24ساعة- آسية الداودي
تعرف العلاقات المغربية الإقتصادية ، دينامية حقيقية، في الفترة الاخيرة، توّجت بحضور رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز رفقة 12 وزيرا إسبانيا إلى العاصمة الرباط، من أجل التوقيع على مجموعة من الإتفاقيات التي من شأنها أن تقوي العلاقات الثنائية الإقتصادية بين الرباط ومدريد.
في هذا الإطار ، يتحدث المحلل السياسي والمهتم بالشأن الإسباني عبد الحميد البجوقي. في هذا الحوار مع جريدة “24 ساعة” الإلكترونية. عن التطورات التي تشهدها العلاقات المغربية الإسبانية. على ضوء زيارة بيدرو شانشيز للرباط لترؤس أشغال القمة المغربية الإسبانية. التي لم تعقد منذ ثمتني سنوات.
بعد تطور العلاقات المغربية الإسبانية تحدث عن سياق تنزيل القمة الإسبانية المغربية ؟
ـ يأتي هذا اللقاء الذي كان سنويا بعد تأخير 8 سنوات من الأخير الذي انعقد في مدريد سنة 2008. كما يأتي بعد انفراج الأزمة بين المغرب وإسبانيا التي كان سببها استقبال زعيم البوليساريو في مستشفى إسباني باسم مستعار. والتي انتهت في أبريل من السنة الفارطة برسالة رئيس الحكومة الاسباني بيدرو شانشيز لملك المغرب تعترف فيها إسبانيا بمغربية الصحراء. واعتبار مشروع الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب المقترح الوحيد والممكن والواقعي لحل النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
كل المؤشرات تؤكد أن حجم هذا اللقاء يفوق بكثير لقاءات القمة السابقة. سواء على مستوى حجم الوفد الاسباني المشارك ب12 وزير يترأسهم رئيس الحكومة الاسباني بيدرو شانشيز، أو من حيث توقيع عدد كبير من الاتفاقيات الثنائية بين البلدين التي تم تحديدها في 20 اتفاقية. إضافة إلى توقيع إعلان غير مسبوق في تاريخ العلاقات المغربية الاسبانية كإطار جديد للعلاقات بين البلدين وإصرار الطرفين على تطويرها وتلافي عودة الأزمات المتكررة التي ميزتها في العقدين الأخيرين.
هناك عدة ملفات شائكة بين المملكة المغربية والاسبانية كيف يمكن للقمة الرباط ومدريد ان تشكل منعطفا قويا للدفع بالعلاقات الثنائية ؟
ـ بقدر ماهي ضرورية وحيوية العلاقات بين المغرب وإسبانيا. بقدر ما كانت تاريخيا صعبة ومعقدة لأسباب تتعلق أساسا بالسياسات السابقة للجارة الشمالية في تعاملها مع مصالح المغرب الحيوية. وفي مقدمتها قضية الصحراء المغربية وعناصر أخرى شائكة تتعلق بالحدود البحرية بالخصوص، كما كانت تفتقر إلى وقت قريب للندية والتوازن في الشراكة بين الطرفين. وتقديري أن رسالة رئيس الحكومة في أبريل من السنة الفارطة إلى ملك المغرب تعترف فيها إسبانيا بمغربية الصحراء. واعتبار المقترح المغربي الحل الممكن والواقعي والوحيد لحل النزاع المفتعل في الصحراء كانت مفتاح انطلاق علاقات جديدة متوازنة وفي إطار الندية والمصالح المشتركة.
ولعل أبرز الملفات الشائكة ملف الهجرة غير النظامية والأمن ومحاربة الإرهاب. وهي ملفات باشرها المغرب بجدية ومسؤولية وفاعلية مشهودة، لكنه كان يشترط إطار شراكة يضمن مصالح البلدين ويرفض صراحة دور دركي الحدود. تقديري أن إسبانيا فهمت مؤخرا شروط علاقات متوازنة مع المغرب بداية بتغيير جذري في موقفها بشأن موضوع الصحراء. ما شكَّل منعطفا قويا للدفع بالعلاقات الثنائية إلى مستوى ينافس علاقات المغرب بفرنسا.
هناك ملف الهجرة ملف ترسيم الحدود والملف الاقتصادي والسياسي في قضية الصحراء المغربية. كيف يمكن أن تشكل القمة خارطة طريق بين مدريد والرباط ؟
ـ يعتبر ملف الهجرة محوريا في علاقات المغرب مع إسبانيا ومع الاتحاد الأوروبي إلى جانب الملف الأمني ومكافحة الإرهاب. ولم يتخلى المغرب عن دوره وتعاونه في هذه الملفات. لكنه ألح في تنظيم هذا التعاون بشكل يضمن مصالح كل الأطراف المعنية، وظهرت جليا تداعيات عودة العلاقات الثنائية بتراجع عدد المهاجرين غير النظاميين القادمين إلى إسبانيا عبر المتوسط والأطلسي بنسبة 31% خلال السنة الفارطة. وكذلك على المستوى الاقتصادي. حيث تجاوز التبادل التجاري بين البلدين نسبة 16%، متفوقا على معدل التبادل التجاري بين إسبانيا وأمريكا اللاتينية.
ومقابل تراجع التبادل التجاري المغربي الفرنسي إلى أقل من 12%. وكذلك نتابع الاهتمام المتزايد لرجال الأعمال والمقاولين الاسبان بمشاريع البنية التحتية في المغرب. وبالخصوص في مجال السكك الحديدية وتحلية مياه البحر، ويزمع الطرفان في هذه القمة توقيع اتفاقية مالية جديدة تعوض سابقتها الموقعة سنة .2008 تهدف تمويل مشاريع في المغرب بقيمة 800 مليون أورو.
عدد الاتفاقيات المزمع توقيعها والوفد الحكومي الاسباني الذي يحضر في هذا اللقاء. ولقاءات موازية لمنظمات المقاولين ورجال الأعمال المغاربة والاسبان، ومواضيع الاتفاقيات تجعل من هذه القمة محطة أساسية في العلاقات المغربية الاسبانية. وتطبيق خطة طريق جريئة وواعدة أساسها البيان المشترك بين الحكومتين بعد انفراج الأزمة وزيارة رئيس الحكومة بيدرو شانشيز للرباط. مستهل شهر رمضان الفارط.
كيف يمكن أن تؤثر العلاقات المغربية الإسبانية في الأزمة الصامتة بين فرنسا و المغرب ؟
ـ يأتي هذا اللقاء في ظل أزمة صامتة بين المغرب وفرنسا ، وتوتر بين المغرب والبرلمان الأوروبي بعد تصويت هذا الأخير نهاية شهر يناير الفارط. على قرار ينتقد بشدة وضع حقوق الانسان وحرية التعبير في المغرب. والذي تحوم الشكوك حول تورط أطراف فرنسية في توقيته ومضامينه بهدف تفجير التقارب الاسباني المغربي.
إسبانيا في تقديري تراهن على شراكة متينة ودائمة مع المغرب، وهذه المقاربة الاسبانية لا تتعلق بموقف أو قرار حكومة بيدرو شانسيز اليسارية، بقدر ما هي قرار دولة لن يتغير بوصول اليمين الشعبي الاسباني إلى الحكومة. وهذا ما يفسره تصويت الاشتراكيين الاسبان في البرلمان الأوروبي لصالح المغرب وامتناع ممثلي الحزب الشعبي الاسباني عن التصويت (عدم الحضور).
وتراهن إسبانيا مستقبلا على علاقات متميزة مع المغرب كشريك استراتيجي، وأن ترفع تحدي منافسة الحضور الأمريكي المتزايد ـ مقابل التراجع الفرنسي ـ سواء على المستوى العسكري أو على مستوى التبادل التجاري(7%). أو على مستوى الاستثمار(33% )، وكذلك مع الصين التي تزاحم بقوة في مجال التبادل التجاري مع المغرب(12%). ومشاريع الاستثمار المستقبلية.
إسبانيا حسمت في قرار تطوير علاقتها مع المغرب واستفادت من الدرس الأمريكي بعد اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء ببراغماتية. وتراهن على دور أكبر في علاقتها بالمغرب وعبره في إفريقيا. وتطوير التعاون الأمني وملف الهجرة ومكافحة الارهاب.
تجدر الإشارة أن هذه القمة الثنائية بين المغرب وإسبانيا تواجه بعض التحديات، أبرزها ملف ترسيم الحدود البحرية. وملف المراقبة الجوية للطيران على الأقاليم الجنوبية. الذي لا تبدي إسبانيا استعدادا لحسمها في المدى القريب..