إعداد-زينب لوطفي
الرياضيون المغاربة ليسوا مجرد أبطال في ميادينهم، بل هم رموز للعزيمة والإرادة التي تعكس قيم الانضباط، الصبر، والعمل الجاد.
في رمضان، حيث تتعزز الروح الإنسانية والتضامن، نلتقي مع هؤلاء الأبطال الذين استطاعوا أن يصبحوا قدوة للأجيال الجديدة، محققين إنجازات عظيمة على المستويين الوطني والدولي.
كل حلقة من هذه السلسلة ستأخذنا في رحلة عبر مسيرة أحد الرياضيين المغاربة، نستعرض خلالها أبرز محطات حياته المهنية والشخصية، وكيف تحدى الصعاب ليصل إلى القمة.
إن قصصهم تحمل في طياتها دروسًا في القوة الداخلية والتفاني في العمل، مما يجعلها مصدر إلهام لكل متابع.
انضموا إلينا في هذه الرحلة الرمضانية المميزة عبر جريدة “24 ساعة” الإلكترونية، وتعرفوا على أبطال المغرب الذين رفعوا اسم بلدهم عاليًا في مختلف المحافل الرياضية.
الحلقة الرابعة والعشرون
عبد المجيد الظلمي، اسم ارتبط بفن كرة القدم وأخلاق الملاعب، وصار رمزا رياضيا خالدا في ذاكرة المغاربة. ولد الظلمي في 19 أبريل 1953 بمدينة الدار البيضاء، وترعرع في أزقة حي درب السلطان، حيث بدأ مسيرته مع كرة القدم التي سرعان ما خطفت الأضواء بفضل موهبته الفذة ولمساته السحرية.
اشتهر الظلمي بأسلوبه الأنيق في التحكم بالكرة وقراءته الاستثنائية للعب، مما جعله أحد أبرز لاعبي وسط الميدان في تاريخ كرة القدم المغربية، لم يكن مجرد لاعب عادي، بل كان مايسترو يتحكم في إيقاع المباريات بتمريراته الدقيقة وقدرته على استرجاع الكرة دون عنف، وهو ما جعله يحظى باحترام الجماهير والخصوم على حد سواء.
قضى عبد المجيد الظلمي أغلب مسيرته الكروية مع نادي الرجاء الرياضي، الذي دافع عن ألوانه منذ السبعينيات وحتى أواخر الثمانينيات، ليصبح أحد رموزه الخالدة، ورغم وفرة الألقاب الجماعية في تلك الفترة، ظل الظلمي مثالا يحتذى به في الانتماء والوفاء لقميص “النسور”.
على المستوى الدولي، كان الظلمي جزءًا من جيل ذهبي للكرة المغربية، شارك مع المنتخب الوطني المغربي في عدة بطولات، أبرزها كأس العالم 1986 بالمكسيك، حيث صنع مع زملائه التاريخ بوصول “أسود الأطلس” إلى الدور الثاني في إنجاز غير مسبوق للكرة الإفريقية والعربية آنذاك.
لم تقتصر إنجازات الظلمي على أدائه داخل الملعب فقط، بل حظي بتقدير كبير بفضل روحه الرياضية العالية، في عام 1992، حصل على جائزة اللعب النظيف من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، تكريما لسلوكه المثالي الذي لم يشُبه أي طرد طيلة مسيرته.
رحل عبد المجيد الظلمي عن عالمنا في 27 يوليوز 2017، لكن ذكراه لا تزال حيّة في قلوب الجماهير المغربية، و سيبقى “المايسترو” أسطورة كروية وإنسانية، ومثالًا للاعب الذي لم يكتف بمهاراته بل صنع الفرق بسلوكه وأخلاقه.
في كرة القدم، قد ينسى الناس الأهداف والنتائج، لكنهم لا ينسون أبداً من جسدوا قيم اللعبة في أنبل صورها، والظلمي كان أحد أبرز هؤلاء.