الرباط-عماد مجدوبي
عن جدارة واستحقاق، جرى توشيح المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني، عبد اللطيف حموشي، بوسام الأمير نايف للأمن العربي من الدرجة الأولى، الذي يمنح للشخصيات الأمنية القيادية التي كان لها دور مهم وإسهام متميز في ضمان الأمن والاستقرار على المستوى العربي. وقد تم الإعلان عن هذا التوشيح ضمن أشغال الدورة الثانية والأربعين لمجلس وزراء الداخلية العرب.
التوشيح يأتي بعدما اختارت الأمانة العامة لجائزة الأمير نايف للأمن العربي عبد اللطيف حموشي للحصول على وسام الدرجة الأولى لهذه السنة، تقديرا لما اعتبرته “جهوده الموفقة في تدعيم مسيرة العمل الأمني المشترك وتعزيز الحضور العربي في المحافل الدولية”.
هذا التوشيح يشكل اليوم اعترافا جديدا بالدور الذي يلعبه الرجل، على رأس المديرية العامة للأمن الوطني، كواحد من قادة الأمن والسلام الذين يساهمون في تحقيق طمأنينة ليس فقط الشعب المغربي، لكن أيضا شعوب عدد كبير من الدول الشقيقة والصديقة، من خلال التعاون الذي كسر منطق الحدود، وجعل من تحقيق الأمن والسلام عنوان لجهاز الأمن المغرب.
منذ توليه هذا جهاز الأمن الوطني بمختلف اختصاصاته، نجح عبد اللطيف الحموشي في تحقيق نقلة نوعية في أداء المؤسسة الأمنية في المهمات الكبرى. فبفضل حنكته الاستخباراتية وقدرته على تطوير احترافية العنصر البشري، تحول الأمن المغربي إلى مرجع عبر العالم، تعترف به الدول الكبرى كفاعل أساسي في تثبيت السلم والأمن، والتصدير للجريمة الإرهابية والمنظمة.
ثورة أمنية
أحدث عبد اللطيف حموشي، المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني، ثورة غير مسبوقة في المشهد الأمني المغربي. ومكن عمله المغرب من أن يصبح قوة أمنية رائدة في المنطقة ولاعباً مهماً على الصعيد الدولي في مجال مكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب. وقد استندت جهوده إلى توجه استراتيجي يهدف ليس فقط إلى حماية المواطنين، ولكن أيضاً إلى تعزيز الاستقرار الإقليمي والدولي.
من خلال برنامج إصلاح شامل، ركّزت قيادة حموشي على مبادئ الابتكار وتطوير أساليب استباقية للتعامل مع التهديدات الأمنية. وتم دعم هذه الرؤية عبر التعاون المتبادل وتبادل المعلومات مع الشركاء الدوليين، إضافةً إلى تحسين تدريب وتأهيل القوى الأمنية.
هذه الرؤية الشاملة عكست منطقاً إنسانياً ووقائياً، حيث عززت قيم التسامح والتعايش السلمي، مما ساهم في جعل النموذج المغربي مرجعاً إقليمياً وعالمياً.
سيرة ومسيرة
بينما كان المغرب يواجه تحديات أمنية صعبة خلال فترات متقلبة، برز حموشي كقيادي متمرس أثبت كفاءته وشخصيته الاستثنائية منذ بداية مسيرته المهنية. وُلِد عام 1966 في بني فتاح قرب تازة، وقضى طفولته في فاس حيث تابع تعليمه التقليدي. بعد حصوله على شهادة البكالوريا، التحق بكلية الحقوق بظهر المهراز وانضم إلى وزارة الداخلية في سن مبكرة.
تميزه واحترافيته دفعاه سريعاً للانخراط في صفوف المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني التي تعرّف من خلالها على مختلف التحديات الأمنية التي كانت تهدد المغرب آنذاك.
صعوده الكبير جاء بفضل مزيج استثنائي من الرجاحة الفكرية والخبرة الميدانية. في سنة 2005، وعمره لا يتجاوز 39 عامًا، عُيّن رئيسًا للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني بعد سلسلة أحداث خطيرة أبرزها تفجيرات الدار البيضاء سنة2003.
في 2015، أصبح أول شخصية تجمع بين رئاسة جهازين أمنيين حيويين هما المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني. جهود حموشي لم تقتصر على التحلي بالقيادة داخل حدود الدولة، بل امتدت لتشمل علاقات دولية بناءة؛ إذ يُعرف بحسن تعامله وقدرته الرائدة في تعزيز مكانة المغرب كفاعل أساسي في الأمن العالمي.
إصلاحات هيكلية
تحت قيادته، تم تنفيذ إصلاحات هيكلية عززت مستوى الكفاءة والانضباط داخل قوى الأمن الوطني وشملت: تحديث شامل لمنظومة الشرطة من حيث الشكل والجوهر – تحسين الظروف الاجتماعية والمهنية لعناصر الأمن – تمكين المرأة بشكل كامل عبر نظام توظيف حديث وفرص التطوير المهني – تنظيم “أيام مفتوحة” دورية بهدف تعزيز التفاعل مع المواطنين. – إنشاء المعهد الدولي لتكوين الشرطة بمدينة إفران لتأهيل قادة أمنيّين مغاربة وأفارقة – تأسيس مختبر علمي وتقني متطور للشرطة في الدار البيضاء لتحسين القدرات التقنية.
إحباط هجمات إرهابية
إلى جانب ذلك، ساهمت الجهود المغربية في إحباط العديد من المخططات الإرهابية وتفكيك الشبكات الإجرامية العابرة للحدود. كما جرى إطلاق برامج لإعادة تأهيل المتطرفين وإدماجهم في المجتمع، بالإضافة إلى حملات توعية للشباب لمناهضة التطرف.
كان آخر هذه الجهود، على سبيل المثال لا الحصر، إجهاض مخطط إرهابي وشيك التنفيذ بإقليم برشيد، الذي كانت وراءه ما يعرف بـ”خلية الأشقاء الثلاثة” وعنصر رابع.
وقد تمت هذه العملية الأمنية بفضل “تنسيق ثلاثي” بين القوة الخاصة التابعة للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، وعناصر المكتب المركزي للأبحاث القضائية، وعناصر الفرقة الجوية والمركز القضائي للدرك الملكي.
دبلوماسية أمنية ناجحة
وتمكنت الدبلوماسية الأمنية المغربية من تعزيز التعاون الوثيق مع العديد من البلدان والشركاء الدوليين. الإنجازات لا تتوقف هنا، فقد شملت دعم الأحداث الكبرى مثل الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وكأس العالم للأندية، والمنافسات الرياضية القارية والدولية، مما رسخ مكانة المغرب الدولية كدولة آمنة ومستقرة.
بفضل هذه التحولات، أصبح المغرب نموذجًا يُحتذى به بحسب مؤشر الإرهاب العالمي كبلد يتمتع بمخاطر منخفضة للغاية. بإيجاز، العمل الذي يقوده عبد اللطيف حموشي يشكل علامة فارقة في التاريخ الأمني المغربي الحديث وجزءًا من الإرث الذي تسعى المملكة لترسيخه على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي.