الدار البيضاء-أسماء خيندوف
سجلت المالية العامة للمغرب بداية عام 2025 بارتفاع حاد في عجز الميزانية، وفقًا لما أفادت به وزارة الاقتصاد والمالية في تقريرها حول وضعية تحملات وموارد الخزينة حتى نهاية يناير 2025.
وأظهر التقرير تفاقم العجز ليصل إلى 6.9 مليار درهم، مقارنة بـ1.7 مليار درهم خلال الفترة ذاتها من العام الماضي، أي بزيادة تفوق 300%.
ويرجع هذا التدهور المالي إلى تسارع وتيرة الإنفاق العمومي، حيث ارتفعت النفقات بنحو 10.4 مليار درهم، مقابل زيادة متواضعة في الإيرادات لم تتجاوز 5.2 مليار درهم. وعلى الرغم من التحسن الملحوظ في الإيرادات الضريبية، إلا أن تراجع المداخيل غير الضريبية ساهم في تعميق العجز.
تباين في أداء الإيرادات
أظهرت بيانات وزارة الاقتصاد والمالية أن الإيرادات الضريبية ارتفعت بنسبة 19.3%، لتصل إلى 32.4 مليار درهم، مدعومة بنمو قوي في مداخيل الضريبة على الدخل، التي قفزت بنسبة 78.2% بفضل التسوية الطوعية للوضعية الضريبية. كما سجلت الضريبة على القيمة المضافة زيادة بنسبة 9.6%، مستفيدة من ارتفاع مداخيل الضريبة الداخلية والرسوم المفروضة على الاستيراد.
في المقابل، تراجعت الإيرادات غير الضريبية بشكل حاد بنسبة 44.5%، منتقلة من 1.9 مليار درهم إلى 1.1 مليار درهم، وهو ما حدّ من تأثير النمو المسجل في المداخيل الضريبية.
قفزة في النفقات العمومية
على صعيد المصاريف، ارتفعت النفقات العادية للدولة بنسبة 60.7%، لتبلغ 42.1 مليار درهم. وسجلت نفقات السلع والخدمات قفزة كبيرة، حيث تضاعفت تقريبًا لتصل إلى 39.1 مليار درهم، مدفوعة بارتفاع أجور الموظفين والمصاريف التشغيلية الأخرى.
وفي المقابل، شهدت نفقات صندوق المقاصة انخفاضًا بنسبة 34.5%، نتيجة تراجع الدعم الموجه لغاز البوتان ودقيق القمح اللين والسكر، مما خفّف جزئيًا من الضغط على المالية العامة.
تزايد الحاجيات التمويلية
أما فيما يتعلق بالاستثمارات العمومية، فقد ارتفعت إلى 13 مليار درهم، مسجلة زيادة قدرها 751 مليون درهم مقارنة بيناير 2024، مع تحقيق معدل إنجاز بلغ 12.3% من توقعات قانون المالية للسنة الجارية. كما سجلت الحسابات الخاصة للخزينة فائضًا بلغ 15.8 مليار درهم، مقابل 9.5 مليار درهم خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
وفي ظل هذا العجز المتزايد، واجهت المالية العامة حاجة تمويلية ملحّة بلغت 26.2 مليار درهم، مقابل 11.3 مليار درهم في السنة الماضية. واعتمدت الحكومة على السوق المحلي لتأمين جزء من هذا التمويل، حيث بلغ صافي الاقتراض الداخلي 13.3 مليار درهم، في حين تقلّصت القروض الخارجية بواقع 35 مليون درهم.
وتعكس هذه الأرقام وضعًا ماليًا دقيقًا يستدعي اتخاذ تدابير حاسمة لموازنة الإيرادات والنفقات. ومع استمرار ارتفاع العجز، تبدو الحاجة ملحة لمراقبة الإنفاق العمومي وتعزيز الإيرادات الضريبية وغير الضريبية، بهدف الحفاظ على استقرار المالية العامة وتفادي تفاقم الضغوط الاقتصادية.