سناء الجدني-الرباط
يعد الفنان القدير عبد الرحيم التونسي المعروف ب”عبد الرؤوف”، والذي غادرنا فجر اليوم الإثنين إلى دار البقاء، بعد صراع طويل مع المرض وعن سن ناهز 86 سنة، من رواد الفكاهيين المغاربة، الذين رسموا البسمة على شفاه المشاهدين خلال فترة طويلة من حياته في عالم الفن.
بدأ عبد الرؤوف، أولى خطواته على خشبة المسرح بداية ستينات القرن العشرين، وبصم على مشوار فني حافل بالنجاحات، وظلت شخصية “عبد الرؤوف” لصيقة به طوال مشواره الفني.
الفكاهي عبد الرؤوف وإسمه الحقيقي عبد الرحيم التونسي، من مواليد عام 1936 في مدينة الدار البيضاء.
واشتهر الفكاهي الشاب حينها بلباسه الفضفاض المميز وبمظهره الطفولي.
حياة “عبد الرؤوف” مضحكة كشخصيته. بعد طفولة يتيمة قرر عبد الرحيم التونسي الالتحاق بالحركة الوطنية، فتم اعتقاله وتعذيبه من طرف الفرنسيين.
في ظل هذه الظروف، تعرّف على مجموعة من المقاومين الذين كانوا يقومون بعروض مسرحية لإدخال الفرحة على السجناء. وكانت بداية تجربته الأولى في مجال الفكاهة من خلف القضبان.
بعد خروجه من السجن، أسس رفقة رفاقه، فرقة مسرحيةـ إلا أنه سرعان ما تفرقت بهم السبل.
وابتكر شخصية عبد الرؤوف الهزلية سنة 1960، بعد أن استوحاها من زميل سابق له في الدراسة كان يعتبر تجسيدا لكل ما هو مثير للسخرية، فأعجب بها الجمهور وأضحكت أجيالا متعاقبة.
وبدأت العروض تتوالى في صالات المسارح المكتظة بالجمهور وتقام بشبابيك مغلقة، وأصبحت الأشرطة الصوتية تباع بالآلاف.
وفي سنة 2011، حظي عبد الرحيم التونسي بالتكريم من قبل مؤسسة ليالي الفكاهة العربية بمدينة أونفيرس البلجيكية التي اعتبرته “أفضل فكاهي مغربي في القرن العشرين”.
ومن أبرز محطات عبد الرؤوف في مسيرته، الفنية هو تقديم عروض أمام الملك الراحل الحسن الثاني.
وقال عبدالرؤوف في أحد تصريحاته الصحفية : ” كانت من أجمل اللحظات في حياتي هي تقديم عروض أمام الملك الحسن الثاني. كنت أشتغل حينها في شركة “صوماكا”، وتوصلت بخبر من طرف المدير بأن القصر وجه إلينا دعوة لتقديم عرض بإفران. عند وصولنا صادفنا العديد من الفنانين الذين كانوا ينتظرون دورهم لإحياء الأمسيات التي كانت تنظم بالقصر، وحين اقترب عيد الأضحى، منحنا الملك هدية مالية، ثم تمت دعوتنا إلى القصر الملكي بالرباط حيث أدينا عرضا بحضور الملك الراحل الحسن الثاني، وحين انتهى العرض جاء الحسن الثاني يبحث عني في الكواليس، فلم يتعرف عليّ بعد أن أزلت الماكياج، فسألني أين عبد الرؤوف؟ فقلت: “أنا هو” فأجاب ضاحكا: “دير الطربوش أصاحبي باش نتعرف عليك”.
وخلال مسيرته الطويلة، ترك المرحوم ريبرتوارا متنوعا من الأعمال الفنية، يشمل على الخصوص مئات التمثيليات الفكاهية، فضلا عن مشاركته في العديد من الأعمال التلفزيونية وعملين سينمائيين، ويتعلق الأمر بكل من ماجد (2011) وعمي (2016).