24 ساعة-متابعة
أكد الرئيس الأول لمحكمة النقض، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، محمد عبد النباوي، اليوم الأربعاء بالهرهورة، أن التشريع المغربي التحق بركب التشريعات الحديثة التي تبنت نظام العقوبات البديلة للعقوبات السالبة للحرية.
وأبرز عبد النباوي، خلال افتتاح أشغال اليوميين الدراسيين المنظمين من طرف رئاسة النيابة العامة، بشراكة مع مجلس أوروبا، وبتنسيق وتعاون مع المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، حول موضوع “العقوبات البديلة للعقوبات السالبة للحرية: من أجل تنزيل أمثل لمقتضيات القانون رقم 43.22″، أن الأمر يتعلق بعقوبات تنفذ خارج الفضاءات السجنية المغلقة، أي في فضاء مفتوح، وفي أجواء تحافظ إلى حد كبير على النمط العادي للحياة للفرد المحكوم عليه.
وأشار إلى أن الدراسات والمتابعة المستمرة للنتائج المحصل عليها من تطبيق العقوبات البديلة أكدت أن النتائج المحصل عليها من هذه الأخيرة أجود من تلك التي حققها تطبيق العقوبات الحبسية، مشيرا إلى أن ذلك تجلى في انخفاض نسبة العود إلى الإجرام بين الذين خضعوا لعقوبات بديلة، مقارنة مع الذين نفذوا عقوبات سالبة للحرية، وتبين أن العقوبات الاجتماعية أكثر فائدة بالنسبة لبعض حالات الإجرام المرتبطة بقضايا الإدمان.
وأضاف أن الدراسات المقارنة أبرزت أن العقوبات البديلة أقل كلفة للمجتمع من العقوبات السالبة للحرية، وقد تنقص الكلفة بالنسبة لبعض الحالات لغاية عشرة أضعاف. بل إن بعض العقوبات البديلة تكون مربحة للمجتمع.
وقال عبد النباوي إنه “إذا كانت التجربة المستخلصة من الأنظمة القضائية المقارنة التي جربت تطبيق العقوبات البديلة خلال العقود الأربعة الماضية، قد بينت أنه يمكن بواسطة هذه العقوبات، الحصول على نتائج أحسن وبتكاليف مالية أقل من الفوائد التي تحققها العقوبات السالبة للحرية، فإنه لا يسعنا اليوم إلا الانخراط التام في تطبيق المقتضيات القانونية الجديدة”.
وأكد أنه إذا كان دور السلطة القضائية في تنفيذ القانون الجديد سينطلق ابتداء من ثامن غشت القادم، فإن السلطة القضائية والقطاعات الحكومية المعنية مباشرة، وهي وزارة العدل والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، تعمل في المرحلة الحالية على تهيئ القضاة وأطر كتابة الضبط والأطر السجنية لحسن تطبيق القانون الجديد.
وأبرز أن القضاة مطالبون، وفقا لمنظور النص الجديد، بالحكم بهذه العقوبات كبديل لعقوبة الحبس التي يرون ضرورة الحكم بها، وكذا تطبيق العقوبة البديلة المناسبة لكل حالة، حتى يتحقق الردع المتوخى منها.
واعتبر أن نجاح تطبيق هذه العقوبات يتطلب انخراط المجتمع في الموضوع عن طريق قبوله باستبدال العقوبات السالبة للحرية بالعقوبات البديلة المستحدثة. ففلسفة المشرع من سَنِّ هذه العقوبات ترمي إلى إحلالها محل عقوبة الحبس، التي يجب أن تُتْرَكَ للحالات التي لا تنفع فيها عقوبة بديلة.
ويعرف اليومان الدراسيان مشاركة خبراء من مجلس أوروبا وممثلين عن رئاسة النيابة العامة، والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ووزارة العدل، ووزارة الداخلية، والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج.
وتناقش جلسات اليومين الدراسيين مواضيع تهم “الإطار القانوني الوطني والمقارن للعقوبات السالبة للحرية”، و”دور الأجهزة القضائية في تنزيل القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة”، و”دور الأجهزة التنفيذية/ الإدارية في تنفيذ العقوبات البديلة للعقوبات السالبة للحرية”.
ويهدف اللقاءان إلى “تعريف قضاة الحكم وقضاة تطبيق العقوبات وقضاة النيابة العامة بمقتضيات القانون المتعلق بالعقوبات البديلة رقم 43.22 وأهميتها في السياسة العقابية في بلادنا”، و”الإطلاع على تجربة دول مجلس أوربا في كيفية تنفيذ العقوبات البديلة والنتائج التي حققتها”، و”التعرف على مختلف أصناف العقوبات البديلة وكيفية تطبيقها الواردة في القوانين المقارنة”، و”إبراز كيفية تفعيل كل صنف من أصناف العقوبات البديلة الواردة في القانون رقم 43.22″، و”التعريف بأدوار مختلف الأجهزة القضائية وغير القضائية في إقرار وتتبع ومراقبة تنفيذ العقوبات البديلة”، و”بحث سبل التعاون والتنسيق بين قضاة النيابة العامة وباقي المتدخلين في تنفيذ العقوبات البديلة”.
وذكرت ورقة تأطيرية أن اللقاءين يأتيان في إطار مواكبة رئاسة النيابة العامة للمستجدات التشريعية ذات الصلة بمجال عملها، وسعيا إلى تعزيز قدرات قضاة النيابة العامة وتمكينهم من تكوين مستمر ومنفتح يُيسر لهم التطبيق السليم والعادل للمقتضيات القانونية، وفي سياق الاستعداد لتفعيل القانون رقم 43.22 الذي سيدخل حيز النفاذ في غشت المقبل.