عرف نادي جامعة القاضي عياض بمدينة مراكش، نهاية هذا الاسبوع ندوة علمية حول ” تطور القضاء الدستوري بالمغرب: قراءة مقارنة”، من تنظيم ماستر القانون العام الداخلي وتنظيم الجماعات الترابية.
واستهل اللقاء العلمي الذي ترأسه الدكتور عبد الفتاح بالعمشي، أستاذ العلاقات الدولية بكلية الحقوق بمراكش، بمداخلة الأستاذ عضو المجلس الدستوري رشيد المدور حول:”اجتهادات القاضي الدستوري ودورها في تطوير الممارسة البرلمانية”، أجرى خلالها مقارنة بين المغرب وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية على مستوى الرقابة، مشددا أن أن دفع المجلس الدستوري بعدم دستورية القوانين يعني اكاديميا الجمع بين منطق مدرستين نسبيا القضائية والسياسية، والمراحل التي مر بها القضاء الدستوري المغربي، الأولى مرحلة الغرفة الدستورية والمرحلة الثانية فتتمثل في المجلس الدستوري.
وارتباطا بالموضوع القضاء الدستوري، قال الدكتور اعبوشي منسق الماستر، أن مداخلة الأستاذ المدور الجامعة بين النظري والممارسة تشكل فائض القيمة باعتباره فاعلا ساهم في إعداد أنظمة داخلية وقوانين، مما يعطي القيمة لمداخلته قيمة بيداغوجية بالدرجة الأولى، وأن الحديث عن المحكمة يستوجب منا تحديد طبيعتها وخصائصها وأين تدخل في التنظيم القضائي للمملكة، وأنه على مستوى القضاء الدستوري هناك مراقبة قضائية، حيث كل المحاكم لها سلطة مراقبة دستورية القوانين، وقال:” أي متقاضي له الحق أن يدفع بعدم دستورية قانون من القوانين والقاضي له أن لا يطبق ذلك القانون في تلك النازلة وانه كلما رقي مستوى التقاضي كلما تم إلغاء بعض القوانين والعمل بها”.
كما استعرض الدكتور أعبوشي سياق حكم القاضي مارشال وكيف بحث بشكل ذكي في أحقية القضاة في رفض قرارات التعيين وعدم تسلها، وأنه حين يتعارض الدستور مع القانون فإن السمو والبقاء للدستور، مؤكدا أن بعض الأنظمة في القضاء استطاعت أن تجد لها مكانة داخل النظام السياسي بلغت درجة إزعاج السياسيين، وبدأ الحديث عن حكومة القضاء.
الباحث أمين السعيد، عند إشكالية التعديلات التي تجرى في القوانين التنظيمية كما هو عليه الحال بالنسبة للتعيين في المناصب العليا الذي خضع لأزيد من أربعة تعديلات، القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب عدل لثلاث مرات، وقال بأن الملاحظة العامة التي توصل إليها وهي قابلة للمساءلة أن قرارات المجلس االدستوري ظلت سجينة الممارسة السياسية في العلاقة بين الملك والحكومة والبرلمان، وأنه غالبا ما تميل لصالح الملك على حساب الحكومة والبرلمان، وتميل للحكومة إذا كان الأمر يتعلق باختلاف مع البرلمان.
وأضاف أن لجنة العدل والتشريع والوزارة المختصة لم تقدم في مذكرتها التقديمية تعريفا للمؤسسات الإستراتيجية، وأن المجلس الدستوري كان من المفروض أن يقدم اجتهادا في تعريف المؤسسات الإستراتيجية، إلا أن الاجتهاد الذي قام به قوله “أنه لا يمكن أن يقدم أي تحديد للمفهوم مادام أن الممارسة لم يحصل معها أي اختلال بين”، وقال: “بعض القرارات المتعلقة بمراقبة النظام الداخلي لسنة 2013 المادة 174 التي تفعل الفصل 174 لمراجعة الدستور، القاضية بأن الملك إذا أراد أن يراجع الدستور يتقدم بمراجعة الظهير ويدعوا المجلسين للاجتماع، غير أن مكتب المجلسين ( النواب/المستشارين) قال بأنه هو من له صلاحية تجديد توقيت الجلسة، وهنا تدخل المجلس الدستوري ورفض اعتبار التوقيت من صلاحية مكتبي مجلسي النواب، لأن هذا متناف مع الدستور، من منطلق اعتبار الملك هو الذي يختص بمراجعة الدستور كسلطة تنفيذية فرعية وهو الذي يقوم بدعوة المجلسين للاجتماع ومن تم فهو الذي له صلاحية تحديد تاريخ موعد الجلسة.
وأردف الباحث أمين السعيد القول، بصيغة اعتراضية:” لكن بالعودة إلى الدستور نجد الملك هو من له الحق في مراجعة الدستور ودعوة المجلسين، ولكن لا نجد له الحق في تحديد تاريخ الجلسة وهنا الاجتهاد مال لجهة الملك”، وأوضح أنه لو ترك للبرلمان ذلك فهو لن يمس بصلاحيات واختصاصات الملك حتى يتم التخفيف من اللاتوازن الذي يطبع الوثيقة الدستورية، وشكل اللقاء فرصة لطلبة ماستر القانون العام الداخلي وتنظيم الجماعات الترابية للتفاعل مع موضوع اللقاء العلمي بطرح مجموعة من الإشكالات النظرية وارتباطها بالممارسة.
أكد رشيد المدور عضو المجلس الدستوري، أن العلاقة بين الغرفة الدستورية والبرلمان دائما تطبعها وضعية ما اسماه بالصراع الخفي، ودلك في مداخلة عنونها ب:”اجتهادات القاضي الدستوري ودورها في تطوير الممارسة البرلمانية”، وذلك في الندوة العلمية التي نظمها ماستر القانون العام الداخلي وتنظيم الجماعات الترابية، صباح اليوم السبت فاتح ابريل، بقاعة الاجتماعات بنادي جامعة القاضي عياض.
وهي المداخلة التي استعرض فيها بالشرح والتحليل خصائص الدستور التي لها علاقة بالموضوع من سمو قواعده والثبات والاستقرار، مبرزا أن دستور 2011 بدأ يزاوج بين فكرة الجمود وفكرة المرونة، وأن القضاء الدستوري المغربي مر بمرحلتين أساسيتين: الأولى مرحلة الغرفة الدستورية لدى المجلس الأعلى في ديسمبر 1963 اختصاصها محدود يتمثل في الرقابة القبلية الواجبة واستمر العمل بها زهاء 30 سنة بحصيلة 820 قرار، أما المرحلة الثانية فتتمثل في المجلس الدستوري الدي تم تنصيبه في 21 مارس 1994، وهو مجال فيه استقلالية عن التنظيم القضائي وتم توسيع اختصاصاته بإضافة الرقابة القبلية الاختيارية.
وكشف المدور، أن هذه المرحلة نظريا انتهت مع دستور 2011 لكنها على مستوى الممارسة لا يزال عملها بها مستمرا إلى غاية تنصيب المحكمة الدستورية، وأن المجلس الدستوري أصدر إلى حدود اليوم 1030 قرارا وأن اختصاصه أصبح يشمل حتى المعاهدات الدولية التي صادق عليها البرلمان إلى جانب اختصاص جديد يهم الدفع بعدم دستورية القوانين.
كما أجرى الأستاذ المدور مقارنة بين المغرب وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية على مستوى الرقابة، حيث المغرب يعتمد نظام الرقابة السياسية وهو نفس الشيء بفرنسا وهي رقابة قبلية، فيما نجد الرقابة القضائية بأمريكا وهي رقابة بعدية، مشددا أن أن دفع المجلس الدستوري بعدم دستورية القوانين يعني اكاديميا الجمع بين منطق مدرستين نسبيا القضائية والسياسية.
وحول مستجدات العمل البرلماني التي الاجتهاد القضائي، أكد عضو المجلس الدستوري، أن هده الأخيرة كانت بعد 2011، والتي تتمثل في: الإعلاء من مكانة البرلمان في النظام السياسي المغربي، نظام ثنائية برلمانية جديدة النظام البرلماني دائما كان يرتكز على الثنائية التمثيلية، التخفيف من قيود العقلنة البرلمانية، العقلنة البرلمانية باعتبارها مجموعة من الآليات الدستورية التي تهدف إلى ضمان استقرار السلطة التنفيذية والحد من سيادة البرلمان وهيمنة القانون.
وحول اشكالية تدرج القوانين، أكد الأستاد المدور أن هده الفكرة قديمة ومتجدرة في تاريخ الثقافة الإسلامية، وأن أول من أشار إلى هذا المعنى هو القران الكريم نفسه، كما كان للمقاربة التاريخية حضور في مداخلة دات المتحدث، حيث كشف أن الملك الراحل الحسن الثاني قام في مناسبتين بالموافقة على تكوين لجنتين نيابيتين في غياب لأي نص دستوري يقر بعدم دستورية لجان التقصي، الأولى تتعلق بتقصي الحقائق في قضية تسريب أسئلة الامتحانات سنة 1977 لتهدئة الأوضاع والمناسبة الثانية تخص أحداث فاس وطنجة لسنة 1990، وأن مخرجات هاتين اللجنتين خلقت رغبة لدى البرلمانيين لتكريس لجان التقصي وتزايد شهية وطمع مجلس النواب الذي نص في قانونه الداخلي على هذه اللجن، غير أن الغرفة الدستورية كان لها موقف اخر وظلت متمسكة بموقفها القاضي بعدم قانونية لجان التقصي.