وجه الدبلوماسي السابق عبد القادر الشاوي انتقادات لاذعة إلى المؤسسات الحزبية المغربية في السنوات الأخيرة، حيث وصفها، أنها تعمل على شرعنة الاستفادة الطبقية من الخيرات الوطنية على قاعدة الولاء المضمون للحاكم).
الحلقة الثانية
حاورته : خديجة سبيل
في حوار له مه مجلة نساء المغرب نشر منذ شهرين يرى عبد القادر الشاوي ان الاحزاب المغربية تعبر عن ثلاث اختيارات عامة أيضا: الأحزاب التاريخية أو ما يمكن تسميته بذلك التي تمادت في صياغة المشروع المجتمعي أزمانا، ثم تخلت عنه في حمى التحولات البرغماتية التي طبعت المشهد المغربي، وخصوصا منذ انتخابات 1976 البلدية ثم التشريعية فيما بعد. فقد كان لكل حزب من تلك الأحزاب مشروعا وطنيا للتطور (التعادلية 1963، التقرير الإيديولوجي 1975، الثورة الوطنية الديموقراطية 1977…) تمكنت بواسطته من رسم مشروع المعارضة السياسية وتأكيده في المواجهة الاجتماعية والسياسية مع النظام السياسي القائم واختياراته العامة (غالبا ما كانت تسمى تلك الاختيارات باللاشعبية واللاديموقراطية..) فضلا عن استقطاب فئات اجتماعية شعبية، تواصلت معها وساندت مشروعها وربما قدمت تضحيات كثيرة في سبيله.
ويؤكد عبد الشاوي في حوار تعيد نشره صحيفة 24″ ساعة” أن ثم هناك الأحزاب “اللاتاريخية” (أفضل هذا على اسم الإدارية) التي أُنشِئت في مختلف مراحل التطور السياسي في المغرب لأسباب كثيرة أهمها دعم النظام السياسي الحاكم، وتأطير الفئات الاجتماعية المستفيدة، أو التي يمكن أن تستفيد، من ريعه ومشاريعه الاقتصادية وغير الاقتصادية.
ويشير الديبلوماسي السابق عبد القادر الشاوي أن هذه الأحزاب “اللاتاريخية” لعبت (لأنها تأسست خارج دينامية الصراع المجتمعي وبقرارات فوقية إدارية وغير إدارية)، وخصوصا في فترات ما سمي بالمسلسل الديموقراطي أدوارا مختلفة على وجهين: إسناد النظام السياسي والدفاع عن اختياراته ومشاريعه في التنمية التي افترضها لتطور البلاد (ومعلوم أن هذه المشاريع قادت في العموم إلى مزيد من التفقير لفئات والاغتناء الفاحش لفئات أخرى). أما الوجه الآخر، فهو الإيهام بوجود حياة ديموقراطية قائمة على التعدد والاختلاف، وربما (شرعنة الاستفادة الطبقية من الخيرات الوطنية على قاعدة الولاء المضمون للحاكم).
وأشار الشاوي إلى أن وهناك، الأحزاب البرغماتية رغم طبيعتها الإيديولوجية الخاصة، المتسمة بالرفض والمعارضة “الجذرية” كذلك، وهي صغيرة ومتوسطة في الغالب، ظهرت في بعض مراحل التطور السياسي في البلاد كصيغة من الصيغ الممكنة لضبط بعض التوجهات السياسية، يسارية ومحافظة، التي لم تكن تحظى من قبل بالاعتراف، أو هي نفسها، بحكم الإيديولوجيا أو الموقف التاريخي، لم تكن قادرة على (الانخراط الشرعي) التلقائي في المجال السياسي، بسبب شروطه الإلزامية. وفي حالات أخرى أيضا، كان هذا المجال السياسي تحت وصاية وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية الأخرى ولا يسمح لها بالطبع، خصوصا حين كان يعجز عن شق تلك الأحزاب أو تطويع بعض أجنحتها بالوجود، أو يمانع فيه بتعلات سياسية مختلفة، لا يفصح عنها في الغالب (مع الأقرار بأن بعضها ما زال لحد الآن لم يظفر بالوجود الشرعي لأسباب أخرى).
ينشر بالإتفاق مع مجلة “نساء في المغرب”