منذ أن رفع جلالة الملك محمد السادس شعار “ربط المسئولية بالمحاسبة”، لم يتورع بعض كبار المسئولين عن تصريف هذا الشعار وتحويره وفق أهوائهم ومتطلبات مصالحهم الخاصة. ففي العمق لا ينحصر تقصير أي مسئول في تدني أدائه وعجزه عن تصريف المهام الموكولة اليه ولكنه يمتد ليشمل مخالفات أخرى قد تكون في بعض الأحيان أكثر خطورة وأكثر تغولا على مصالح الغير.
هذه الحالة بالتحديد تكاد تتجسد في الوضع الراهن لعبد النبي بيوي رئيس جهة الشرق المنتمي الى حزب الأصالة والمعاصرة. فمن جهة، يلعب دور السياسي الذي نذر نفسه للخدمة العامة ومن جهة أخرى لا يتردد في استغلال علاقاته الحزبية لبسط نفوذه الشخصي وزيادة ثروته بقطع الطريق على أصحاب المقاولات الراغبين في تأمين أرزاقهم بالمنافسة الشريفة المرتكزة على قواعد الشفافية والجودة ونظافة اليد.
ولعل المثير للملاحظة في هذا السياق أن الخرجات الاعلامية لبيوي تهدف أساسا الى التستر على جانبه المقاولاتي الخاص باظهار صورته الخدمية العامة. ففي الأيام الماضية، جند كتائبه الاعلامية للتطبيل للانجازات التي قامت بها جهة الشرف لتعبيد بعض الطرق الرابطة بين مداشر وقرى الجهة. واذا كنا لا نملك الا أن نصفق لأي مجهود يرمي الى عزلة المناطق النائية، الا أننا لن نكف عن البحث عن الظروف والملابسات التي مكنت البامي” بيوي من الفوز بصفقة بناء سد واد غيس بتكلفة مليار وثلاثمائة مليون درهم حسب تقدير كاتبة الدولة السابقة في الماء خاصة أن السد يدخل ضمن مشروع “الحسيمة منارة المتوسط” الذي سينجز في الجهة التي يرأسها الياس العماري الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة. وفق ما نقلت عدد كبير من المواقع الإلكترونية، وقد سبق لشركة بيوي المعروفة باسم “Bioui Travaux أن فازت في السنوات القليلة الماضية بصفقات لانجاز مجموعة من المشاريع المتعلقة بالأشغال العمومية كسد ثلاث الجمعة باقليم افران وتوسيع طريق وطنية باقليم شتوكة آيت باها، وفق ما اكدته مواقع الكترونية.
هذه النجاحات المتلاحقة دون انقطاع تطرح في الواقع تساؤلات عديدة حول التقاطعات المحتملة بين السياسة والاقتصاد واحتمالات توظيف العلاقات الحزبية لخدمة رأس المال دونما اعتبار لشروط ومواصفات المنافسة الشريفة في مغرب يسعى الى تكريس وترسيخ قيم العدالة والمساواة بين الفاعلين الاقتصاديين بمقتضى قدراتهم وإمكاناتهم الخاصة. ولأن نهضة المغرب تعتمد أساسا على تراكم نجاحات فاعليه الاقتصاديين إلا أن بعض النجاحات تبدو مريبة وباعثة على طرح كثير من الأسئلة المزعجة. ولهذا نأمل ألا تكون شركة بيوي هي تلك الشجرة التي تخفي غابة من الممارسات غير اللائقة وغير المشروعة.