دوافعها في إصدار هذه السلسلة من الإعفاءات.
بالرغم من أن أجهزتها تروج لأخبار تتعلق بتمسك الوزارة بتطبيق مبدأ الأربع سنوات كحد أقصى لشغل المهمة على رأس مديرية جهوية.
في الوقت الذي تغض فيه الطرف عن مديرين عمروا زمنا طويلا في نفس المديريات، إذ هناك من لايزال في نفس موقعه منذ 12سنة، وآخر منذ سبع سنوات.
فضيحة الزليج
ضدا على التوجيهات الملكية في خطابه الأخير بمناسبة الذكرى الـ 23 للعرش، والذي دعا فيه إلى الحرص على ”تعزيزالتقارب والتواصل والتفاهم بين الشعبين”، المغربي والجزائري (ضدا على هذه الإرادة)، افتعل الوزير بنسعيد قضية تافهة تتمثل في رفع دعوة قضائية ضد الجزائر لاستعمالها صورة ”الزليج” المغربي، في قمصان منتخبها!
وتساءل مراقبون حول كم كلفت تدوينة محامي على ”فيسبوك” من المال العام، من أجل الدفاع عن قضية تافهة مثل هذه. وقد تُعد أغلى ”تدوينة” في العالم من أجل الدفاع عن قضية غير عادلة.
ورافق الأمر موجة استهزاء وسخرية عارمة، من لدن العديد من المغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي.
داخل للوزارة “مايل”
يبدو أن المثل المغربي الشهير ”قالُّوا بّاك طاح، قالُّوا من الخيمة خرج مايْل”، ينطبق تماما على محمد مهدي بنسعيد، وإن كانت الخيمة في هذه الحالة هي وزارة الثقافة والشباب والاتصال. بوادر هذا ”الميلان”، بدأت منذ الأيام الأولى لتولي منصبه، حيث سقط في خطأ بروتوكولي فادح أو فاضح، حين أول نشاط رسمي له، وهو يستقبل وفدا أجنبيا.
وأظهرت صور متداولة على نطاق واسع، شهر أكتوبر الماضي، الوزير الشاب، يضع ”رجل على رجل” وهو يستقبل وفدا أمريكا رفيع المستوى عن اللجنة الأمريكية اليهودية AJC.
وكان حينها محط تهكم لعدم احترامه لأدنى معايير الأدب والأخلاق، حتى وإن لم يكن ف يمنصب المسؤولية الذي يتطلب قواعد اللباقة الدبلوماسية المعهودة في اللقاءات الرسمية.